أَنا جِذْعُ لبنانَ القديمُ… فما ذَوَى وَرَقي ولا لَوَتِ الشَّدائدُ ساقي
أَنا فِلْذَةٌ صخريَّـةٌ مقطوعَــةٌ من ذلك الجبَلِ الأَشَمِّ الـراقي
أَلأَصْلُ بـين هِضابِـهِ وَوِهـاده والفَرْعُ منْه يَطوفُ في الآفـاقِ
شبلي ملاّط – من قصيدته “تَحيَّة المغتربين”
شاعر الأرز شبلي ملاط
وطنيته أسمى من كل طائفية وإنسانيته أشمل من أي عنصرية
أقام «مركز التراث اللبناني» في الجامعة اللبنانية الأميركية لقاء حول «شاعر الأرز» شبلي الملاط، في مرور نصف قرن (1961 – 2011) على غيابه ومعرضاً لصحفه ومؤلفاته ومخطوطاته وشارك في اللقاء الكاتب إدمون رزق (عمي شبلي بك…) والأديب عبداللطيف فاخوري (شبلي الملاّط – وحدةُ التراث والوحدة الوطنية)، والناقد سمير محمد كبريت (الملاط شاعر المواقع والمواقف) والكاتب هيام ملاّط (باسم جدّي شبلي، وشبلي ملاط ولد في بعبدا عام 1875، ونشأ في كنف شقيقه الأكبر القاضي الشاعر تامر ملاط (1856 – 1914). انصرف منذ عام 1900 الى العمل الصحافي في جرائد عدة («الأرز»، «النصير»، «الروضة»،…). في 1908 أصدر جريدته «الوطن» فكانت منبراً لنخبة الكتّاب والأدباء.
وحضر الاحتفال الدكتور رياض غنام ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، العقيد الركن البحري حسن همدر ممثلا قائد الجيش العماد قهوجي، الرائد الياس طوق ممثلا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، الملازم أول داني أبو جودة ممثلا المدير العام للأمن العام العميد ريمون خطار، فادي يرق المدير العام لوزارة التربية الوطنية، السفير وليم حبيب الأمين العام لوزارة الخارجية، رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا ورئيس بلدية بعبدا الدكتور هنري حلو، وعائلة الملاط.
افتتح الندوة مدير “مركز التراث اللبناني” الشاعر هنري زغيب بكلمة عن شاعر الأرز ودور مركز التراث في الإضاءة على الأعلام اللبنانيين، ثم أذاع مقطعا شعريا بصوت شبلي ملاط من قصيدته في قصر بيت الدين سنة 1948 يوم استضاف رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري ضيوف لبنان إلى مؤتمر الأونيسكو.
ثم كانت مداخلة أولى من الوزير السابق المحامي إدمون رزق في عنوان “عمي شبلي بك”، ومنها: “شخصيته طبعت حداثتي، ولقائي به من أغلى ذكرياتي، وطنيته أسمى من كل طائفية أو مذهبية، وإنسانيته أشمل من أي عنصرية.”
بعد ذلك كانت مداخلة للمحامي عبداللطيف فاخوري “حول وحدة التراث والوحدة الوطنية في شعر الملاط”، مشيرا الى ان “الملاط أدرك باكرا أهمية الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن، وآمن برابطة لبنان مع العالم العربي، وانتدبه أدباء لبنان لتمثيلهم في مهرجان مبايعة أحمد شوقي بإمارة الشعر”.
وأضاف: “تجاوز شبلي الملاط حدود الوطنية إلى حدوده العربية، في سبق تاريخي لم يصل إليه مفكرو اليوم، حتى وصل إلى عالم الإنسانية الرحيب في دفاعه عن قضايا الحق، لذا ليس غريبا أن نطلق على شبلي الملاط لقب “شاعر المواقع والمواقف”.
اما كلمة العائلة ألقاها المحامي هيام ملاط، ومنها: “أرادت هذه الجامعة المزدهرة بالعلم والثقافة إحياء تراث لبنان المتجذر في طيات تاريخه وفي قلوب أبنائه، لا للذكرى وحسب، بل لهداية الأجيال الصاعدة إلى عظمة هذا التراث ومن خلاله إلى ديمومة الوطن، فنشعر بأن رسوخ جذور لبنان وقدرته على تجاوز المحن والمصاعب تكمن في ثراء ذلك التراث الذي هو عماد مشروع ثقافي نطمح إليه، ومخزون ذاكرة جماعية ملتزمة بعظمة الفكر وقيم الحياة”.
واضاف: “الحديث جدي شبلي، صاحب الذكرى والمناسبة، لا ينضب، وأرجو أن أنهي قريبا كتابة تاريخ قرن من الثقافة في لبنان وعالمنا العربي، يبرز فيه الشقيقان تامر وشبلي مع شعراء وأدباء ومثقفي وسياسي ذلك العصر الذي بزغ منه النور لشعوب هذه المنطقة العطشى إلى الحرية والنمو والتقدم، وحسبنا أن جدي شبلي كان في حياته على لقاء دائم مع أدباء العصر ومفكريه، وأصبح شعره بعد غيابه شهادة للتلاقي الوطني وللشأن الرفيع للثقافة والأدب”.
وخلال الأمسية تم عرض مقتطفات من مهرجان التكريم الذي أقيم في ذكرى الملاط نهار الأحد 10 كانون الأول 1961 في قصر الأونسكو وشارك فيه كبار أدباء العصر وشعرائه من لبنان والدول العربية. كما تم عرض كتاب “شبلي ملاط مدرسة التلاقي الوطني” الذي صدر لدى منشورات مؤسسة رعيدي في سلسلة “منارات من لبنان”،
وأعلن مدير المركز عن قرار بلدية بعبدا بتركيز تمثال شبلي ملاط (من نحت حليم الحاج) وسط الساحة الرئيسية في بعبدا والتي تحمل اسم “ساحة شبلي بك ملاط”.
ثم انتقل الحضور إلى مكتبة الجامعة حيث تم افتتاح معرض شبلي ملاط وهو يضم مخطوطات الشاعر ومؤلفاته المطبوعة ونسخا أصلية من جريدته “الوطن” وأعدادا خاصة عنه من مجلات أدبية لبنانية، وكتبا لأعلام عصره مهداة إليه بخطهم، وطربوش الشاعر الذي به اشتهر، إلى مجموعة كبيرة من صور الشاعر الشخصية ومع أعلام عصره في فترات مختلفة من حياته.
مؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث
محمد درويش