رادار نيوز- يبدو ان الملف الحكومي دخل رسميا نفقا مظلما طويلا، لا اثر فيه لأي نور يساعد على تلمّس نهايته. فرغم الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى بكركي امس، وما رافقها من حديث عن مساع يقوم بها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لتأمين عقد لقاء بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري الذي عاد صباح الخميس الى بيروت، تشير مصادر سياسية مراقبة الى ان كل هذه الحركة، لن تكون كافية لتحقيق خرق ايجابي في الجمود الحكومي. وتعتبر عبر “المركزية”، انه حتى ولو عقد اجتماع عون – الحريري، فإنه سيكون كما اللقاء رقم 14 الذي جمعهما قبيل الاعياد، من حيث الشكل والنتائج: سيحصل من باب رفع العتب لا اكثر، وسيخرج بصفر اتفاق.
فقد بات امرا محسوما لدى عدد كبير من المراقبين، أن الكباش الحاصل بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة وبيت الوسط من جهة ثانية، لا امكانية لفضّه او حلحلته، ذلك ان الفريق الرئاسي يريد في الحد الادنى الثلث المعطل، وفي الحد الاقصى، لا يريد الحريري رئيسا للحكومة، والموقفُ هذا ليس سرا، بل كاد الرئيس عون ينطق به بالفم الملآن، عشية استشارات التكليف. اما الجانب الخفي حتى الساعة من ازمة التشكيل، فعنوانه إصرار حزب الله على المشاركة بوضوح في الحكومة العتيدة، وعلى اختيار وزرائه في مجلس الوزراء على ان يكونوا مسيّسين، شبيهين بالوزيرين حمد حسن وعماد حب الله. ويتشارك الحزب هذا التموضع مع كل حلفائه، من المردة الى الحزب اللبناني الديمقراطي و”الا فإننا لن نشارك في الحكومة ولن نعطيها الثقة”، وهذا ما قاله النائب السابق سليمان فرنجية منذ اسابيع…
امام هذه المعطيات، التي تجعل طموحات الرئيس الحريري – بتشكيل حكومة من اختصاصيين غير حزبيين غير مسيسين، ملاقاةَ للمبادرة الفرنسية وجوهرها- أضغاثَ أحلام غير قابلة للتنفيذ، تعتبر المصادر ان بات من الضروري البحث في الخيارات المتاحة للخروج من المأزق. وتشير في السياق، الى ان الطابة هنا، في ملعب الحريري. الامر الاكيد هو انه لا يمكننا البقاء في الستاتيكو السلبي الراهن، في ظل الوضع الاقتصادي المعيشي المالي الصحي، الآخذ في التقهقر، فما الذي يمكن ان يفعله الرئيس المكلف؟
اما ان يرضخ لشروط فريق الرئاسة – الممانعة للتشكيل، فيؤلّف حكومة بمعاييرهم وعلى قياسهم، تكون الى حد كبير شبيهة بحكومة حسان دياب. أو ان يرد التكليف ويعتذر ويترك الفريق الحاكم يؤلّف حكومته او لا يؤلفها. بالمختصر، يمكنه ان يترك هذا الفريق “يقلّع شوكه بإيدو”، كما يقال بـ”اللبنانية العامية”.
اليوم، تتابع المصادر، وصلنا الى الحائط المسدود، وكل الوساطات “التوفيقية” لردم الهوة بين المتخاصمين حكوميا، ستؤول الى فشل، وحتى لو تمكّن عون والحريري من التفاهم، فإن الاخير سيعود ليصطدم بمطالب وشروط حزب الله… فهل يريد الحريري ابقاء التكليف معه الى الابد وترك جراح البلاد الكثيرة، نازفة دونما علاج، ما يجعله شريكا فيها؟ الافضل له، الانسحاب من هذه الفوضى كلّها، وتجيير دفّة الخروج من المصيبة هذه، الى الاكثرية النيابية. على اي حال، هذا ما نصحه به رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع منذ اللحظة الاولى، عندما رفض تسميته في الاستشارات النيابية، معتبرا هذه التسمية فخّا ينصب له، وقد تبنى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس، وجهة النظر هذه، ناصحا الحريري بالاعتذار عن التشكيل.. فهل يتخذ رئيس “المستقبل” هذا القرار الكبير؟