رادار نيوز-
لا أحد بعد يملك كلمة السر لفتح باب تشكيل الحكومة، الذي أغلِقَ فجأة بعد تدفق العقد كلها دفعة واحدة، كما كان يحصل في تأليف الحكومات المتعاقبة، حيث تنوّعَتْ التعقيدات بين حجم الحكومة (عشرينية او ١٨ وزيراً)، والخلاف حول الحقائب الخدماتية، وحصر التمثيل الدرزي بوزير من حصة الحزب الاشتراكي. حيث ان السؤال الأساسي كما تقول مصادر سياسية “من زرع اللغم الدرزي والكمائن الأخرى في طريق التشكيل، والى اين سيذهب التأليف؟
وفق المصادر فإن الكمائن صارت معروفة المصدر والأهداف، وكلها تصب في خانة عرقلة الرئيس سعد الحريري، وفي اطار الضغوط التي تمارسها القوى السياسية لتحصيل المكاسب وتعويض خسائرها الشعبية، على غرار ما كان يحصل في حكومة حسان دياب، وكأن شيئاً لم يحصل منذ ١٧ تشرين الاول من العام الماضي، او ان البلاد بألف خير ولا تقف على حافة الهاوية.
فبعد ان حصل الثنائي الشيعي على ما يريد في وزارة المالية، وانتزع التقدمي الاشتراكي وعداً من الرئيس المكلف في ما خَصَّ الحصّة الجنبلاطية، جاء دور رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، الذي حاول ان يُقلّد جنبلاط والثنائي بالدخول على خط التأليف و”يلحّق حاله”، انطلاقاً من كونِهِ رئيساً لأكبر تكتل مسيحي، وبعد ان عاد التشكيل الى القواعد التي كانت تحصل سابقا، وهذا ما فَجّرَ الخلاف. إذ تبيّن للفريق القريب من باسيل، ان سقوط الاستثناء على حقيبة المال لا ينطبق على وزارة الطاقة، وان المداورة التي سعى اليها الرئيس الحريري كانت على حقائب التيار الوطني الحر فقط من دون سائر الأحزاب.
طريقة الحريري في التشكيل وفق المقرّبين من التيار الوطني الحر “ملغومة”، وشكّلت استهدافاً لفريقهم. فالحريري أعطى الجميع وراح يفاوض على حصّة الرئاسة الأولى والحقائب المسيحية. فيما يعتبرُ القريبون من المستقبل ان باسيل الذي لم يُسمِّ الحريري في التكليف، وضع العصي في الدواليب لإخراج الحريري وإرباكه وحاول الدخول على عملية التأليف واختلاق الأزمات.
بين الألغام والكمائن، تستمر مفاوضات التشكيل المتعثرة لاختراق جدار الأزمة، حيث ان الحريري فقد السيطرة على التشكيلة، فهو أراد حكومة متوازنة من ستة وزراء للثناىي الشيعي وستة لرئاسة الجمهورية وستة وزراء له تضم ممثلي جنبلاط والرئيس نجيب ميقاتي، ولا ثلثاً معطلاً فيها لأحد، فيما أراد الفريق الثاني حكومة عشرينية فيها الثلث المعطل، مما قد يؤخر التأليف طالما العقد باقية، وكل طرف يرمي المسؤولية على الطرف الاخر.
لذلك، فإن الحكومة لن تولد إلاّ في حالتين: الضغط الخارجي على عدة أشكال ومستويات، او بتسوية داخلية حيث تُقدّم القوى السياسية “تراجعات”، وإلاّ فالانتكاسة ستصيب الجميع. فالحريري سيتلقى الضربة الأقسى له منذ استقالته في تشرين الثاني العام الماضي، فيما رئيس الجمهورية لن يكون قادراً على تعويم عهده، الذي تعرض لانتكاسات دراماتيكية بعد تفجير المرفأ والانهيارات المتتالية.