رادار نيوز – إعمار لبنان الذين يتحدثون عنه نهاراً وليلاً، لا يكون بالمساعدات الخارجية، ولا بالحسنات التي نتلقاها من هنا وهناك، ولا بالزيارات ورد الزيارات، ولا ببحث القضايا مع هذا المندوب أو ذاك، ولا بإستعطاء الحلول من خارج الذات الإنسانية للمواطنين أفراداً وجماعة. بل ببناء الإنسان من الداخل، خلقياً، وإنسانياً ووطنياً، وهو البناء الوحيد الذي يخلق المواطن ومن خلاله يخلق الوطن، ويحدد ماهيته ومعناه.
سقط جواد ابن السنوات الأربعة، في هذا البلد المذكور آنفاً، في بلد الذل ورضي، ولكن الذل لم يرضى به…
سقط جواد، في بلد الفوضى والفساد، وتوظيف الأزلام، فانقلبت المعايير، وأصبحت المصلحة الخاصة في المستشفيات فوق المصلحة العامة، فضاعت الكرامات، وأقفلت منافذ التعبير.
سقط جواد، عن شرفة منزله، فكان سقوطه أخف وقعاً من سقوط الإنسانية في تلك المستشفى…
سقط جواد أكثر من مرة، منها عند وقوف أهله على أبواب تلك المبنى الذي يحمل اسم المستشفى المقفل أبوابه، في وجوههم راجيين المعنيين إنقاذ فلذة كبدهم، وإحاطته بالعناية المطلوبة ليكون في الأمل سر الحياة.
فماذا عن أم مكسورة الخاطر ومسلوبة الحيلة وأب يعمل في نقل الأمتعة كي يؤمن لطفله ولو الحد الأدنى من العيش ولا يملكون رصيد سوى رؤية أبنائهم ينعمون على الأقل بحقوقهم الإنسانية ولو كانت منقوصة ومرتبطة بمبلغ من المال يحدد فيه حياتهم وموتهم؟؟
هنا تتجلَّى وتطغي المادة على الإنسانية المسلوبة في بلد أصبح منتهي الصلاحية بالكامل.
جواد هو حالة من حالات كثيرة تعاني وتذل وتموت على أبواب فاقدي الرحمة والشعور بالإنسان.
فأين نحن من هذا الخراب والإفلاس الأخلاقي والإنساني؟…
اليوم جواد وغداً جواد آخر، وما من حسيب أو رقيب، فحين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق والسكوت عن هذا الجرم شيطان أخرس يفتك بنا يوماً بعد يوم. ولتكن لنا ثورة اجتماعية عادلة لتصحيح الخلل، تمزق السيء ومآسيه المرّة وتهدم شواذات المجتمع وتقضي على المدعومين الجهلة والمحسوبيات صوناً لسيادة الدولة وحفظاً لحقوق الإنسان…