عماد جانبيه
المؤلفة منى الشرافي تيّم، كاتبة متعددة الآفاق… اتقنت فن المقالة ضمن مفاهيم حديثة. نثرها تقليدي في الشكل تجديدي في المضمون.. إنه النثر المضمخ بالأصالة اللغوية، المحرر على القواعد والأصول، العابق بالبديع والفصيح، والبيان الساحر الجاذب… وهو أدب نابض بالحياة غير جامد، تتوالى الأيام والعصور ويستمر. شعرها موزون مقفى، حسب الموضوع والمناسبة، فيأتي صافياً صادقاً، واضح المعاني حافل بالمفاهيم.
إنتاجها الجديد كتاب “حروف من نور” الصادر حديثاً عن الدار العربية للعلوم ناشرون، وفيه كما تراه المؤلفة، رسالة من نور تلمس الوجدان وتحاكي الأحاسيس وتضيء فلسفة الحياة…
وفي محتوياته همسات قلب تتضمن قصائد منها تحت عنوان: أحبك على طريقتي وتقول فيها:
“أحبك على طريقتي أحبك لأنك مختلف وتشبهني أحبك على هواي… لأنني أملكك وتملكني وأعلم أنك تعشقني أحببتك في أمسي وفي يومي ومن أجلك سأنتظر غدي أحببتك فعيناك تحمل ربيع عمري تحمل جنوني الطفوليّ الذي يتراءى لي في مساحات خيالي ويدغدغ فضاء حلمي الذي توارى بين قيود فرضتها أياد قررت أن تكون القيد… لا الحب… لا العشق… ولا حتى الأمل أياد خسرت وخسرت وخسرت. حين ظننت… أنها تملّكت… وتمكنت أحبك طفلاً يلاعبني ويداعبني أحبك حياً يبجلني أحبك رجلاً يعشقني أحبك طيراً يدندن أنغامي أحبك لأنك قدري ولأني لك وسأحبك على طريقتي سأراقصك تحت خفوت ضوء القمر وشموعي النجوم تتلألأ… تتراقص.. تتمايل على نفس النغم ستسمو بك عيناي وتحلّق معك دقات قلبي سأنثر لك ورودي وسأروي لك شجوني. وسأسقيك من رحيق جناني معك أنا المرأة معك أنا الأنثى معك أنا كل الحياة انتظرني… انتظرني ستسعد حين أحبك على طريقتي”.
هنا نرى المؤلفة تدرك ما تفعل، لأنها في هذه القصيدة هي كل الحياة، وتشهد على شاعريتها الأصيلة، فيها الرقة واللين، والخاطر الصريح… ليس في عباراتها غموض متعمد ولا طلاسم مفبركة. متوهجة مثل ذهب القمح، لا يختلف في الحكم عليها النقّاد.
أما في قصيدة “حروفي من نور” تقول فيها:
أمسكت قلمي وكتبت حروفي على سطوري الحالمة… كلمات من نور رؤوسها أينعت حين تفجّرت لها ينابيع المعاني فرطّبت نفساً جهد في تصوير الجمال ورسم البسمة… فقلت: شلالات من الحب أزاحت في جريانها حمماً شيطانية… وفي قلب الأفق لاحت من ندى الثلج غيمة نثرت حملها على الأمل البائت في كهوف الظلام… ليستيقظ السلام… ويعمّ الأمان…
تبدع الشاعرة في قصيدتها هذه ويبقى للخيال دوره في انطلاقات الخلق والإبداع، وبالكتابة نعرف أنفسنا وندخل الى مثاني النفس الملتفة على أسرارها، وفعل إيمان بالحقيقة، وبحث متتبع لمكامنها، في الحياة والتصرّف والمصير… ليست بالضرورة من مرائي العيون، بل في ميادين القلوب التي في الصدور.
وتقول في قصيدة عنوانها: وطني لبنان:
“وطن لا أحتاج فيه إلى هوية لأنتمي إليه أنا لست لبنانية في هويتي ولكنني أحمل في طيات نفسي وكياني عشقاً لا مثيل له لوطن… لا أحتاج فيه إلى هوية لأنتمي إليه لبنان… وطن الأوطان… وطن الجمال والكمال آسر القلوب… منحه الله سحراً أعجز السحرة ميّز هواءه برائحة الحياة وأغنى سماءه بالصفاء رغم الدخان وطهر ترابه بترياق الشفاء ومنحه منحة الأمان تموّجات بحره بين طيّاتها أسرار وآلام وآمال وأحلام… قولي يا نفس معي: فليبق لبنان.
نراها هنا صاحبة حميّة على وطنها الثاني لبنان، شعر من القلب الى القلب، من المعاني والمفاهيم، هادىء رصين، تسعد به النفس، ترتعشله الجوانح، ويصفق له الوجدان…
ختاما: إن للمؤلفة في شعرها نكهات، تصر على قرائها، تذوقها، تقدمها لهم في كتابها هذا تحت عناوين مشوّقة، تشع منها عطور تثير شهيّة الذهن وفضول العقل ورهافة الإحساس. مهمتها أن تقودنا خلف قصائدها، بشخوصنا ونظراتنا وانتباهاتنا، لنقرأ، ونسمع حروفها وكلماتها، ونزداد إعجاباً بشعرها.
المصدر: جريدة الإتحاد