/

جنون الرّقص في كواليس حرب عالمية ثانية – غادة المرّ

801 views
24 mins read

طائرة مسيّرة واحدة وهدف دسم… كان يكفي. كنّا صدّقنا الرّواية.

يوم أمطرت السّماء أنواراً، أطفأها الليّل الحالك وسواد رائحة صفقات اللاعبين الكبار. الرّقص على صفيح ملتهب، كاد يشعل البركان الخامد ويوقظ آلاف الشّياطين النّائمة.
البارحة، حبس العالم أنفاسه لساعات، كانت أنظار الملايين معلّقة في السّماء، بينما كانت الطّائرات الإسرائيليّة تسرح وتمرح في الأجواء اللبنانيّة، وقامت بأعنف قصف لقرىً جنوبيّة والعاصمة دمشق.
البارحة، رقص العالم رقصة التّانغو في فيلم هنديّ قصير، أعلن بدأ الرّد، و بدأت أفواج المسيّرات تغزو السّماء وتزحف نحو الأهداف. قام المخرج بإعلان بدء العرض، رفعت السّتارة.

تابعنا فصول وأحداث مهزلة فاقعة، لم تقطع. ليتهم لم يقوموا بالرّد. ليتهم تركوا لتلك الشّعوب المطحونة بالوجع والأنين، شيئاً من أحلامها.
بالأمس مات الحلم والقضيّة والمصداقيّة.

وأسفي على من احتفلوا وانتظروا واعتقدوا أن ما يحدث حقيقة. هناك من يصدّق الحكاية ورواية الأبطال وحلم الجماهير السّاحقة، وحدها القضيّة، فُقدت في تلك المسرحيّة الهزليّة.
بين “بدأ الرّد… وانتهى الرّد” تبخّر الحلم ونام الملايين على أبشع خيبة عربيّة.

لم يكن أمام طهران غير حتميّة الرّد على الصّفعة المؤلمة الّتي استهدفت قنصليتها في دمشق.
فالضربة الّتي تلقتها، وفداحة الخسائر البشريّة، وضعتها في الزّاوية، ومنعاً للإحراج، لم يعد من الممكن المضي بعبارتها الشّهيرة، بأنّها ستحتفظ بحق الرّد في الزمان والمكان المناسبين.
قامت بالتشاور والبحث مع الأطراف المعنيّة، ومع الولايات المتّحدة الأميركية، حول طبيعة الرّد الّذي يحفظ ماء الوجه أمام شعبها والعالم، وكان لزماً أن يكون ردّها استعراضيّاً،لا يؤلم اسرائيل، وبالتالي يكون مدروساً، يخرجها من المأزق ولا يفضي لنشوب حرب عالمية ثالثة، كما لا يجب أن يستدرج ردّاً اسرائيلياً عنيفاً في المقابل. ونِعمَ الشعور والإنسانيّة.
أبلغت طهران واشنطن وتل ابيب، بتفاصيل العمليّة المباركة:
بالتوقيت والمكان والزّمان والأهداف المنتقاة. وأبلغتهم عن حجم العمليّة ونوع المسيّرات والصّواريخ والّتي كانت معظمها فارغة، وحمل بعضها كمّيات قليلة من المتفجّرات.
قامت اسرائيل بدورها بعمليات الإخلاء والتحضير لتلقّي الضربة المنتظرة. وقد أرسلت طهران ٣٥٠ ما بين مسيّرات وصواريخ بالستيّة وصواريخ كروز. تمّ إسقاط ٩٩٪؜ منها بواسطة الطائرات الحربيّة الغربيّة، وسقط القسم الباقي في قاعدة أفيميم العسكريّة في النّقب، والّتي أقتصرت أضرارها على الحجر بعد أن تمّ إخلاؤها، لم يقتل إسرائيليّ واحد.
كيف لنا أن نصدّق، أن نهضم و نبتلع ما حصل ؟؟
هناك في السّماء، تمايلت نجوم وأضواء، وسارت عبر الحلم البعيد والكذبة والحقيقة.سارت شعوب، قلوب، وانتظروا وحبسوا الأنفاس وصلّوا.

بدأ العرض الردّ، كونوا أيّها السّامعون في الواقع، في الصّمت ساكتين وطائعين،
و… سقط الحلم فوق الأردن ولبنان وسوريا، سقط الردّ والغضب هنا، رعد وبرق وأمطر فوق رؤوسنا، ووصل برداً و سلاماً على اسرائيل.
أصابت تلك المسيّرات الفارغة والمسالمة، حدّ الوجع، قلب القضيّة الفلسطنيّة والحلم العربيّ
ونجت اسرائيل، وأصيبت الضحيّة.
هذا الشّرق الملعون بألف لعنة، مسكينة شعوبه البائسة الّتي ما زالت تصدّق الرّوايات وتتابع الأفلام الهنديّة .
أُسدلت السّتارة السّوداء وأُطفأت الأنوار، تبخّر الحلم وساد الصّمت.
وحدها الأحلام والحقيقة ماتت وتفجّرت ألواناً وشظايا في السّماء، أمام ذهول وصمت الشّعوب المعدّة للتضحية بها على مذبح هرطقات وطلاسم وبدع انتصارات فارغة ووهميّة على طريق القدس ووهم القضيّة العربيّة، الّتي دفنها الجميع وقبضوا الثّمن و طمسوا الحقائق أمام شعوبهم، برقصة شيطانيّة و بتعويذة جهنّميّة.
غريب كيف يحوّلون هزائمهم وفشلهم أمام شعوبهم، لانتصارات وبطولات من ورق… ووهميّة، ويدفعون بهم لتصديقها والتطبيل لها.
هنيئاً لتلك الرّقصة الفولكلوريّة، في الكواليس، هناك، أكثر من ٣٥٠ حوريّة تمايلت ورقصت وسبحت في سماء شرق منكوب، وكادت أن تتسبّ بنشوب حرب عالميّة ثالثة.
نامي أيّتها الشّعوب العربيّة قريرة العين مطمئنة، فالقضيّة بأياد أمينة.
وتصبحين على مسرحيّة هزليّة جديدة.

– [ ]

لمقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها)

Previous Story

وزير الثقافة يستقبل “الإستثنائية الواعدة” كريستيا كساب

Next Story

بعثة الغولف اللبناني للناشئين والناشئات تحصد مراكز الصدارة في الدوري الآسيوي

Latest from Blog