رادار نيوز – في شهر تموز 1908 تم اعلان الدستور العثماني. وكانت الأصول المرعية تقضي بأن تعلن وثيقة الدستور وتتلى بعض بنوده في احتفالات رسمية في جميع المراكز الحكومية، اشعاراً ببزوغ فجر جديد على شعوب السلطنة العثمانية.
كان ذلك في عهد متصرفية يوسف فرنكو باشا الذي كان من أنصار العهد القديم ومن مناهضي المبادىء الدستورية، فتجاهل الأمر وكأن شيئاً لم يكن، لذلك قلقت أفكار أبناء جبل لبنان الذين هزتهم انتفاضة أحرار السلطنة وتوسموا عهداً سعيداً.
وحدثت بعد ذلك بوقت قريب مناسبة عيد الجلوس، اي عيد ارتقاء عبد الحميد إلى عرش الاستانة وكان ذلك طبعاً قبل اقصائه عن العرش، وكانت التقاليد توجب ان يقام يومئذ احتفال شعبي تقدم فيه التهاني إلى ممثلي الباب العالي ومنهم متصرف جبل لبنان. فتنادى زعماء الجبل إلى اجتماع قرروا فيه مطالبة المتصرف بإعلان وثيقة الدستور، يوم الاحتفال بعيد الجلوس…
وفي الموعد المحدد زحفت جموع اللبنانيين إلى بيت الدين، يتقدمهم حبيب باشا السعد والأمير شكيب ارسلان والشيخ كنعان الضاهر. فوقف المتصرف في باب ديوانه يتقبل التهاني، وكان اول المتكلمين حبيب باشا فقال: جئنا الآن مهنئين، ولكن لنا مطالب… فقاطعه فرنكو باشا بحدة وقال: إذا كنتم مهنئين فأهلاً وسهلاً، اما اذا كانت لكم مطالب فبإمكانكم أن تقدموها خطياً، وقفل داخلاً إلى ديوانه.
عندئذ أراد زعماء الوفد أن يدخلوا وراءه، فوقف بكباشي الدرك في الباب ليمنعهم من الدخول، فدفعه الشيخ كنعان جانباً وصاح به قائلاً: قل لسيدك أن يحضر حالاً ويعلن وثيقة الدستور والا اعلناها نحن!. وأخذت الجماهير تهتف ، فليسقط اعداء الدستور…
فخشي المتصرف مغبة الأمر وعاد مرغماً وأعلن وثيقة الدستور، وتبين يومئذ إن فرانكو باشا كان قد كتب قبل ذلك بقليل إلى الصدارة العظمى في الأستانة، يقول: ان لبنان غير أهل للدستور، لأن ابنائه يحسبون الحرية انفلاتاً من قيود النظام…