افتتحت مؤسسة أديان وكلية الإنسانيات في جامعة سيدة اللويزة، مؤتمرا دوليا حول التربية في سياق التفاعل الثقافي برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ممثلا بوزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال سليم وردة، ضمن إطار برنامج التبادل الثقافي الأورو متوسطي لمؤسسة أديان وبالشراكة مع جامعة سيدة اللويزة، وذلك في قاعة عصام فارس في جامعة سيدة اللويزة.
شارك في المؤتمر النائب ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب عاطف مجدلاني ممثلا رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، الدكتور مصطفى أديب ممثلا الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، السفير البابوي غبريالي كاتشا، إضافة إلى ممثلين عن جامعة الدول العربية والمجلس الأوروبي ومؤسسة تحالف الحضارات في الأمم المتحدة ومؤسسة أنا ليند الأورو متوسطية لحوار الثقافات، وخمسين باحثا وأخصائيا من لبنان و24 دولة أخرى، وشخصيات دينية، ديبلوماسية، أكاديمية وتربوية.
استهلت الجلسة الافتتاحية بكلمة ترحيب من عريفة الحفل الدكتورة نايلة طبارة المنسقة العلمية للمؤتمر، ثم عرض وثائقي عن برنامج أديان الأورو متوسطي للمعرفة المتبادلة.
من جهته، اعتبر الدكتور مارتن بيك الممثل الإقليمي لمؤسسة كونراد أديناور المؤتمر بداية جيدة لمواجهة صراع الحضارات، فالدول الأوروبية ليست معصومة عن الخطأ، هي بورشة عمل دائمة للتوصل إلى التعايش رغم التنوعات الموجودة.
واعتبر أندرو كلاريت المدير التنفيذي لمؤسسة آنا ليند ان لبنان هو المكان الأنسب لانعقاد هذا المؤتمر، مشيرا الى ان المؤسسة تهدف إلى تعزيز الحوار بين الثقافات في المنطقة الأورومتوسطية، وبالتالي تعزيز فهم المتبادل والاحترام بين الناس في هذا الفضاء.
أما رئيس مؤسسة تحالف الحضارات بالأمم المتحدة خورخي سامبايو، فسلط الضوء على الحاجة الماسة لانعقاد هذا النوع من الحلقات الدراسية، لمحو الأمية الثقافية. كما أمل أن يكون المؤتمر نقطة انطلاق لعملية جديدة تهدف إلى تطوير المناهج الدراسية بين الثقافات للحصول على التعليم في المواطنة، لأن ما نحتاج إليه هو عدم زيادة الانقسامات، والعيش معا في نظام الحكم بين الثقافات.
بعدها تكلم رئيس الجامعة وليد موسى عن رسالة الجامعة في تعزيز التنوع، واحترام كرامة الإنسان وحقوقه، والحرص على الصالح العام، وإعداد الطلاب ليكونوا قادة المستقبل يستطيعون ممارسة العقل على المعرفة وتشكيل عالم من الحقيقة، الحب، العدالة والحرية.
وتابع: ان جامعة سيدة اللويزة تشجع الطلاب على فهم وتقدير تنوع الثقافات الموجود محليا ووطنيا ودوليا، كما تسعى إلى تعزيز تقدير التنوع من خلال فهم تأثير البشر على بيئتهم، كما أن الجامعة تؤمن بالدوافع الروحية والتعليم كوسيلة لبناء مجتمع أفضل وأكثر عدلا.
ثم تحدث رئيس مؤسسة أديان الأب فادي ضو الذي اعتبر أن التجمع يمثل علامة أمل راسخة لكل منا ولمجتمعاتنا. ومن شأن جمعيتنا، المؤلفة من أكثر من خمسين عالما وخبيرا وواضعا للسياسات من 24 بلدا، أن تشكل إسهاما مهما في عملية بناء التفاهم المشترك بين مختلف الثقافات والأديان في أرجاء منطقة البحر المتوسط.
وأشار ضو الى ان الخوف والامتعاض قائمان في المشهد، ويحددان بعض السياسات والتصرفات الاجتماعية والثقافية والسياسية على مختلف ضفاف البحر المتوسط.
أضاف: إن البرنامج الأورو – متوسطي للمعرفة المتبادلة الذي وضعته ونفذته مؤسسة أديان بالشراكة مع مؤسسة آنا ليند يقوم على الإيمان بأنه يجب تعزيز التربية والتعليم في سياق التبادل الثقافي ضمن المؤسسات الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني، سعيا إلى تخطي صراع الجهل وسوء التفاهم المتبادلين.
واختتم وردة الجلسة الافتتاحية، فاعتبر أن التفاعل الثقافي يتقاطع مع أولى اهتمامات رئيس الجمهورية الذي يتطلع إلى أن يكون لبنان مركزا دوليا لحوار الثقافات وذلك بما يليق بتاريخ لبنان العريق الحاضن للعديد من الحضارات الإنسانية والشاهد على تداخلها وتكاملها وبما يتسق وحاضر لبنان المختبر الحقيقي لمعايشة التنوع الثقافي والديني ليأتي منسجما مع اللبنانيين.
وأشار أن هذا المؤتمر يأتي في فترة زمنية مليئة بالتحديات التي تشكل مسألة التنوع الثقافي بكل مكوناته وأبعاده، وهي في جوهرها محور أحداثها، مشيرا إلى أن ما يرفع وتيرة تلك التحديات تسارع غير مسبوق في حركة التواصل العابر للحدود ما بين المجتمعات وداخلها واضعا بذلك ثقافات متنوعة ومعتقدات مختلفة بتجاور وإحتكاك.
ورأى ورده أن غياب المعرفة المتبادلة حول التنوع الثقافي في أكثر من مجال من شأنه أن يشكل بيئة خصبة لنشوء توترات متعددة الطابع ويكون أساسها الجهل بإبعاد التنوع والتعدد يغذيها القصور عن الغوص في أعماق التعبيرات الثقافية المختلفة لفهمها وإدراك حقيقتها، مشيرا إلى أنها منطلق تعبيرات لجوهر واحد قوامه المشترك القائم على قيم الكرامة الإنسانية والمحبة والسلام.
وأثنى على هذا اللقاء الذي يضم مرجعيات فكرية وثقافية على المستوى الدولي والإقليمي والوطني وفي إطار الجهود المبذولة لبناء الجسور المعرفية والثقافية للوصل بين الثقافات المتنوعة، كما ينطوي على الكثير من المقومات التي من شأنها إجراء مقاربات جديدة بشأن التربية في سياق التفاعل الثقافي، ويحمل الكثير من التوقعات لتقديم رؤى مستنيرة من شأنها أن تخدم في التقريب بين الثقافات وتعزيز الثقة في ما بينها وصولا إلى تحالفها خدمة للانسانية جمعاء وتحقيقا لتنميتها المستدامة وتمنى بإسم رئيس الجمهورية النجاح للمؤتمر.
وبعد استراحة قصيرة افتتحت الجلسة الأولى بعنوان الثورة العربية: تغيير أو تحدي للتنوع ؟ في قاعة بيار أبو خاطر، ترأسها الدكتور يوجين سنسنج – دبوس وشارك فيها كل من البروفيسور الأب فادي ضو، الدكتور مارتن بك الممثل الإقليمي المقيم في الأردن لمؤسسة كونراد أديناور والدكتور فرج الكامل، عميد كلية الاتصالات، في جامعة الأهرام الكندية.
أما الجلسة الثانية التي تمحورت حول التنوع ما بين الثقافات والتعليم الديني التبادلي، فترأستها الدكتورة نايلة طبارة وشارك فيها كل من الأب الدكتور جمال خضر عميد كلية الآداب ورئيس قسم دراسات الأديان في جامعة بيت لحم، البروفيسور مارتن تامكي أستاذ بجامعة جوتنجن الألمانية ورئيس المنتدى السرياني – الألماني، إضافة إلى البروفيسور ستيفن شراينر منسق المنتدى الإبراهيمي بجامعة جوتنجن، والبروفسور أنطوان مسرة منسق برنامج الماجستير في العلاقات الإسلامية المسيحية، في جامعة القديس يوسف.
واختتم اليوم الأول بالجلسة الثالثة حول التعليم عن التنوع بين الثقافات: التحديات المتبادلة. ترأستها الدكتورة كارول كفوري عميدة كلية الإنسانيات في جامعة سيدة اللويزة، وشارك فيها ميغيل سيلفا مدير برنامج التعليم العولمي لمركز الشمال – الجنوب في المجلس الأوروبي، والدكتور مازن مطبقاني مدير مركز المدينة المنورة للدراسات الأوروبية والأميركية، وكريستين لوي طالبة دكتوراه في جامعة لودويج ماكسيميليانز في مونخ، والدكتورة سوزان ألبانوس ومريام خليل مستشارة أكاديمية للجامعة الأميركية في دبي.
ويتابع المؤتمر أعماله غدا من التاسعة صباحا لغاية السابعة والنصف وتصدر في الختام التوصيات