هذه المتسلطة على بعض الناس، تسحر قلوبهم، تغري عقولهم، تستميل غرائزهم، ترقص، بلا توقف ولا تعب، على مرايا أحلامهم…
كم من نفوس وقفت على الأبواب العالية تستجديها، وبطون زحفت، وأيد مسحت جوخاً، لبلوغ كراسيها الكبيرة والصغيرة!
هذه المتسلطة على بعض الناس لا تلبث أن تضعف أمام ما يزينون لها من مبيتات خبيثة مؤامراتية، فتسلس القياد لهم، وتسلمهم زمامها: ينقضون عليها ويتسلطون، تغدو رهينة مسكينة بأيديهم المسكونة بالأفاعي والعقارب، يستغلّونها لهم ولحاشيتهم القريبة وحتى البعيدة أي استغلال؛ فبإسم الديمقراطية المزيّفة المشوهة، باسم النظام المركّب وفق ما تشتهيه أطماعهم، والقانون المفصّل وفق ما ترتئيه حساباتهم، تصبح السياسة رياء، والحرية شعار، والظلم استقرار، القمع أمناً، الضغط انضباطاً، الباطل حقاً، الغلط صواباً،الإعتراض خيانة، الإحتيال شطارة الإختلاس حذاقة، الحرام حلالاً…
منذ أزمنة ما قبل التاريخ الى بداية زمن العولمة هذا، يرفع بعض الناس السلطة معبداً يسجدون لأصنامه، مصلّين، متيمين.
ترى، أتكون العولمة مغايرة، ويأتي يوم غير بعيد، ينبلج فيه فجر الديمقراطية الحقيقية، ينتشر في العالم كله، يؤسس سلطات تقدّس الخير العام، والحقّ العام، والجمال العام، والمصلحة العامة؟
