رادار – عندما اسس ابن تيميه الفكر الذي عرف لاحقا بالسلفية، نسبتا الى السلف الصالح واتباع مبدا الجماعة، كان لا يدرك ان هذه الافكار ستأخذ منحى خطير يكفر فيها جميع من لا يتبع هذه الملة وينصر رايتها.
كان الشيخ وكما يطلق عليه، او شيخ الاسلام قد ترعرع على يد والده واخذ منه الكثير من علوم الفقه، وتدرج على الرغم من يفاعته حين ذاك، الى اصدار الاحكام والفتاوي، التي اظهرت استحسان الكثير من العلماء.
عندما شد الرحال من مسقط رأسه، في منطقة تدعى (حران) في الشمال السوري، كان التتر على ابواب سوريا، بعدما حل ما حل في العراق من خراب واهوال على يدهم.
الوجهة كانت دمشق، العاصمة التي كانت تشهد نهضة ثقافية وفقهية كبيرة.
وكان المسجد الاموي المنبر الذي تتجه انظار جميع المؤمنين اليه وتتقاطر اليه من كل حدب وصوب.
عند موت خطيب المسجد الاموي، ونظرا لانتفاء البديل الذي يملىء الفراغ، اسند هذا المنبر الى ابن تيمية، واخذت تكبر شعبيته ومريديه، حتى يقال ان الاشاعرة، وهم في توجه آخر عن افكاره، اصبحوا يتقاطرون الى خطباته وخصوصا ايام الجمعة بحيث ان المسجد ضاق بالمصلين.
عندما اصبحت الفتاوي تنتشر كالنار بين العامة، اوجدت الكثير من القلائل والتضارب باختلاف الاراء! لتنحو نحو آخر من العنف والتقاتل ومن ثم الانقسام.
بالنظر الى الفتاوي هذه، فان كلمة (الاستتباب) كانت كمطرقة تعلن استحلال اي مرء يخالف هذا التوجه.
هنا اذا نظرنا الى عملية قتل الطفل السوري على يد جماعة (الزنكي) نرى ان هذا ليس سوى تجسيد لما ذكرته، واستطرادا لحكم مسبق.
ان العالم يعاني من الفكر التكفيري هذا، وما احداث نيس وبعدها ذبح الكاهن الالماني سوى عينة لما تعتقد به هذه الفئة.
فكيف بعاقل ان يستطيع الجمع ما بين الانسان والمبدأ، وما بين ممارسات وحشية خارجة عن كل منطق وعقل.
ما لفتني ان الكنيسة التي وقعت بها واقعة ذبح الكاهن، كانت قد تبرعت بالارض تلك لبناء مسجد المدينة!!
فهل يكون هذا جزاء المعروف!!
وبالعودة الى ما يجري في سوريا الآن، فلا بد ان نقر بأن الامور ذاهبت الى محاصرة هؤلاء ووضعهم لا يحسد.
وان سوريا ذاهبت الى ستاتيكو قد نرى فيه مفاجآت ليست بالحسبان، ستغير المشهد رأسا على عقب.
لا شك ان العالم يتألم وموجوع كما سوريا الآن تتألم من ظاهرة التطرف والارهاب…
ونحن في المخاض الاخير، والساعات الاخيرة لا بد ان يكون فيها صرير اسنان….
