رفعت جامعة سيدة اللويزة امس، الستارة عن النصب التذكاري للراحلين الكبيرين جوزف ولور مغيزل، في حفل اقيم للمناسبة في قاعة عصام فارس – ذوق مصبح، حضره الرئيس حسين الحسيني، وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال حسن منينمة، وزيرة الدولة في حكومة تصريف الاعمال منى عفيش، النائب محمد قباني، الوزراء السابقون الياس حنا، بشاره مرهج، عصام خوري، عصام نعمان، النواب السابقون نهاد سعيد، بيار دكاش، السيدة منى الهراوي، نقيبة المحامين امل حداد، قائد الجيش السابق العماد ابراهيم طنوس، قنصل مولدوفا ايلي نصار، متروبوليت بيروت للروم الكاثوليك المطران يوسف كلاس، المستشار السابق لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا، وفعاليات سياسية واقتصادية واجتماعية ونقابية واعلامية.
النشيد الوطني افتتاحا، ثم كلمة لعريفة الحفل السيدة ندى سعد صابر رحبت فيها بالحضور، واشارت الى اننا اليوم امام عظيمين هما جوزف ولور مغيزل، وقالت: فان كان جوزف مغيزل رجل الاخلاق والثقافة والقانون والسياسة، فلور مغيزل امرأة تميزت بالفعل والنضال ورفعت الصوت، حتى لكأنها مجموعة نساء في امرأة واحدة. ورأت فيهما عظيمان جمعهما الحب والزواج وجعلا من الانسان، كرامة وحقوقا، هاجسا لهما طيلة نصف قرن.
ولفت نائب رئيس الجامعة للشؤون الثقافية، المدير العام للعلاقات العامة سهيل مطر الى انه مثل البارحة 29 ايار 1995، سقط جوزف مغيزل ، وفي 25 ايار من العام 1997 سقطت لور مغيزل، وقالت: نتذكرهما معا، لأننا لا نستطيع ان نفرق او نميز، ماذا لو استفاقا اليوم ، ماذا يقولان عن النظام، عن حقوق الانسان، عن القوانين، عن اللاطائفية، الحرية؟ حتما، كانا سيقولان: ليس اشد ايلاما من ظلم الشريرين الا صمت الطيبين، معتبرا ان الطريق امامنا ليست محفوفة بالورود والرياحين، بل مملوءة بألاشواك والمصاعب، ولا يصمد فيها سوى الرسل والابطال، وهما من هذا النوع.
واشار رئيس الجامعة الاب وليد موسى الى انه عندما نرفع الستارة الليلة، عن النصب التذكاري لهذين الرائدين، فإنما نضع امام اعين طلابنا، نموذجا للحب، للعمل، للوحدة، وللايمان، ونقول لهؤلاء الطلاب، هذا هو مفهومنا، في جامعتنا، لعلاقات الحب والزواج والحياة المشتركة. هذان الكبيران جوزف ولور كانا نموذجين للنضال، ان في زمن الجامعة، او في زمن العمل السياسي والاجتماعي والوطني، حياتهما اقترنت بهذا النضال المستمر، منذ نشأتهما وحتى الرحيل، قاوما كل انواع الظلم والاستبداد والتفرقة، ودافعا عن حرية الانسان، وقدما المشاريع والدراسات القانونية لازالة كل الفوارق القانونية والجنسية والطائفية، وقاوما كل انواع الفساد، وقضيا العمر في صراع من اجل الحرية والديموقراطية، مؤمنين بالحوار والمنطق والعمل الحثيث.
وختم ناقلا عن لور قولها: حين يصل القطار الى اخر محطاته، تضطر الى النزول منه حاملا حقيبة صغيرة، حتى اذا سئلت ماذا فعلت بالوزنات التي اعطيت، يكون لك ما تقوله وقد اعطيتما فأضفتما.
ورأت السيدة الهراوي ان الكبار مثل جوزف ولور مغيزل لا يرحلون، بل يبدلون صيغة حضورهم بين الناس، عل هؤلاء يفهمون ويتعظون، لا يرحلون بل يبقون في جبين لبنان. وقالت: التزما معا مثلا عليا واحدة كانت من يوميات حياتهما، كما ناضلا جنبا الى جنب مع نخبة من حكماء هذا القوم ومثقفيه في سبيل تعميم احترام الشرعة العالمية لحقوق الانسان والديموقراطية واللاطائفية والتحديث والوحدة الوطنية والعروبة ودولة المؤسسات.
وتابعت: نضال يومي طويل جمعهما، نضال ميداني ديموقراطي استمر نحو نصف قرن، تخللته محطات رئيسية في الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق المرأة الانسان، فلا عجب ان جمعهما نصب تذكاري واحد في هذا الصرح الجامعي، نصب يبقى رمزا وقدوة في سبيل تمكين الاجيال الجديدة للدفاع عن الحقوق وحمايتها وصيانتها. واكدت انهما اعطيا بفرح، ومحبة ودون مقابل، وان افضل ما نتعلمه منهما ليس مجرد معرفة وكتب بل نتعلم قيما سلوكية في الالتزام والارادة والثبات والمتابعة والاستمرارية، فقد رسما علاقتهما مع الاسرة والمجتمع ومع الدولة على قواعد الصفاء والعمل والبذل.
ورأى الرئيس الحسيني ان الوطن ليس مجرد ارض نقيم فيها، بل هو اولا علاقات نقيمها في ما بيننا، وعلاقات نقيمها في ما بيننا وبين هذه الارض، انه الشرائع، وهذا هو العمل السامي لعملنا التشريعي، بما هو بناء مستمر للوطن.
وروى حكاية معرفته بجوزف مغيزل والعلاقة التي ربطتهما، ولا سيما في المحنة – المأساة التي كان يمر بها الوطن، والافكار التي تمت مناقشتها لخدمة مسيرة الوفاق الوطني وانهاء المحنة اللبنانية التي طال امدها، والتي من خلالها توصلنا الى الاعلان عن وثيقة اتفاق الطائف واقرارها سياسيا من قبل مجلس النواب في جلسته المنعقدة في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني 1989 والتي في مقدمتها ان لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع ابنائه، واحد ارضا وشعبا ومؤسسات في حدوده المنصوص عنها في الدستور اللبناني والمعترف بها دوليا، وهو – اي لبنان – عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها، وهو عضو في حركة عدم الانحياز، وهو ايضا جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنيين دون تمايز او تفضيل، مشددين على ان الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية، وهو نظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات، والنظام الاقتصادي فيه حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة.
وشرح نقاطا من اتفاق الطائف الذي اصبح دستورا فيما بعد فقال: لكنك تعرف ايها الصديق ان الدستور لا يطبق نفسه بنفسه، فلا بد لتطبيقه نوع من القوة، القوة العليا، في نهاية المطاف ليست تلك في الثكنات، بل هي قوة الشعب التي تظهر عبر الانتخابات العامة يحكمها القانون، قانون انتخاب يؤمن صحة التمثيل السياسي، لشتى فئات الشعب، واجياله، وفعالية ذلك التمثيل، كما نصت وثيقة الوفاق الوطني، والذي لايحمل مساوىء القانون الحالي الثلاث : العصبية الطائفية، والسوقية المالية، والتبعية الاجنبية، بما يؤدي الى رد السلطة الى اصحابها الشرعيين.
اما كلمة الشكر العائلية، فكانت من نجل الراحلين الدكتور فادي مغيزل الذي رأى ضرورة للعودة الى الماضي حيث الهدف هو في جعل الذاكرة تلعب دورا منبها، لنقدها والحؤول دون تكرار مآسي الماضي التي مرت بها المجتمعات والاوطان، وعدم نسيان الاعمال والاقوال والانجازات لأفراد كرسوا حياتهم من اجل الخير العام، وتأمين السبل الكفيلة بصون كرامة الانسان وتطويرها، من اجل ترسيخ نظام قائم على الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان، ومن اجل جعل المواطن مدركا لحقوقه وواجباته، ولفت الى ان احياء ذكرى هؤلاء المناضلين، ليس احياء صنع النحاتين اللبنانيين اندره نمور وبيار كرم لشخصهم، بل هو احياء وتخليد للقيم والمبادىء التي ناضلوا من اجلها، وغايته نقل المبادىء الى الاجيال الصاعدة لتحملها بدورها وتمضي بها نحو المستقبل.
بعدها توجه الجميع الى حرم الجامعة حيث ازيحت الستارة عن النصب التذكاري لجوزف ولور مكرزل وهو من صنع الفنانين اللبنانيين اندريه نمور وبيار كرم. وشرب الجميع نخب المناسبة