كان الانسان منذ ان خلقه الله حراً طليقاً من كل قيد، يعيش ويتعرف الى كل شيء، يستمتع بمراقبة كل شيء، يفرّق بين الحق والباطل، يناضل للخير ضد الشر، لان الانسان هو انسان في حالات قوته، ومراتب ضعفه، وفي مذلته بالعبودية من الغير، وفي عزته التي يحتمي بها من الاذلال!! في الزمن الماضي كانت حاجيات الانسان بسيطة، ومتطلباته متوفرة في احضان الطبيعة، وكانت الحياة والمعيشة لا تكلفاه شيئا، الا في المجهود الذي يبذله في الحصول على طعامه فقط.
ولكن اليوم تغيرت الاوضاع، والحقائق الانسانية البسيطة مع تغيّر انماط الحياة التي اصبحت مستقرّة الى حدّ بعيد. الى ان تطورت ومرّت بمراحلها ووصلت الى الحياة العصرية بصورتها المعقدة في الكثير من الامور، ويبدأ الصراع والتنافس على تحصيل المصالح وسيطرة مرض التسلط وكراهية الغير. فالسلطة بالصورة التي ينشدها الناس عادةً الآن هي سلطة الامر، وسلطة التعرض لحرية الآخرين، وارغامهم على عمل ما لا يريدون عمله. هناك سلطة تقوم على الحكمة، والادراك، وامكانات السعادة، والكثيرون من ذوي الحيوية الذين يوجهون جهودهم في عالمنا اليوم الى السيطرة. تفرقة وتمايز على خلفيات قديمة ومن الممكن ان تكون تاريخية رغم انهم ابناء وطن واحد وينتسبون الى أب الوجود آدم وأم واحدة هي حواء!!
لماذا لا يعمل الجميع على رفاهية الانسان، واعلاء شأنه وقدره. لأن لديهم طبائع حاسدة، وحاقدة بحسب عقليتهم.
والعلاج الوحيد لهذا الحسد هو بهجة الحياة، وافساح مجال للتسامح والرحمة ان يعيشا بين الناس لتعمّ السعادة بينهم جميعاً. فمن يرغب في التنافر، ومن يكون ممتلئاً بذلك العداء الحقود الذي يفرضه الكيان الضّيق المقيّد على الطبيعة البشرية. لان العقبات توجد في قلوب الناس، والانانية عند البشر في شهوة السلطة والحكم، والتي ترغب في التميزبأسلوب حياتها على مقدرات وسعادة الآخرين بالكراهية. فيجب ان يجتهد كل من اصحاب الفكر والعلم… في توجيههم الى التسامح والمغفرة للماضي، لبناء مجتمع جديد يرفع من شأن الانسان وطبيعته البشرية من خلال منظومة عمادها العدل وقبول الآخر.
لعلنا نتخلص من الانانية في المنافسة والاحتكار والتسلط في الحكم والاستبداد. فالناس اليوم هم كجبل الجليد الذي اضناه البرد واتعبه البقاء في قسوة المحيط ويحتاج للحظة انصهار… فيا ليت بالامكان خلق عالم خالٍ من الحسد والحقد، ويترك اله الانسان لكل انسان يتصوره ويعتقد به كما يشاء، دون احتكار للجنة او النار على خلفية امتلاك الحقيقة المطلقة والوصاية على الانسان لكي يكون انسانا.