/

محاكمات الفساد.. هل يحاول القضاء الجزائري امتصاص غضب الشارع قبل الانتخابات؟

146 views

يصر القضاء الجزائري على إجراء المحاكمة للمسؤولين في نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بأسرع وقت ممكن، قبل موعد إجراء الانتخابات المقرر بتاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ما يثير الشك حول جهود السلطات في إخماد غضب الشارع الرافض للانتخابات.

منذ الإعلان عن تاريخ المحاكمة شهدت الجزائر جدلاً واسعاًمنذ الإعلان عن تاريخ المحاكمة شهدت الجزائر جدلاً واسعاً (AP)

بدأت محاكمة عدد من المسؤولين الجزائريين في نظام عبد العزيز بوتفليقة السابق بتهم الفساد وإساءة استغلال الوظيفة وتبديد المال العام وتبييض الأموال والرشوة، وتضم اللائحة وزراء ومسؤولين كباراً في الحكومة السابقة، بالإضافة إلى عدد من رجال الأعمال، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الجزائر التي يمثُل فيها مسؤولون بهذا الحجم أمام القضاء بتهم الفساد.

ومنذ الإعلان عن تاريخ المحاكمة شهدت الجزائر جدلاً وطالبت هيئة الدفاع المكونة من عشرات المحاميين بتأجيلها نظراً إلى عدم توفر شروط إجرائها في ظروف عادية وسرعة برمجتها، بخاصة أن البلاد تعيش سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بينما رفضت المحكمة إرجاء موعدها واكتفت بتأجيلها ليومين.

وزير الداخلية الجزائري صلاح الدين دحمون وصف المعارضين لإجراء الانتخابات بأنهم “خونة ومرتزقة ومثليون جنسياً وبقايا استعمار”، فيما ينقسم الشارع الجزائري بين مؤيد لها كونها ضرورة لإخراج البلاد من الأزمة الحالية، ومعارضين يعتبرون أنها مصمَّمة لإعادة تدوير رموز النظام السابق.

تصريحات وزير الداخلية أثارت غضباً كبيراً في مختلف شرائح الشارع الجزائري بخاصة عندما وصف المشاركين في المظاهرات الرافضة للانتخابات بألفاظ مشينة جداً، حسب مراسِلة TRT عربي، زينب بن زيطة.

كما تطرقت الصحف المستقلة الجزائرية إلى الموضوع وقالت إن تدخل الاتحاد الأوروبي في الشأن الجزائري خدم السلطة في هذه المرحلة الحساسة التي تسبق الانتخابات. وعن دوافع التصريحات، قالت بن زيطة: “لا أحد يعرف المغزى منها”.

بدء محاكمات رموز نظام بوتفليقة في ملفات الفساد وعلى رأسهم الوزيران الأولان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال

إصرار غامض على المحاكمة

بعد طلب هيئة الدفاع تأجيل محاكمة رموز النظام السابق المتهمين بالفساد، رفضت المحكمة للمرة الثانية الطلب، وتمسكت بمباشرة محاكمة المتهمين.

وحسب تسريبات من مصدر خاص لـTRT عربي، سعت هيئة الدفاع لتأجيل محاكمة الفاسدين إلى ما بعد إجراء الانتخابات، وأكد المصدر وجود شكوك من قبل هيئة الدفاع وعدم الثقة بالمحكمة التي تريد فقط الإسراع بمحاكمة المتهمين لإصدار أحكام قد تكون ثقيلة على هؤلاء لتهدئة الشارع الجزائري.

ويرجح المصدر هذه الفرضية بسبب عقد المحاكمة قبل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية التي تواجهها احتجاجات شعبية كبيرة جداً، يرفض من فيها ذهاب البلاد إليها دون التخلص من جميع رموز النظام السابق ومحاكمتهم.

وبعد قرار القاضي بفتح الجلسة ومباشرة محاكمة المتهمين، قررت هيئة الدفاع الانسحاب من الجلسة نهائياً وخرجت إلى الشارع.

وتقول مراسلة TRT عربي إن الهيئة عقدت مؤتمراً صحفياً نددت فيه بالظروف غير الملائمة بسبب الفوضى التي تسبب فيها حضور المواطنين للجلسة العلنية، وتحدثوا عن ظروف المحاكمة، إذ خُصصت قاعة صغيرة جداً لم تتسع حتى لرجال الأمن وهيئة الدفاع المكونة من أكثر من50 محامياً، على الرغم من أنها المحاكمة الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر.

ويعتقد محللون أن هذه المحاولات تكشف نية السلطات الجزائرية جعل هؤلاء المتهمين كبش فداء للخروج أمام المتظاهرين الرافضين للانتخابات بمظهر الدولة التي تحقق العدالة.

تحضيرات ومناظرات

تحاول السلطات في الجزائر والداعمون للانتخابات الترويج بأنها ستجري في أجواء ديمقراطية ضاربين عرض الحائط برأي الشارع الغاضب من إجرائها، فقد صرح مسؤول الإعلام لدى السلطات الجزائرية علي ذراع بأن موعد المناظرة التلفزيونية بين المترشحين للرئاسيات قد حُدد يوم الجمعة المقبلة، حسب وكالة الأنباء الجزائرية.

ووضح عضو السلطة رشيد بردان أن التحضير لهذه المناظرة التلفزيونية “جارٍ القيام به بجدية”، مضيفاً أن “مثل هذه المناظرات تمكّن المواطن من الاطلاع من كثب على البرامج الانتخابية ومعرفة ما يقدمه كل مترشح على حدة بصفة دقيقة”.

وكتبت جريدة الشعب في افتتاحيتها الثلاثاء، مقالا بعنوان ساعة الحقيقة، أشارت فيه إلى أن المناظرات “علامة أخرى تسجل للسلطة المستقلة التي تسعى لإجراء انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة تخرج البلاد من وضعية الانسداد السياسي وتدخلها إلى ورشات استكمال بناء الدولة الوطنية القوية بمرجعيتها، قيمها، أسسها وتطلعها إلى استعادة موقعها الجيوسياسي ضمن خارطة الأمم”.

وأضاف الكاتب أن هذه العلامة المميزة تعيد إلى المواطن ثقته، وتدمجه في أجواء الانتخابات، وأضاف: “المناظرة بين المترشحين المرتقبة هذه الجمعة، المنتظر أن تبث عبر القنوات الثقيلة السمعية البصرية العمومية والخاصة المعتمدة، هي سابقة في تاريخ الجزائر، تترجم مصداقية العمل السياسي المنجز في محيط تحاول أطراف مناوئة للحل الدستوري تعكير جوّه بالضرب على وتر الأزمة ومحاولات الترويج للمغالطات”.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

Previous Story

صادرات الأجبان الفرنسية الشهيرة تواجه خطراً كبيراً مع تهديدات ترامب الجمركية

Next Story

عزل ترمب.. مجلس النواب يبدأ صياغة لوائح اتهام في حقّ الرئيس

Latest from Blog