ما معنى… ان نولد في هذه الدنيا… ويسيّرنا القدر، حتى وكأننا في روزنامة الزمن. فكلما تقدّمنا في العمر وكثر تقلبنا في هذه الحياة الدنيا، نسأل انفسنا ما هي اجمل لحظات العمر؟ سيرجع كل منا الى الوراء لسنوات طويلة، وننتقي من كل مرحلة اجمل ما فيها.
يقول من هو في سن الثلاثين: ان اجمل ايامي كان الوقت فيها نوراً، يشرق على كل شيء، شهوتي تريد كل شيء، ايام مرح، حفلات وسهر… ويقول آخر في سن العشرين: كانت ايام بداية الاستقلالية وبداية الرجولة…
مشكلة كبيرة، الجميع يريد العودة الى مرحلة الصبا والشباب.
فأين القدوة؟ الجميع يريد ان يتصابى، فمن يقود؟ الجميع يريد الهروب من المسؤولية، فمن يحملها؟
في زمن الماضي، حيث تلتمع المواهب في خصب العطاء، كان الطفل يريد ان يصبح كهلاً ويتصرف مثلهم والكل اكبر من سنه، والكل يتسابق على القيادة والعمل والمسؤولية منذ الصغر، ليكونوا منارة ابداع، اما الآن فالكل يريد ان يعود صغيراً، بلا مسؤولية وبلا تعب، لقد اصبحنا في زمن الصبية واللامبالاة، في زمن الاعتماد على الآخرين.
لماذا ننظر الى اجمل ايامنا على انها الاقل مسؤولية؟ لماذا ننظر اليها على انها مضت؟
لماذا لا نريد ان نرى جمالا في ايدينا، ولا نريد ان نستمتع به ونقضي عمرنا نتحسر على ما فات؟…
في الثلاثينات نتحسرعلى العشرينات وفي الاربعينات نتحسر على الثلاثينات، وهكذا نسير في طريق السراب. افكارنا ضاعت وانحرفت عن المسار، حتى يضيع العمر كله حسرة.
لماذا لا نتعلم بأن لكل مرحلة جمالها؟ وان كانت مرحلة مضت بحلوها ومرًها، فستأتي مرحلة اخرى كما مرًت سابقتها؟لماذا نرفض المسؤولية، لنفرغ طاقاتنا في سير عشوائي، والتخبط بين الاهداف والشعور بعدم جدوى الحياة؟
لماذا لا نرى مضي الايام علينا؟ نضج وخبرة واثقال لشخصيتنا. لماذا وصل بنا الحال الى هذا التفكير؟
نقول، ربما لأن الانسان وبطبعه لا يشعر بالنعمة الا حين تؤخذ منه. المشكلة هي، ان زمن الماضي لن يعود… والنعمة التي قدّرناها بعد ذهابها لن تعود… فهي ستبقى في قائمة الذكريات، وسوف نجد ان بعض احداث حياتنا الصعبة، حتى لو كنا علمنا بها من قبل، لظننا اننا لن نحيا بعدها يوماً واحداً.
فلنتوقف عن الحسرة، لنشعل الابداع الذي بداخلنا، حلم وواقع، ولنستمتع بيومنا هذا، بدلاً من ان ننتظر غداً، لنعرف قيمته، فيكون قد مضى ومضت قيمته معه.