“ما للقيصر… للقيصر…”! – حبيب يونس

Monday, 25 June 2012, 10:42
192 views

أشهر قليلة… وتتضح معالم السياسة في العالم، وخصوصًا في منطقتنا المضطربة التي دخلت دولها جميعًا مع المسمى ربيعًا عربيًّا، اختبارًا جديدًا جديًّا، إذا تجاوزته تكون أهلًا للاستمرار، وإلَّا تصبح من جديد جرمًا يدور في منظومة الحرب الباردة العائدة بعد استراحة دامت واحدًا وعشرين عامًا.

وفي انتظار جلاء الصورة، تندرج كل الأحداث المتسارعة، في خانة ملء الفراغ، وتقطيع الوقت، ليس إلَّا.

فالحرب الباردة الأولى بدأت على أثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، بين قطبين: الولايات المتحدة ومعسكرها الغربي، والاتحاد السوفياتي ومعسكره الشرقي، بعدما تقاسما العالم في مؤتمر يالطا. فساد توازن رعب، نووي خصوصًا، شهد خلاله العالم حروبًا عدة، في أكثر من دولة، وأزمات كادت تشعل حربًا عالمية ثالثة، وأعمالًا استخبارية تمثلت باغتيالات وصفقات وانقلابات… ودماء كانت تسيل هنا وهناك، ومصائر معلقة بين الحق في الحرية والاستقلال والسيادة، والرغبة الجامحة في السيطرة تعزيزًا للنفوذ وتثبيتًا للمنطق اللافونتاني: حجة الأقوى هي دائمًا الفضلى.

انهار الاتحاد السوفياتي عام 1991، بسقوط حلم ميخائيل غورباتشيف، آخر زعمائه، ببرسترويكا يصلح بها وضع أمبراطوريته التي كانت تتآكل من الداخل، بعدما ترهلت وترنحت وتداعت وأصيبت بنكسات عدة، بسبب أكثر من “ربيع” هبت نسائمه على دول أوروبا الشرقية، بدءًا من ربيع براغ عام 1968، مرورًا بانتفاضة بولونيا مع ليش فاليسا مطلع الثمانينات، وانتهاء بسقوط حاكم رومانيا نيقولاي تشاوشيسكو الدراماتيكي. وكان هدم جدار برلين النقطة التي ختمت بها كتاب الحرب الباردة تلك.

وتحول العالم مذذاك ملعبًا للقطب الأوحد. واحد وعشرون عامًا، صالت خلالها الولايات المتحدة وجالت، لتفرض نفوذها وتمد سيطرتها، محاولة فرض سلامها هي، القائم على مصالحها الخاصة. فكان مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط عام 1991، لكنه لم يفضِ إلى أي نتيجة تذكر، سوى شرذمة العرب، وتعزيز حضور إسرائيل، وبقي الوعد بإقامة دولة فلسطينية مستقلة حبرًا ودماء على ورق وأرض. وخاضت الدولة العظمى الوحيدة ثلاث حروب كبيرة، في العراق مرتين، الأولى لإخراج جيشه من الكويت التي احتلها، في آب 1990، والثانية عام 2003، لإسقاط نظام صدام حسين، بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، لم يوجد لها أي أثر… وبين هاتين الحربين، حرب على أفغانستان، عام 2001 لتأديب أسامة بن لادن الذي وجه إليها ضربة موجعة في قلبها، بإسقاطه رمزها التجاري، مركز التجارة العالمي في نيويورك، واستهدافه عنوان جبروتها العسكري، أي البنتاغون، وكاد يدمر بيتها الأبيض، معلم سيادتها وقرارها، لو لم تُسقَط الطائرة التي كانت ستفجر فيه، قبل بلوغها هدفها.

وحاولت الولايات المتحدة ترتيب العالم على ذوقها، لجعله جديدًا، النعت الذي كان يلحق بكل منطقة، خصوصًا بالشرق الأوسط. فاستخدمت المال والقوة والعسكر والمنابر والمنظمات الدولية ونشرت “الفوضى الخلاقة”، ولجأت إلى سياسة الترغيب والترهيب، متكئة على نظريات من سُموا المحافظين الجدد. وكل مرة أوحت أنها على قاب قوسين أو أدنى من تحقيق طموحاتها، كانت تصطدم بعقبات، راحت تتراكم عليها، حتى اضطرتها إلى الانكفاء، فخرجت من المولد بلا قمح وحمص، بل بزؤان وخيبات انعكست على وضعها الداخلي أزمة مالية كبرى، وجرَّت معها أوروبا إلى تلك الهاوية.

كانت أميركا بمنطق القوة والفرض هذا تعربد، بينما كانت قوى كبرى أخرى ترتب أوضاعها، وتجد حلولًا لأزماتها الداخلية، ولا تغامر في التورط في ما لا يعنيها، فاستعادت روسيا قوتها، تدعمها الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا (مجموعة البريكس)، وباتت وارثة الاتحاد السوفياتي، اليوم صاحبة الكلمة المسموعة التي لا يمكن أحدًا تجاوزها، خصوصًا بعودة رجلها القوي فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة التي سيبقى فيها، حتى ما بعد العام 2020، قيصرًا مثل القياصرة الذين سبقوه. وعليه، سقطت أحادية النفوذ الأميركي، وعاد التوازن إلى العالم، بنفوذ روسي متزايد.

فوسط هذا المشهد، يسأل كثر في لبنان: أي غد ينتظرنا، والعالم من حولنا في حال ضياع واضطراب، وأصداء الحروب، خصوصًا في سوريا، والمتغيرات الجذرية، تتردد بيننا؟

الجواب بسيط. فلننتظر حدثين: نتائج الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني المقبل، ليرسم رئيسها الجديد، أو رئيسها الحالي باراك أوباما إذا جدد ولايته، مستقبل بلاده، مستفيدًا من مرحلة الانكفاء والتأمل، وليأخذ العبر مما ارتُكب من أخطاء وهفوات، طوال العقدين الماضيين. ونتائج المحادثات الأميركية – الإيرانية المتعلقة بالملف النووي الإيراني، وهي ما زالت في بدايتها، وإن كان يرجَّح أن تتوَّج باتفاق، يجعل طهران، لاحقًا قوة إقليمية ذات دور رئيس في الشرق الأوسط الجديد، موازٍ لدور أنقرة، فتكون العاصمتان البديل من عواصم النفوذ الإقليمية السابقة التي تقاسمته منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

الرئيس الأميركي المقبل، أيًّا يكن، سيجد أمامه إذًا قيصرًا يقاسمه النفوذ العالمي،  سيعطيه ما له، ويكتفي هو الذي يتصرف كأنه إله على الأرض، بما له. فيكون ما للقيصر للقيصر، وما للإله المزعوم للإله المزعوم؟

وأما المراهنات على سقوط النظام في سوريا، أو التأكيدات أنه سيبقى، أو نتائج المسمى ربيعًا عربيًّا وآخرها انتخاب الدكتور محمد مرسي عيسى العياط المنتمي إلى جماعة “الإخوان المسلمين” رئيسًا لمصر، أو وضع الدول العربية الأخرى ولاسيما منها الخليجية، أو السياسة المحلية اللبنانية الحائرة والدائرة بين النأي بالنفس، وموالاة ومعارضة، وطاولة حوار، وانتخابات نيابية على الأبواب، وأزمات حياتية، ومشكلات أمنية، ومسرح إعلامي لتبادل التهم والشتائم، وفساد مالي وإداري موثق بالأرقام والوقائع، ودين عام مرهق، وخلافات بين مكونات الحكومة لم يرعوِ أحدها عن الجهر بأنه متفق مع آخرين فيها لمنع مكوِّن ثالث من تحقيق أي إنجاز… والأهم الأهم بروز أشخاص، سمَّاهم البعض ظواهر، فإذا بهم بعد إطلالة شعبية أو اثنتين، مجرد فقاقيع صابون، يشبه كل منهم الكراكوز أو المهرج أو المونولوجيست، خصوصًا حين يظنون أنهم أصحاب الحل والربط، ويتطاولون على المقامات والشخصيات، من دون رادع أو بعض حياء.

لم يكن ينقص الوقت الضائع، في انتظار أن يكون ما للقيصر للقيصر وما للمزعوم إلهًا للمزعوم إلهًا، سوى هذا الكراكوز ووصلته الكوميدية.

كِمْلِتْ، حان وقت الجودة!!!

Leave a Reply

إضغط هنا

Latest from Blog

OMG!OMG!:Проблемы с доступом к OMG! Маркетплейс

Ищете рабочую ссылку на OMG! Маркетплейс? В последнее время это стало сложной задачей из-за частых атак на платформу, особенно в выходные дни. Пользователи сталкиваются с трудностями при попытке получить доступ к сайту

КРАКЕН DARKNET/ KRAKEN ССЫЛКА/ KRAKEN ОНИОН

KRAKEN DARKNET| KRAKEN ONION| KRAKEN ССЫЛКА| KRAKEN ССЫЛКА ONION| KRAKEN ДАРКНЕТ Как найти оригинальный сайт Кракен onion и не попасть на поддельный: Полное руководство https://kra-31.cc Что такое ссылка kraken darknet В современном

КРАКЕН ДАРКНЕТ/КРАКЕН ОНИОН/ КРАКЕН ССЫЛКА

KRAKEN DARKNET ОНИОН ССЫЛКА | КРАКЕН DARKNET ОНИОН ССЫЛКА НА САЙТ | KRAKEN САЙТ ДАРКНЕТ Модерация КРАКЕН ССЫЛКА ДАРКНЕТ ОНИОН: Баланс между анонимностью и безопасностью https://kra-31.cc Что такое ссылка КРАКЕН онион даркнет

КРАКЕН ДАРКНЕТ/КРАКЕН ОНИОН/ КРАКЕН ССЫЛКА

KRAKEN DARKNET ONION| KRAKEN ССЫЛКА ДАРКНЕТ ONION| KRAKEN ОНИОН ССЫЛКА DARKNET Как Стать Анонимным НА КРАКЕН ДАРКНЕТ ССЫЛКА: Руководство для Новичков? https://kra-31.cc Как Стать Анонимным в КРАКЕН ССЫЛКА: Руководство для Новичков kraken

КРАКЕН DARKNET/ KRAKEN ССЫЛКА/ KRAKEN ОНИОН

KRAKEN DARKNET| KRAKEN ONION| KRAKEN ССЫЛКА| KRAKEN ССЫЛКА ONION| KRAKEN ДАРКНЕТ Как найти оригинальный сайт Кракен onion и не попасть на поддельный: Полное руководство https://kra-31.cc Что такое ссылка kraken darknet В современном
Go toTop