دعا وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور سليم الصائغ القطاع الخاص الى المساهمة في دعم البرامج الاجتماعية التي تنفذها الوزارة، واعتبر ان من شأن ذلك معالجة الكثير من المشاكل الاجتماعية المنتشرة بكثرة في مختلف انحاء البلاد، محذرا من انفجارها في اي لحظة اذا لم يتحمل الجميع مسؤولية معالجتها.
من جهته، أكد رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير ان التزام الميثاق الاجتماعي يجب ان يكون في سلم اولويات الهيئات الاقتصادية، داعيا الذين يتعاطون الشأن العام الى ألا يستغلوا مطالب المواطنين وحقوقهم لتحقيق غايات سياسية ضيقة.
جاء ذلك خلال حلقة نقاش نظمتها غرفة بيروت وجبل لبنان في مقرها عن الميثاق الاجتماعي – المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الاقتصادية بمشاركة الوزير الصايغ وشقير، رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين زياد بكداش، رئيس لجنة الزراعة في اتحاد الغرف اللبنانية روفايل دبانة، في حضور فاعليات القطاع الخاص ورجال اعمال.
بداية، قال شقير: ان القطاع الخاص الذي تسعى غرف التجارة والصناعة والزراعة الى الدفاع عن مصالحه هو القطاع المعني مباشرة بالتنمية الاجتماعية. وسأل: هل يمكن تحقيق الحد الادنى من المطالب الاجتماعية في غياب الامكانات المادية والاقتصادية؟
واعتبر ان ضمان الحقوق الاجتماعية والمعيشية الاساسية للفرد هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة الاجتماعية. فالبديل عن العدالة الاجتماعية هو الثورة، كما ان غياب شبكة الامن الاجتماعي يؤدي الى الفوضى وانهيار الدول.
وأضاف: ما نشهده في المنطقة العربية اليوم من تحولات تاريخية دليل ساطع على ان المجتمعات ستثور مطالبة بحقوقها الطبيعية، مهما طال الزمن وتعددت المسكنات.
ورأى انه اضافة الى دور الدولة والمنظمات الاهلية، فان الهيئات الاقتصادية تتحمل ايضا مسؤولية توفير فرص ومناخات عمل تؤمن للفرد الامكانات المادية لكي يعيش حياة رغيدة.
وأكد انه لا يمكن لادارة مؤسسة تجارية ان تتوقع مناخ عمل ايجابيا ومنتجا، اذا كانت القوة العاملة فيها غير مكتفية ولا تتمتع بالحقوق الاساسية، مشددا على ضرورة تطوير القوانين وسن قوانين جديدة خلاقة تهدف الى قيام مجتمع آمن ومكتف.
وفيما اشار الى ان المؤسسات المعنية مباشرة بحياة المواطن تعاني شللا كبيرا، سأل: هل يستطيع المواطن ان ينجز اي معاملة من دون اللجوء الى اصحاب النفوذ الذين يوهمون الناس بأنهم يسعون الى تحقيق مطالبهم، بينما هم يعطونهم من كيسهم ورصيدهم؟ مشددا على ضرورة تحقيق الدولة المدنية، بحيث يتم التعامل مع الجميع على اساس المواطنة المسؤولة فيشعر الفرد بالفخر بالانتماء الى الوطن.
وأبدى شماس ارتياحه لتلقف الهيئات الاقتصادية موضوع الميثاق الاجتماعي لكونها متهمة باستمرار باتباع نظام ليبرالي متوحش، بينما الواقع هو انها تنشد قيام نظام اقتصادي منتج وعادل في لبنان.
واعتبر ان الوقت مؤات لطرح هذا الاقتراح للنقاش العام في ظل الضائقة الاقتصادية والاجتماعية القاسية التي تمر فيها البلاد.
وهنأ شماس وزير الشؤون الاجتماعية على استخدام مصطلحات جديدة ومتقدمة في الحوار الاجتماعي المنشود، وعلى رأسها فكرة الميثاق التي يتجاوز مضمونها مفهوم العقد التقليدي. وقال: ان الانسان اللبناني هو البداية والنهاية ولا مجال لتحقيق الخير العام من دون احترام خصوصيته وكرامته وهذه مسؤولية الدولة بالاساس. وابدى استعداد جمعية تجار بيروت للمشاركة في حوار اجتماعي مثمر مع المجتمع المدني والدولة تجسيدا للميثاق الاجتماعي المرتجى.
وفي مداخلته، قال بكداش: ان المؤسسات الاقتصادية وخصوصا الصناعية، تولي اهتماما كبيرا بالحقوق الانسانية والاجتماعية للعامل، انطلاقا من مفهوم اقتصادي وانساني، فالعامل المرتاح في بيئة عمله يستطيع ان ينتج اكثر، ما يعكس نجاحا للمؤسسة وبالتالي للعامل.
وأضاف: لذلك تصر جمعية الصناعيين على مقاربة اهم ملف، ملف الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية التي تطال كل عائلة، وهي اليوم مجحفة مع العامل وخصوصا العامل المريض، بحيث تستغرق فترة تحصيل قيمة فواتير الطبابة اكثر من سنتين.
ورأى ان حل هذا الملف لا يقع فقط على القطاع الخاص، حيث تحمل هذا القطاع منفردا في السنوات الماضية اعباء مادية جمة، كالمساعدات المدرسية والاجتماعية، بل يجب ان يأتي الحل مشتركا بين القطاعين العام والخاص.
بدوره، حدد دبانة في مداخلته المتطلبات الواجب توفيرها للمواطن وهي: الحماية الاجتماعية والصحية، والتعليم والتثقيف، وتحسين ظروف العمل والحفاظ على البيئة.
وشدد على ضرورة ادخال المزارعين في الضمان الاجتماعي، وتوفير التدريب لهم لا سيما في مجال الزراعات البديلة وتحسين التوضيب، فضلا عن فتح اسواق جديدة لتحسن اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
وتحدث الوزيرالصايغ عن الفرق بين العقد الاجتماعي والميثاق الاجتماعي الذي اشرف على وضعه، وقال: عندما تحدثنا عن الميثاق الاجتماعي ووضعناه في البيان الوزاري لم يعرف احد حينها ماذا كنت اقصد منه، فهذا الميثاق لم اضعه انا، انما شارك في هذه العملية 140 جمعية ونقابة وحزبا، من ضمن 20 ورشة عمل عقدت لهذه لغاية.
وأكد ان الدولة عاجزة عن توفير الاموال اللازمة لمعالجة لمشاكل الاجتماعية، وقال: لو زدنا موازنة الوزارة بين 5 و6 مرات فاننا لم نحل المشكلة، وستبقى الحاجات الاجتماعية تفوق ما يمكن تقديمه.
وأشار الى ان وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان متقدمة على كل منظومة الدولة، معتبرا ان مصلحة الانعاش الاجتماعي اتاحت للوزارة العمل وايجاد شراكات مع المجتمع المدني والجهات المانحة لتلقي الهبات وتنفيذ المشاريع الاجتماعية من دون العودة الى مجلس الوزراء.
ولفت الى ان ابرز اهداف اللقاء اليوم هو ايجاد شراكة مع القطاع الخاص في اطار تحمل المسؤولية الاجتماعية الوطنية، معددا المشاكل الكبيرة التي تتدخل فيها الوزارة والتي تشمل: الفقر المدقع، الأمية، الادمان، والسيدا، مشيرا الى ان الوزارة أطلقت برنامجا لمكافحة الفقر المدقع بتكلفة تصل الى 100 مليون دولار.
ودعا القطاع الخاص الى المساهمة في دعم برنامج مكافحة الفقر المدقع، وقال: المطلوب توفير 100 مليون دولار كي نتخلص من حالة اجتماعية ممكن ان تنفجر في أي لحظة.
بعد ذلك، دار حوار بين المشاركين والوزير الصايغ، طرحت فيه جملة من الافكار التي من شأنها مساعدة وزارة الشؤون الاجتماعية في تنفيذ البرامج التي طرحتها في اطار الميثاق الاجتماعي.