رادار – نيوز: تتواصل الاجتماعات المكثفة ما بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي في مسعى للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وفق الخطة الاصلاحية التي وضعتها الحكومة. الاّ أن الأزمات الداخلية بدأت تتظهر أمام وفد الصندوق، لا سيما لناحية التفاوت في الارقام ما بين وزارة المالية والمصرف المركزي، والاختلاف في وجهات النظر. كما ان غياب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة عن الاجتماع الرسمي الأول في وزارة المالية عبر تقنية “الفيديو كونفيرنس” مع المسؤولين في صندوق النقد الدولي بحيث عكس غيابه استمراراً لصورة الكباش المحتدم بينه وبين رئيس الحكومة الذي أعاد تلميحاً اتهامه لسلامة بعدم الامتثال إلى طلب ضخ السيولة بالعملة الخضراء في السوق، مجدداً إثارة الموضوع على طاولة مجلس الوزراء من زاوية التأكيد على وجوب قيام حاكم المركزي بهذه الخطوة. كيف تجري المفاوضات
أوضحت مصادر مواكبة للمفاوضات الجارية مع الصندوق أنّ سلامة الذي أوفد 6 ممثلين عن المصرف المركزي للمشاركة في اجتماع أمس الأول كان قد سجل تحفظه على الأرقام الواردة في خطة الحكومة التي رفعتها إلى صندوق النقد، معتبراً أنها تضمنت أرقاماً غير دقيقة ولا تعبّر عن الواقع المالي للدولة، وعليه فإنه استمهل المعنيين لوضع خطة المصرف المركزي وتصوره للأرقام المالية والنقدية الحقيقية خلال عشرة أيام، بحيث تكون مشاركته في الاجتماعات اللاحقة مع ممثلي الصندوق الدولي مبنية على أساس خطة “المركزي” وليس على أساس الأرقام الواردة في خطة الحكومة تمهيداً للشروع في التباحث مع صندوق النقد في سبل الاتفاق على برنامج عمل عملي قابل للتطبيق للخروج من الأزمة. ووصف مصدر شارك في الجلسة لـ”اللواء” بانها كانت معمقة وتناولت جوانب تفصيلية وتقنية دقيقة في خطة الحكومة للانقاذ المالي ،خاض فيها وفد الصندوق، مقاربا كل مكوناتها ولكنها لم تكن حسب توقعات الجانب اللبناني الذي لم يكن موحدا في الجلسة، وإنما بوجهتي نظر، الاولى عكسها وزير المال غازي وزني ومن معه، في حين ابلغ وفد مصرف لبنان الذي غاب عنه الحاكم رياض سلامة الصندوق ان المصرف لم يشارك في وضع الخطة ويرى في بعض جوانبها تعارضا مع النظام المصرفي والاقتصاد الحر. اما وزير الذي استهل الكلام في الجلسة شارحا تفاصيل الخطة بشكل عام والازمة التي يواجهها لبنان حاليا مبينا بالتفاصيل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواكبة تنفيذ الخطة،مشيرا الى الاصلاحات الضريبية ألتي باشرت وزارة المال وضعها والتوجه لتطوير تحصيل الرسوم والضرائب وهيكلة القطاع المصرفي ومصرف لبنان وشارحا آلالية المتضمنة الاستعانة بالودائع المصرفية لفئة معينة من المواطنين اصحاب الودائع الكبيرة لايفاء الدين العام، ولافتا الى اصرار الحكومة على إجراء الإصلاحات المطلوبة في القطاعات الحكومية وتخفيض كلفة القطاع العام من دون الدخول في تفاصيل ماهو مطروح القيام به في هذه القطاعات التي تلحظها الخطة اونسب التخفيصات فيها ومقدرا في خلاصة كلامه حاجة لبنان للمساعدة بمبلغ عشرين مليار دولار كي يستطيع تجاوز أزمته الصعبة.ثم تناوب على الكلام أعضاء وفد وزارة المال والخبراء المختصين وشرح كلا منهم ضمن اختصاصه البنود الواردة في الخطة. ولخص المصدر ردود.
وتركزت الأسئلة على ما اصطلح تسميته بالثقوب المالية لمالية الدولة ألتي تتسبب بها حركة تهريب البضائع والسلع عبر المعابر غير الشرعية على الحدود بين لبنان وسوريا وضعف الرقابة الجمركية على المرافئ والمطار.
وبحسب الاخبار فان حكِم مصرِف لبنان لم يتعمّد، وحسب، التغيّب عن الجلسة الأولى للتفاوض، ومن دون أي مبرّر، بل إن ممثليه الذين حضروا الاجتماع، تصرّفوا من منطلق العداوة للحكومة، بحيث أشار وفد “المصرف المركزي” إلى أنه “لا يستطيع تقييم خطة الحكومة لا سلباً ولا إيجاباً”، بحجة أنه “لم يُشارِك بوضعها”. لكن ما جزم به وفد مصرف لبنان أمام مفاوضي صندوق النقد هو أن “خسائر القطاع المصرفي المُقدّرة في الخطة مبالغ بها وغير دقيقة”. وبحسب مصادر معنية، فإن أداء وفد مصرف لبنان يضرّ بموقف لبنان التفاوضي في وجه صندوق النقد الذي لاحظ وفده التباينات الواضحة في المواقف بين أعضاء الوفد اللبناني.
الخلاف السياسي مستمر
هذا على صعيد المفاوضات، أما على المستوى السياسي، لا يزال رئيس الحكومة حسان دياب مصمماً على ضرورة إطاحة سلامة. وهو أكّد أمس، في جلسة مجلس الوزراء، أن الحكومة لن تسمح بتمييع التحقيق في قضيتَي التلاعب بالليرة والفيول المغشوش، مطالباً مصرف لبنان بالتدخل لكبح ارتفاع سعر الدولار. أتى ذلك بعدما وردت إلى دياب، ومسؤولين آخرين، معلومات لا تقلّ خطورة عن قضية التلاعب بسعر الليرة. هذه المعلومات أتت تحديداً من محضر الاجتماع الذي عُقد أول من أمس بين الوفد اللبناني (غير الموحّد) ووفد صندوق النقد الدولي كفاتحة للمفاوضات بين الطرفين بشأن شروط البرنامج الذي يطلبه لبنان من الصندوق.
في هذا الوقت، حرّك سلامة ماكينته التسويقية، إذ بدأت وسائل إعلامية مستفيدة من المال العام الموضوع في عهدة مصرف لبنان ، بإشاعة معلومات تشير إلى أن “سلامة سيتدخّل لأجل الدفاع عن سعر صرف الليرة”، علماً بأن سلامة كان يرفُض الأمر سابقاً. ويسعى سلامة الى توفير مظلة إعلامية تدافع عنه بالتعاون مع رئيس جمعية المصارف سليم صفير الذي تفيد تقارير لجنة الرقابة على المصارف بأن مصرفه “بنك بيروت” في حالة إفلاس حقيقي وأنه أبرز المصارف المرشحة للاندثار في أول عملية إعادة هيكلية للقطاع، بحسب الخبار.
استنفار سلامة ــــ صفير أتى بعد ورود معلومات تفيد بأن السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، قالت للنائب جبران باسيل عندما التقته أخيراً “إن هناك مؤسسات مالية أميركية ودولية يجب أن تكون موافقة على المرشحين لخلافة سلامة”، ما يعني عدم ممانعة واشنطن في البحث عن بديل للحاكم الحالي لمصرف لبنان وبحسب مصادر مطلعة ل الاخبار، فإن مسؤولين فرنسيين صارحوا مسؤولين لبنانيين بأن هناك مشكلة كبيرة في المصرف المركزي.