رادار نيوز – لم يتوقف اللبنانيون عن مساءلة أنفسهم اسباب تأخرهم حيث لا قدرة لديهم على احتمال اوضاع مزرية لا تقدم الدولة لهم جواباً عن احتياجات متراكمة هائلة.
جديد المشهد ان اللبناني قد دخل في ثلاجة العصر، ووقع في أزمة تطوره المحجوزة بالتقشف والتخلف التي انتجت ظاهرات اجتماعية وسياسية. فلا يتقدم اللبناني من مدخل “التربية والتعليم” “الاقتصاد والتصنيع” الا بقرار سياسي. كما ولن تتبدل الثقافة الشعبية الا بقرار سياسي.
كل المبادرات الاجتماعية مهمة لكنها لا تعوّض الحاجة الى بناء ارادة سياسية تقوم على سلطة الناس. لن يتحرر الشعب من الموروث المشوّه الا بالفعل السياسي الحر، وبإعلاء قيم العمل المنتج، والانخراط في بناء الحياة بكل ابعادها.
عزوف النخب الحديثة عن المشاركة السياسية هو احد تجليات الازمة الراهنة، مناخات الانفتاح والانجازات الاجتماعية والتنمية والمشاركة هي الوسائل الناجحة لاحتضان هذه الثقافة الموروثة وغربلتها وفرزها وتنقيتها وتحريرها. لا يوجد شيء اسمه التناقض الجوهري بين اللبناني والديمقراطية والحداثة. المسألة الديمقراطية في العالم العربي قائمة على المستوى التاريخي وليس على المستوى الوجودي او التكويني.
الديمقراطية الغربية هي ايضاً نتاج تاريخي. في كل أمة ثقافتان تتجاوران في اتجاهي التقدم والرجعية وفق المحرك الاجتماعي والسياسي ومدى الخصوبة الثقافية. مصير اللبناني ومستقبله مرهونان بإرادة سياسية يحركها الوعي التاريخي. لا احد ينكر ان الثقافة التقليدية تشكل عائقاً فعلياً امام التحويل الديمقراطي. وتتعاظم الحاجة الى انخراط القوى المدنية كلها في حركة التغيير لكي تتوافر موازين القوى القادرة على بناء نظام سياسي ديمقراطي فعلاً. اذا كان هناك من نقاط برنامجية تستحق التركيز فهي ضمان التعددية السياسية والثقافية والحقوق المدنية.
فالمسألة الآن كيف نخرج الى دائرة السياسة، والى الحوار الحقيقي. الازمة نفسها تؤكد غياب الثقة بين الحاكم والمحكوم. ولا تستعاد بينهما، ولا حتى بين المتنازعين، على الإرث الطويل من الدم والعنف، إلا بمصالحة تاريخية شاملة. وأن بناء الثقة ينطلق من الاعتراف بالآخر من دون تغيير صورته معنوياً ومادياً.