رادار نيوز- يلعب الاعلام في عصرنا الحاضر دورا كبيرا في مكافحة الفساد وفي مساعدة الاجهزة الرقابية على القيام بدورها في الحفاظ على المال العام ومحاسبة الفاسدين سواء لدى القاء الضوء على مكامن الفساد في الادارات والمؤسسات العامة أو من خلال نشر القرارات والتقارير الصادرة عن هذه الأجهزة بهدف حشد رأي عام داعم لها . وبالرغم من اهمية وضرورة هذا الدور للاعلام خاصة في ظل فقدان المواطن الثقة بوجود اجهزة رقابية تعمل باستقلالية وموضوعية، إلا ان المطلوب دائما وبشكل أساسي هو الحفاظ على مسألة المصداقية : مصداقية الوسيلة الاعلامية ومصداقية المعلومات التي يعرضها ممثل المؤسسة أو الجهاز الذي تستضيفه .
على سبيل المثال لا الحصر على ما نقول ما تم عرضه من ايام قليلة على احدى المحطات الاعلامية ضمن نشراتها الإخبارية والمتعلق بموضوع مشروع تلزيم جمع ونقل النفايات الذي أجراه اتحاد بلديات الشقيف والذي تضمن هدرا للمال العام بمليارات الليرات . فبالرغم من أهمية هذا الموضوع للرأي العام وخاصة اهالي المنطقة لتعلقه بالصحة العامة والبيئة اضافة لحقهم في معرفة مدى وجود هدر في المال العام نتيجة اجراء هذا التلزيم ، الا ان ما لفت انتباه المشاهد هو اختتام الريبورتاج بمداخلة لرئيس التفتيش المركزي يحذر خلالها رئيس اتحاد بلديات الشقيف وأعضاء الاتحاد من توقيع العقد تحت طائلة ملاحقتهم قانونيا . وهذا ما يعتبر سابقة في تاريخ عمل الاجهزة الرقابية التي لطالما عملت منذ إنشائها بصمت معلنة انجازاتها واعمالها عن طريق نشر ما اصدرته هيئاتها المختصة من قرارات ولا تلجأ الى بروبكندا اعلامية تتضمن التهديد لأي جهة كانت . فانجازات الاجهزة الرقابية تكون بقراراتها الحاسمة المبنية على براهن وأدلة وليست مجرد أقوال لشد الرأي العام وايهامه بأنها تقوم بدورها.
ولدى سماع التهديد والوعيد الصادر عن رئيس هذا الجهاز الرقابي (التفتيش المركزي) القاضي جورج عطيه يبادر الى الأذهان عدة تساؤلات : هل اصبح للتفتيش المركزي صلاحية الرقابة المسبقة على العقود والتلزيمات التي تجريها البلديات واتحادات البلديات ؟ فالرقابة المسبقة اذا صح التعبير التي يجريها التفتيش المركزي تقوم بها ادارة المناقصات حصرا وقد أشارت المحطة الى قيام هذه الإدارة بدورها في هذا التلزيم ويقتصر دورها على وضع ملاحظات على دفاتر الشروط ، ولكن التفتيش المركزي لا يتدخل في صنع القرار الاداري وفي فرض ارادة معينة على المرجع الصالح لعقد النفقة لأن ذلك يعتبر تدخلا من قبله في امور تنفيذية او اصدار أوامر وتعليمات للادارة يمنع على التفتيش المركزي قانونا اللجوء اليها . وهل اصبح التفتيش المركزي يدخل في النوايا وكانه اعطى لنفسه صلاحية الرقابة الاحترازية ؟
من جهة أخرى هنا تتساءل مصادر متابعة للريس عطية لماذا لم نشاهد إطلالات وتهديدات في ملفات أخرى تتضمن هدرا اكبر للمال العام ؟ نعجز عن ذكرها لكثرتها ، ونختصر الأمثلة بموضوع سد بسري كونه ترافق مع احتجاجات المجتمع المدني وأُثير اعلاميا مرارا وتكرارا؟؟؟
هل تهدف هذه الإطلالات الاعلامية وعرض الإنجازات الوهمية الى الاستعاضة عن اهمال رئيس التفتيش المركزي بواجباته القانونية في دعوة هيئة التفتيش لمركزي للانعقاد للبت بمئات ملفات الفساد المتراكمة ؟ ألا يهم الرأي العام أكثر قراءة قرارات جريئة صادرة عن هيئة التفتيش المركزي تتعلق بملفات فساد وهدر واهمها ملفات الهدر والفساد في مؤسسة كهرباء لبنان ؟ لماذا لم نسمع رأيه بملف انفجار المرفأ ؟ ألا يوجد مسؤولية على التفتيش المركزي في هذا الملف ؟ فإذا كان المقصود من هذه البروباكندا الإعلامية غش الرأي العام بممارسة صلاحيات غير موجودة قانونا او كان المقصود هو التعويض عن تخاذل وتقصير التفتيش المركزي في القيام بدوره الرقابي عن طريق عرض انجازات وهمية فهذا يفقد هذا الجهاز الرقابي مصداقيته وهيبته.