رادار نيوز- نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للكاتب مايكل غيرسون، شدد فيه على أن تصرفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة تثبت سعيه لأن يكون “ديكتاتورا”، وأن ذلك هو الجزء المشرق في “المشهد المخزي”، على حد تعبيره.
وأوضح الكاتب في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، أن تصرفات ترامب جعلت المزيد من الأمريكيين على ثقة أكبر بضرورة عدم السماح له بانتزاع السلطة مرة أخرى، لا في 2021، ولا بعد انتخابات 2024.
وفي تسريبات لمجموعة متنوعة من المؤسسات الإخبارية، بحسب الكاتب، أفاد مسؤولون كبار في إدارة ترامب بما يأتي: أولا، حث رودي جولياني الحكومة الفيدرالية على الاستيلاء بشكل غير قانوني على آلات “دومينيون” للتصويت، وثانيا، تفكير الرئيس في تعيين المحامية سيدني باول، التي تبث نظرية المؤامرة، كمستشارة خاصة تحقق في “تزوير” بالانتخابات، وأخيرا عقد اجتماع في البيت الأبيض ضم مستشار الأمن القومي السابق، مايكل فلين، ناقش فيه ترامب فرض الأحكام العرفية.
وتشير هذه الروايات إلى ظهور فصيلين متميزين داخل الدائرة المقربة من ترامب؛ من جهة، يوجد “المجانين”، كما وصفهم الكاتب، ومن بينهم جولياني وباول وفلين، الذين يريدون أن ينتهك ترامب القوانين ويتولى سلطات استبدادية.
وعلى الجانب الآخر، هناك المتملقون الذين أيدوا الطعون القانونية الزائفة التي قدمها ترامب لنتيجة الانتخابات.
ويرد البعض، كالعادة، بالإيحاء بأن هذه الاستفزازات هي مجرد ردود فعل حزينة وسخيفة لشخص نرجسي محاصر. ومن السخف حقا، بحسب “غيرسون”، الاعتقاد بأن الجيش سيفكر في أي وقت في إحراق الدستور، لا سيما في خدمة جبان تهرب من التجنيد ويعتبر موتاهم الشرفاء “بلهاء”.
وحتى بمجرد انتشار شائعات الانقلاب، أصدر وزير الجيش رايان مكارثي والجنرال جيمس ماكونفيل، رئيس الأركان، بيانا مشتركا قالا فيه: “لا دور للجيش الأمريكي في تحديد نتيجة الانتخابات”.
لكن مستوى القلق الشديد داخل طاقم ترامب يبدو غير مسبوق، فقد قال مسؤول كبير في الإدارة لموقع أكسيوس: “الأشخاص القلقون والمتوترون ليسوا هم البيروقراطيين الضعيفين الذين نبغضهم.. إنهم الأشخاص الذين عانوا من الجنون والفوضى التي يمكن القول إنها أكثر من أي مسؤول إداري في التاريخ”.
على أقل تقدير، فإن موظفي البيت الأبيض الذين يسربون المعلومات بحرية مصممون على النأي بأنفسهم عن التخريب الصريح. من الجيد أنه لا تزال هناك بعض القيود على خنوع رئيس موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز.
ومن الأهمية بمكان اعتبار أن هذه الأحداث ليست في سياق انقلاب مستبعد في 2020، ولكن في ضوء الاستعداد لانتخابات 2024، حيث من الواضح أن المرشح الأول لترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة غير ملتزم بالحكم الديمقراطي، وفق الكاتب.
وأضاف: “إنه مستعد، بل حريص، على قلب العملية الدستورية إذا كانت تخدم مصالحه. لا توجد أفكار أخلاقية ثانية تقيده. الأنانية ليست انتهاكا لمعاييره، بل هي تحقيق لعقيدته. بالنسبة لترامب، فإن التضحية بالنفس هي الخطيئة الحقيقية”.
وهذه المرة، تم تقييد طموحات ترامب الخارجة عن القانون من قبل محاكم مستاءة، ومسؤولين حكوميين ومحليين شجعان، وصحافة يقظة، ومجلس نواب ديمقراطي، وقيادته البلهاء، ومرشح ديمقراطي معتدل أيديولوجيا حقق فوزا انتخابيا كبيرا نوعا ما.
أما الحزب الجمهوري فهو وحده الذي فشل تماما في كبح جماح استبداد ترامب الأولي، على حد وصف الكاتب.
لكن هذه الظروف ليست دائمة، يستدرك بالقول، متسائلا: هل يمكن أن يفوز ترامب بإعادة انتخابه في عام 2024 ضد مرشح ديمقراطي أكثر تطرفا أيديولوجيا؟ بالطبع يمكنه ذلك.
ويضيف: “هل سيقف أي مسؤول جمهوري، على أي مستوى حكومي، ضد دكتاتور انتقامي بتفويض انتخابي؟ من غير المرجح ذلك. وهل سيوسع ترامب سلطته التنفيذية عند كل منعطف؟ سيفعل ذلك، خاصة إذا كان الجمهوريون يسيطرون على كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. هل سيقوم ترامب علانية بترهيب الصحافيين والمعارضين السياسيين بمليشيات راغبة ومسلحة؟ أنا لا أشك في ذلك. هل سيتجاهل ببساطة قرارات المحكمة التي تقيده؟ أراهن أنه سيحاول. هل سيحاول صنع أزمة لتبرير بقائه في السلطة بعد فترة ولايته؟ لن يمنعه أي وازع”.
ويرى الكاتب أن هذه ليست رؤية بائسة مبالغا فيها، بل هي افتراضات مبنية على آراء وتوجهات ترامب الحالية.
ولكن كيف نعرف أنه سيفعل هذه الأشياء إذا استطاع؟ يتساءل الكاتب، قبل أن يقول: “ترامب هو زعيم التيار الترامبي الهامشي المجنون. إنه يتعاطف بشكل أساسي مع جولياني وباول وفلين. حتى خارج السلطة، سيظل التهديد الرئيسي للديمقراطية الأمريكية. إذا فاز مرة أخرى، قد لا يبقى النظام الدستوري على حاله”.
ويختم بالقول: “لقد أظهر اليأس غرائز ترامب وطبيعته كما لم يحدث من قبل. إنه يتمنى أن يكون دكتاتوريا. يجب على أولئك الذين يحبون نظام حكومتنا الآن أن يشاركوا هدفا واحدا جوهريا، وهو أن يتأكدوا من أن منتجع مارلاغو سيكون لترامب جزيرة سانت هيلانة (التي نفي إليها نابليون ومات فيها)، وليس جزيرة إلبا (التي نفي إليها نابليون وعاد منها)”.