نظمت “مؤسسة الرؤية العالمية” في فندق “ريفييرا”، ورشة عمل عن الحد من الكوارث وادارتها بعنوان: “وجهات النظر من الخطوط الامامية”، في حضور ممثلي عدد من هيئات المجتمع المدني ووزارات البيئة، الشؤون الاجتماعية، الاعلام، الصليب الاحمر وبرنامج الامم المتحدة الانمائي.
تهدف المؤسسة من الورشة الى عرض ما توصلت اليه في عملها البحثي عن قياس التقدم المحرز وفق اطار مشروع الحد من مخاطر الكوارث (هيوغو) من خلال اشراك المجتمع المحلي، والذي اجرت فيه تحليلا للمعلومات على الصعيدين المحلي والوطني في مختلف المناطق اللبنانية المعرضة للخطر ومنها: البقاع، عكار، بيروت وضواحيها، مرجعيون وبشري لتحديد الممارسات السليمة وعوامل النجاح المحورية والمعوقات الاساسية للتقدم.
واوضحت مديرة مكتب شؤون الاغاثة والاستجابة للطوارئ في المؤسسة في لبنان، ليندساي غلادينغ ان “المشروع هو محفز ليس فقط لزيادة الحوار في شأن قضايا الحد من مخاطر الكوارث في لبنان، بل ايضا لزيادة العمل على المستوى المحلي في شكل ملموس للحد من مخاطر الكوارث وتحسين القدرة على مقاومة الكوارث”.
واذ رأت “ان التغيير يتم في اطار الشراكة”، دعت الى “تركيز العمل على المجتمع وعلى من سيكونون الاكثر تعرضا للكوارث”.
وعرضت منسقة مشروع “وجهات نظر من الخطوط الامامية” سناء معلوف، الهدف الاساسي للمشروع، لافتة الى “ان العمل به بدأ عام 2009 بهدف قياس التقدم المحرز في تطبيق اطار عمل هيوغو ودعم تطبيقه من خلال وضع الية عامة لقياس التقدم على المستوى المحلي”، مشيرة الى “ان المشروع يركز جهوده في 2011 على دور الحكومات المحلية من خلال تقديم التقويم الأولي لتدخلات تقليل مخاطر الكوارث ومبادراته التي تطبقها السلطات المحلية لجهة بناء مرونة المجتمعات وتقليل مخاطر الكوارث”.
وقالت “انه مع انه يستحيل، حتى على اكثر المراصد تطورا، التنبؤ بحصول هزات ارضية وزلازل وتسوماني، فلا بد من التذكير بأن لبنان موجود على فالق زلزالي يمتد من البحر الاحمر الى جبال الاناضول وجبال طوروس في تركيا، ويتفرع منه في لبنان فوالق ناشطة، تعرض لزلازل مدمرة عبر تاريخه. وفي جردة لتاريخ الزلازل في لبنان تشير الدراسة الى ان ثلاث هزات ارضية مدمرة فاقت قوتها 7 درجات على مقياس ريختر ضربت لبنان في الاعوام 551 ب.م و1202 ب.م و1795 ب.م. وادى التسونامي الذي اعقب هزة 551 الى تدمير مدينة بيروت واغراق مدينة طرابلس، كما انها تشير الى ان بيروت دمرت سبع مرات بسبب هزات ارضية.
وإعتبرت “ان النمو العشوائي المضطرد للمدن يزيد هشاشة السكان حيال مخاطر الكوارث، ومن هنا التشديد على التحضر تشريعيا واداريا ومجتمعيا وعلى مختلف المستويات للتقليل من مخاطر الكوارث والاستعداد لمواجهتا بطريقة تخفف من انعكاساتها على المجتمع”.
واكد رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء يحيى رعد “ان المخاطر التي يتعرض لها لبنان، والتي يكون الانسان احيانا سببا مباشرا في حصولها، فهي الفيضانات، وذلك من خلال تعديه على الاملاك النهرية وسد مجاري الانهر بمخلفات نفاياته من اي نوع كان، بالاضافة الى سد مآخذ قنوات تصريف المياه، وهناك ايضا حرائق الغابات التي يكون في كثير من الاحيان مفتعلها وليس فقط سببها المباشر او غير المباشر”.
اضاف: “في هذا السياق، تشير الدراسة الى ان عام 2007 شهد حرائق هائلة هي من الاضخم في تاريخ الحرائق في لبنان، اذ شب اكثر من 240 حريق غابات ادت الى وفاة شخص وجرح 15 اخرين والى اضرار كبيرة في الثروة الحرجية والاراضي الزراعية فضلا عن الاضرار الفادحة بالبيئة”.
واشار الى ان “كل الكوارث التي حلت بلبنان كانت من صنع الانسان باستثناء حرب تموز”، مشددا على ان “الحل يكمن في تشديد الرقابة، وتثقيف الرأي العام، وتوعية المواطن على ان مخالفة اصول البناء السليم كلفتها عليه عند وقوع اي كارثة طبيعية اكبر بكثير من كلفة احترامه القوانين واصول البناء الامن”.
وشدد على ضرورة “اعتماد مبدأ تقويم المخاطر في لبنان، ورصد المبالغ اللازمة لذلك لان الاستثمار في الوقاية من مخاطر الكوارث اجدى واقل كلفة من معالجة اثار اي كارثة، فضلا عن انه يدخل في اطار التنمية”.
ورأت مديرة مشروع الحد من مخاطر الكوارث (هيوغو) ناتالي زعرور ضرورة “ان يضع لبنان خطة عملية واقعية ليتمكن من مواجهة المخاطر، معددة اهم هذه المخاطر كالاتي: الزلازل، الحرائق، التغير المناخي، الفيضانات، التسونامي والاوبئة، بالاضافة الى مخاطر اخرى كثيرة طبيعية او من صنع الانسان”.
واذ شرحت تطور العمل في اطار هيوغو، اشارت الى “ان لبنان ما زال بعيدا من احراز التقدم المطلوب لكنه حقق في عامي (2009 – 2011) مستوى مقبولا نسبيا وفق مقياس هيوغو (2 من 5)”.
واشارت الى “وجود تشريعات تحتاج الى تحديث وتعديل”، لكنها شددت على “ان تطبيق الموجود، والتشدد في الرقابة، وفي اعتماد نظم الانذار المبكر، وايجاد قاعدة بيانات حقيقية وشفافة من شأنه تحسين الاداء في مجال التحضر للمخاطر ومواجهتها”.
وإعتبرت “ان من الامور الاساسية للتحضر للكوارث هو ارساء مفهوم توعية الافراد لجهة نوع المخاطر التي يتعرضون لها، وحسن التصرف لمواجهتها لدى حصولها، والتقليل من مخاطرها”.
اضافت: “في السياق نفسه، اظهرت دراسة اعدتها الجامعة الاميركية بناء على طلب “مؤسسة التنمية السويسرية” عن تقويم مدى الاستجابة للطوارئ وتحليل الفجوات في قضاء صور، نقصا فاضحا في تحضر المجتمع للاستجابة للكوارث، غير ان الدراسة تبدو نموذجا يجب ان يعمم على كل الاقضية للتعرف على القدرات والحاجات واقتراح الخطوات العملية الضروية والملحة لتحسين قدرات المجتمع اللبناني عموما وتحضيره للاستجابة لمخاطر الكوارث، لا سيما في ضوء ما اظهره استطلاع مشروع وجهات نظر من الخطوط الامامية 2008 – 2009 من ان لبنان يحتل المرتبة 63 من اصل 68 بلدا شاركوا في الاستطلاع، وان نسبة التقدم المحرز في مجال الوقاية من مخاطر الكوارث منذ عام 2005، تاريخ وضع اطار عمل هيوغو، لا تفوق ال 0,25 في المئة.
وكانت اكدت ممثلة المكتب الاقليمي للاستراتيجية العالمية للحد من الكوارث لونا سويرح ل”الوكالة الوطنية للاعلام” لدى مشاركتها في ورشة عمل عن وضع قاعدة بيانات عن الكوارث في لبنان، انه اذا كانت الصورة لا تبدو مشرقة في مجال التحضر للكوارث رغم الجهد المبذول على غير صعيد، فإن هذا البلد “حقق تطورا نوعيا في مستوى الالتزام المؤسسي على صعيد مواجهة الكوارث في خلال عام ونصف فقط من انطلاق عمل وحدة ادارة الكوارث، وكانت بدايته في اعداد قاعدة بيانات اقوى من انطلاقة الدول العربية التي سبقته في ذلك، الا ان تركيزه موجه اكثر الى الازمات”، مشددة على وجوب ادراج مفهوم “الحد من مخاطر الكوارث في سياسات التنمية والاعمار والوعي العام وثقافة السلامة العامة وتخطيط المشاريع العامة وفق معايير السلامة المعتمدة دوليا واجبار القطاع الخاص على التقيد بها”.
ونوهت ب”التزام لبنان اطار عمل هيوغو للحد من مخاطر الكوارث الذي اعتمدته الامم المتحدة والذي يضع اطارا شاملا لسبل العمل على الحد من مخاطر الكوارث على 5 صعد هي: الحكم الرشيد، بناء القدرات، الرصد وتقويم المخاطر وتعزيز الانذار المبكر، التعليم والوعي، محركات المخاطر (العوامل البيئية والنظم الحيوية وتغير المناخ والبنية التحتية) والاستعداد لجبه الكوارث والتعاطي معها”.
واذ لاحظت وجود “ارادة سياسية وتشريعات والتزام مؤسسي”، لفتت الى “نقص في تفعيل اليات التنفيذ بفاعلية اكبر، وفي رصد موارد ومالية واعداد الموارد البشرية ليتمكن لبنان من الحد من مخاطر الكوارث في كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمرافق العامة الحيوية
