رادار نيوز – عندما كان دخان التحالف يلف بغداد وكانت قصور صدام حسين تدك بأعتى الاسلحة، كانت الجمهور تعم بهدوء لا يقطعه سوى زقزقة العصافير واصوات بعض الصيادين في الوادي. وكان القصر قد آفاق بعد سهر طويل مع مريدي قصر الشعب والاهازيج (وجايي الحرية) وعونك جايي من الله…
لكن هذا السكون لن يكون طويلا عندما انقلب المشهد في ١٣ تشرين اول سنة ١٩٩١ عندما انطلق سرب من المقاتلات السورية، اذانا بمرحلة افضت بلجوء العماد عون الى السفارة الفرنسية حينذاك، وتسليم العماد اميل لحود زمام الامور. هنا لا نريد ان نغوص كثيرا بما سبق هذه المرحلة كون الاحداث المتسارعة فرضت واقع غير المعادلة وقلب الامور رأسا على عقب… بعد سفره الى فرنسا، وضعت عليه شروط لتكبيله ومنها اقراره بانه لن يتعاطى في الشأن السياسي اللبناني ويخوض غمارها لفترة من الزمن. وبعدها رفع هذا القيد واصبح الجنرال محج الكثيرين من المطالبين بوضع حد للوجود الاجنبي في لبنان.
ان شخصية الرئيس عون (وكاريزمته) هي من القلائل الذين توالوا على الحكم في لبنان. مثابر من الدرجة الاولى، واصراره وتمسكه يدل على ما تختزنه هذه الشخصية. مع التنويه بأن كثير من الذين طبعوا في التاريخ كان لهم مواصفات مشتركة وهذا ما نجده فيه. لبنان خرج من عنق الزجاجة لكنه لم يخرج من النفق. ان المعضلة الحقيقية هي باقرار قانون النسبية في الانتخابات النيابية المقبلة حتى يتم التمثيل الحقيقي لكل الفئات، ولا يكون الغبن والاجحاف الثمة الطاغية، كما الانتخابات في عهود قانون الستين.
فالعهد الجديد لا شك هناك عثرات كبيرة تعترض طريقه. هل صلاحية الرئيس تستطيع ان تخوله بفتح ملفات لطالما لم يجرؤ ايا من العهود السابقة على فتحها؟! اول ممارسة الرئيس مهامه اعطاه القانون حق بالعفو العام عن الجرائم التي لا تصنف في خانة الكبائر. وهل القانون يخوله فتح ملفات الفساد ايضا؟! وكشف الملكية؟ من المحاصصة التي سادت، الى ملفات الفساد، الى الكثير من القضايا العالقة والموضوعة في الادراج الموصدة.
هواجس الكثير من اللبنانيين، وخصوصا في ملف الكهرباء والدين العام وسلسلة الرتب والرواتب كلها غيض من فيض ما تعترض هذه المرحلة. الكثير يعول على مناقبية ونهج الجنرال منذ دخوله الحلبة السياسية. لكن هل يستطيع البدء بخطوة الالف ميل…؟ وهل هناك من كوابح ومطبات لا يستطيع تخطيها؟ فتكبله…. الايام كفيلة بتبيان كل هذه التساؤلات…