هو خليل بن عبده بن يوسف مطران ولد في الأول من يوليو عام 1871م في بعلبك بلبنان، وتلقى تعليمه بالمدرسة البطريريكية ببيروت. تلقى توجيهاته في البيان العربي على يد أستاذاه الأخوان خليل وإبراهيم اليازجي، كما أطلع على أشعار فكتور هوغو وغيره من أدباء ومفكري أوروبا، هاجر مطران إلى باريس وهناك انكب على دراسة الأدب الغربي.
كان مطران صاحب حس وطني فقد شارك في بعض الحركات الوطنية التي أسهمت في تحرير الوطن العربي، ومن باريس انتقل مطران إلى محطة أخرى في حياته فانتقل إلى مصر، حيث عمل كمحرر بجريدة الأهرام لعدد من السنوات، ثم قام بإنشاء “المجلة المصرية” ومن بعدها جريدة “الجوانب المصرية” اليومية والتي عمل فيها على مناصرة مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمر إصدارها على مدار أربع سنوات، وقام بترجمة عدة كتب.
من قصائده الثائرة:
شـرِّدُوا أَخْـيَـارَهَـا بَحْراً وَبَرا وَاقْـتُـلـوا أَحْرَارهَا حُرّاً فَحُرَّا إِنَّـمـا الـصَّـالِـحُ يَـبْقَى صَالِحاً آخِـرَ الدَّهْرِ وَيَبْقَى الشَّرُّ شَرَّا كَـسرُوا الأَقْلامَ هَلْ تَكْسِيرُهَا يَمْنَعُ الأَيْدي أَنْ تَنْقُشَ صَخْرَا
قَـطِّـعُـوا الأَيْـديَ هَـلْ تَقْطِيعُها يَـمنَعُ الأَعْيُنَ أَنْ تَنْظُرَ iiشَزْرَا أَطْـفِـئُوا الأَعْيُنَ هَلْ إِطْفَاؤُهَا يَمْنَعُ الأَنْفَاسَ أَنْ تصْعَدَ زَفْرَا أَخْـمِـدُوا الأَنْفَاسَ هَذَا جُهْدُكمْ وَبِـه مَـنْـجـاتُـنَـا مِـنْكُمْ فَشكْرَا
مسرحية عطيل لشيكسپير، تعريب خليل مطران. انقر لمطالعتها كاملة.
وخلال فترة إقامته في مصر عهدت إليه وزارة المعارف المصرية بترجمة كناب الموجز في علم الاقتصاد مع الشاعر حافظ إبراهيم، وصدر له ديوان شعر مطبوع في أربعة أجزاء عام 1908، عمل مطران على ترجمة مسرحيات شكسبير وغيرها من الأعمال الأجنبية، كما كان له دور فعال في النهوض بالمسرح القومي بمصر.
ونظراً لجهوده الأدبية المميزة قامت الحكومة المصرية بعقد مهرجان لتكريمه حضره جمع كبير من الأدباء والمفكرين ومن بينهم الأديب الكبير طه حسين.
أسلوبه الشعري
خليل مطران
عرف مطران كواحد من رواد حركة التجديد، وصاحب مدرسة في كل من الشعر والنثر، تميز أسلوبه الشعري بالصدق الوجداني والأصالة والرنة الموسيقية، وكما يعد مطران من مجددي الشعر العربي الحديث، فهو أيضاً من مجددي النثر فأخرجه من الأساليب الأدبية القديمة.
على الرغم من محاكاة مطران في بداياته لشعراء عصره في أغراض الشعر الشائعة من مدح ورثاء، لكنه ما لبث أن أستقر على المدرسة الرومانسية والتي تأثر فيها بثقافته الفرنسية، فكما عني شوقي بالموسيقى وحافظ باللفظ الرنان، عنى مطران بالخيال، وأثرت مدرسته الرومانسية الجديدة على العديد من الشعراء في عصره مثل إبراهيم ناجي وأبو شادي وشعراء المهجر وغيرهم.
شهدت حياة مطران العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية الهامة وكان بالغ التأثر بها وعبر عن الكثير منها من خلال قصائده، وعرف برقة مشاعره وإحساسه العالي وهو الأمر الذي انعكس على قصائده، والتي تميزت بنزعة إنسانية، وكان للطبيعة نصيب من شعره فعبر عنها في الكثير منه، كما عني في شعره بالوصف، وقدم القصائد الرومانسية، من أبيات الشعر الرومانسية التي قالها عندما سئل عن محبوبته قال:
يَا مُنَى الْقَلْبِ وَنُورَ العَيْنِ مُذْ كُنْتُ وَكُنْتِ لَمْ أَشَأْ أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ بِمَا صُنْتُ وَصُنْتِ وَلِـمَـا حَـاذَرْتُ مِـنْ فِـطْـنَـتِـهِمْ فِينَا فَطِنْتِ إِنَّ لَـيْـلاَيَ وَهِـنْـدِي وَسُـعَادِي مَنْ ظَنَنْتِ تَـكْـثُـرُ الأَسْـمَـاءُ لَـكِنَّ المُسَمَّى هُوَ أَنْتِ
اهتم مطران بالشعر القصصي والتصويري والذي تمكن من استخدامه للتعبير عن التاريخ والحياة الاجتماعية العادية التي يعيشها الناس، فاستعان بقصص التاريخ وقام بعرض أحداثها بخياله الخاص، بالإضافة لتعبيره عن الحياة الاجتماعية، وكان مطران متفوقاً في هذا النوع من الشعر عن غيره فكان يصور الحياة البشرية من خلال خياله الخاص مراعياً جميع أجزاء القصة.
من قصائده التاريخية: نذكر قصيدة “بزرگمهر”
سَجَدُوا لِكِسْرَى إِذْ بَدَا إِجْلاَلاَ كَسُجُودِهِمْ لِلشَّمْسِ إِذْ تَتَلاَلاَ يَا أُمَّةَ الْفُرْسِ الْعَرِيقَةَ فِي الْعُلَى مَاذَا أَحَالَ بِكِ الأسُوُدَ سِخَالاَ كنْتُمْ كِبَاراً فِي الْحُرُوبِ أَعِزَّةً وَالْيوْمَ بِتُّمْ صَاغِرِينَ ضِئَالاَ عُبَّاد كِسْرَى مانِحِيهِ نُفُوسَكُمْ وَرِقَابَكُمْ وَالعِرْضَ وَالأَمْوَالاَ تَسْتَقْبِلُونَ نِعَالَهُ بِوُجَوهِكُمْ وَتُعَفِّرُونَ أَذِلَّةً أَوْكَالاَ أَلتِّبْرُ كِسْرَى وَحْدَهَ فِي فَارِسٍ وَيَعُدُّ أُمَّةَ فَارِسٍ أَرْذَالاَ شَرُّ الْعِيَالِ عَلَيْهِمُ وَأَعَقُّهُمْ لَهُمُ وَيَزَعُمُهمْ عَلَيْهِ عِيَالاَ إِنْ يُؤْتِهِمْ فَضلاً يَمُنَّ وِإِنْ يَرُمْ ثَأَراً يُبِدْهُمْ بِالْعَدُوِّ قِتَالاَ
تفوق مطران على كل من حافظ ابراهيم وأحمد شوقي في قصائده الاجتماعية والتي تناول فيها العديد من المواضيع، محارباً فيها الفساد الاجتماعي والخلقي.
وقد كان لمطران الاهتمام الأكثر في كتابة الشعر القصصي دون غيره من الشعراء. فشاعريته فتحت لنا آفاقا جديدة في عالم الشعر العربي. حيث كان الشعر لديه متنفسا للتعبير عن أحاسيسه الانسانية وعاطفته الجياشة لبنى الانسان. وبحزن عميق يروق لك ان تسمعه عندما تسابقنا الأفنية لسماعه وهو يتلو الآبيات التالية:
فجعت فؤادي يازمان بخطبها فليتك مرزوء الفؤاد بأفجع عروس لعام لم يتم صرعتها ولو شئت لم تضرب بأمضى وأقطع فبات على مهد الضنى مالجفنها هجوع ولا جفني يقر بمهجع وكانت ربيعا لي فأقوت مرابعي من الزهر والشدو الرخيم المرجع
ففى هذه الأبيات السابقة يروي مطران قصة العوادة المتسوله التي ماتت بعد عام من زواجها ، وكانت القصيدة تحمل عنوان (وفاء) وان مثل هذا الشعر يتم عن شعور صادق بالمشاركة في السراء والحزن ، وقد كتب في ذلك المجال كثيرا لقصة (الجنين الشهيد) و(المنتحر) و(الطفل الظاهر).
على النقيض من ذلك هناك جانب آخر يتمتع به الشاعر هو نواح مشرقه مستملحة أجاد فيها زوح المرح من حيث الدعابة الحقيقة الراقية كقصة (إن من البيان لسحرا) وهي تحكي قصة شاعر عذب الحديث ، ساحر البيان .نهيت الفتيات عن الاستماع اليه ، لكنهن لم يعبأن بالنهي وانسللن اليه خفية فأخذ يقص عليهن من القصص ماسحر البابهن وأوقعهن في اسر بيانه حين قال:
سر العذارى مبنى عن شاعر للحي زائر فقصدته وسخرن من زجر الأميمات الزواجر فوجدته رجلا مليحا خلقه حسن الظواهر لاشي يفتضح النهي فيه كما أدعت النواهر فسألته إنشاد شتى من بدائعه الحواضر فأطاعهن ومن ترى يعصي الجميلات الأوامر فعقدن فيما حوله عقدا فريدا من جواهر وتناول الرجل الرباب وفكره في الغيب ناظر وآثار في الأوتار تغريدا كأن العود طائر
ولما كانت ثقته بنفسه تسمو ، فقد كان حياديا ويصبح بحديثه الصادق مهما تباينت بجانبه الظروف وتلاحقه المآسى وإلا انه يقول :
«
انني اصرخ غير هائب أن شعر هذه الطريقة ولا أعنى منظوماتي الضعيفة ـ هو شعر المستقبل لأنه شعر الحياة والحقيقة والخيال جميعا ، وللدلالة على صعوبة الوصول الى الاتقان في مثل هذا النوع من النظم نشرت في هذا الديوان القصيدة الأولى من شعر الصبي وقصائد أخرى. وليس من شعري يعتني بالأكثر هنا بين الطرس والمداد الا مدامع ذرفتها وزفرات صعدتها وقطعا من الحياة بددتها ، ثم نظمتها فتوهمت اني استعدتها. »
حَيِّ الأَمِيرَةَ رَبَّةَ النَّسَبِ
حَيِّ الأَمِيرَةَ رَبَّةَ النَّسَبِ حَيِّ الأَمِيرَةَ رَبَّةَ الْحَسَبِ حَيِّ الَّتي انْتَظَمَتْ فَوَاصِلُهَا فِي الْبِرِّ شَمْلَ الْعَجْمِ وَالْعَرَبِ حَيِّ الَّتي أخَذَتْ مَنَاقِبُهَا عَنْ خَيْرِ وَالِدَةٍ وَخَيْرِ أَبِ وَأَعَزِّ جِدٍّ شَادَ مَمْلَكةٌ سَامَى بِهَا العُلْيَا مِنَ الشُّهُبِ يَا مَنْ هَوَاهَا مَجْدُ أُمَّتِهَا مَهْمَا يُجَشِّمُهَا مِنَ الْنَّصَبِ مَا يَبْلَغُ الْمَدَّاحُ مِنْ شِيَمٍ أَكْمَلْتِهَا بِالْعِلْمِ وَالأدَبِ جَاوَزْتِ آَمَالَ العُفَاةِ بِمَا تَسْدِينَهُمْ مِنْ غَيْرِ مَا طَلَبَ فَإِلَيْكِ شُكْرُهُمْ وَأَجْمَلُهُ طَيِّ القُلُوبِ وَلَيْسَ فِي الكُتُبِ وَإِلَيْكِ أَدْعِيَةُ النُّفُوسِ بِأَنْ تَحْيِي مُعْظَّمَةً مَدَى الحُقُبِ وَبِأَنْ تُثَابِي عَنْ نَدَاكِ وَمَنْ يَقْرِضْ جَمِيلاً رَبَّهُ يَثِبِ
الْيَوْمَ يَوْمُ مَصَارِعِ الشُّهَدَاءِ
الْيَوْمَ يَوْمُ مَصَارِعِ الشُّهَدَاءِ هَلْ في جَوَانِبِهِ رَشَاشُ دَمَاءِ للهِ غُيَّابٌ حضُورٌ في النُّهَى مَاتُوا فَبَاتُوا أَخْلَدَ الأَحْياءِ أَبْطَالُ تَفْدِيَةٍ لَقُوا جُهْدَ الأَذَى في اللهِ وَامْتَنَعُوا مِنَ الإِيذاءِ بُعَدَاءُ صِيتُ مَا تَوَخَّوْا شُهْرَةً لَكِنْ قَضَوْا فِي ذِلَّةٍ وَعَنَاءِ لَبِثُوا عَلَى إِيمَانِهِمْ وَيَدُ الرَّدَى تَهْوِي بِتِلْكَ الأَرْؤُسِ الشَّمَّاءِ سَلِمَتْ مَشِيئَتُهُمْ وَمَا فِيهِمْ سِوَى مُتَقَطِّعِي الأَوْصَالِ وَالأَعْضَاءِ صَبَرُوا عَلَى جَبَرُوتِ عَاتٍ قَاهِرٍ سَاءَ النُّهَى وَالدِّينَ كُلَّ مَسَاءِ مَا كَانَ دِقْلِتْيَانَ إِلاَّ طَاغِياً مَلَكَ الرِّقَابَ بِغِلْظَةٍ وَجَفَاءِ لاَنَتْ لَهُ الصُّمُّ الصِّلاَدُ وَلَمْ تَلِنْ شَيْئاً قُلُوبُ الصَّفْوَةِ الفُضَلاَءِ حَاشَا الْحَقِيقَةِ كَمْ مِثَالٍ لا تَرَى إِلاَّ الْبَقَايَا مِنْهُ عَيْنُ الْرَّائِي ظَلَّتْ حَنَايَاهُ وَإنْ حُطِمَتْ عَلَى مَا كَانَ فِيهَا مِنْ تُقىً وَرَجَاءِ إِنَّ الْعَقِيدَةَ نِعْمَةٌ عُلْوِيَّةٌ تَصْفُو عَلَى الْنِّقَمَاتِ وَالأَرْزَاءِ تَجْنِي فَخَاراً مِنْ إِهَانَاتِ الْعِدَى وَتُصِيبُ إِعْزَازاً مِنَ الإِزرَاءِ بِكْرُ بِأًوجِ الْحُسْنِ غَالٍ مَهْرُهَا لاَ تُشْتَرَى بِأَيَاسِرِ الأَشْيَاءِ تُزْرَى النَّفَائِسُ دُونَهَا وَلَربَّمَا بَذَلَ النُّفُوسَ حَمَاتُهَا بِسَخَاءِ أَليَوْمَ بَدْءُ الْعَامِ عَامِ النِّيلِ فِي إِقْبَالِهِ المُتَجَدِّدِ الَّلأْلاَءِ مَا انْفَكَّ فِي أَقْسَامِهِ وفُصُولِهِ شَرَعاً وَفي الأَوْضَاعِ وَالأسْمَاءِ قَدْ أُحْكِمَتْ في كُلِّهِ أَجْزَاؤُهُ فَبَدَا تَمَامُ الْكُلِّ بِالأَجْزَاءِ عَجَبٌ لِقَوْمٍ لاَتَنِي آثَارُهُمْ هِيَ أَعْظَمُ الآثَارِ في الْغَبْرَاءِ قُصَّتْ حَوَاشِيهِمْ وَقُلِّصَ ظِلُّهُمْ إِلاَّ كِفَاحَ بَقِيَّةٍ لِبَقَاءِ وَعَفَتْ مَعَاهِدُ بَطشِهِمْ أَوْ أَوْشَكَتْ وَهَوَتْ صُرُوحُ العِزَّةِ الْقَعْساءِ إِلاَّ نِظَاماً فَصَّلُوهُ لِعَامِهِمْ فَلَقَدْ أَقَامَ كَأَصْلِهِ المُتَنَائِي كَمْ دَوْلَةٌ دَالَتْ بِمصْرَ وَحُكْمُهُ مُتَوَارَثٌ عَنْ أَقْدَمِ الآباءِ وَإذَا بَنَى الأَقْوَامَ فِكْراً صَالِحاً فَالْفِكْرُ يَثْبُتُ بَعْدَ كُلِّ بِنَاءِ أمهيئي هَذَا المقَامَ وَمُبْدِعِي هَذَا النِّظَامَ لِحِكْمَةٍ غَرَّاءِ إنْ أَرْجُ فَالإقْبَالُ مَا أَرْجُو لَكُمْ وَإذَا دَعَوْتُ فَبِالرُّقِيِّ دُعَائِي
قالوا عنه
أشار الدكتور ميشال جحا الأديب اللبناني والذي قام بنشر دراسة عن خليل مطران “إلى أن شوقي وحافظ ومطران، يمثلون الثالوث الشعري المعاصر الذي يذكرنا بالثالوث الأموي: الأخطل وجرير والفرزدق الذي سبقه بأكثر من اثني عشر قرناً من الزمن، كما عاش هؤلاء الشعراء في فترة زمنيـة متقاربة، وفي كثـير من الأحيـان نظمـوا الشعر في مناسبـات واحدة، إنما خلـيل مطران يبقى رائـد الشعر الحديث”.
كما قال عنه الشاعر صالح جودت “أنه اصدق شعراء العرب تمثيلاً للقومية العربية”.
وعبر طه حسين عن رأيه في شعر مطران وهو يخاطبه قائلاً “إنك زعيم الشعر العربي المعاصر، وأستاذ الشعراء العرب المعاصرين، وأنت حميت “حافظاً” من أن يسرف في المحافظة حتى يصيح شعره كحديث النائمين، وأنت حميت “شوقي” من أن يسرف في التجديد حتى يصبح شعره كهذيان المحمومين”.
كما قال عنه محمد حسين هيكل “عاش مطران للحاضر في الحاضر وجذب جيله ليجعله حاضراً كذلك، فشعره وأسلوبه وتفكيره كلها حياة جلت فيها الذكرى وعظمت فيها الحيوية، ولهذا تراهم حين يتحدثون عن مطران يتحدثون عن الشعر والتجديد فيه”.
من قصائده الرومانسية:
إِنْ كانَ صَبْرِي قَلِيلاً فَإِنَّ وَجْدِي كَثِيرُ لَيْسَ المُحِبُّ صَدُوقاً فِي الحُبِّ وَهْوَ صَبُورُ يا بَدْرُ سُمِّيت بدْراً وَأَيْنَ مِنْكَ البُدُورُ أَيْنَ الجَمَادُ مُنِيراً مِنْ ذِي حَيَاةٍ يُنِيرُ أَيْنَ الصَّبَاحَةُ فِيهِ وَأَيْنَ مِنْهُ الشُّعُورُ أَيْنَ السَّنَى وَهْوَ شَيْبٌ مِنَ الصِّبَا وَهْوَ نُورُ لمْ أَنْسَ حِينَ التَقيْنَا وَالرَّوْضُ زاهٍ نَضِيرُ إِذِ الْعُيُون نِيَامٌ وَاللَّيْلُ رَاءٍ حَسِيرُ نَشْكو الغَرَامَ دِعَأباً وَرُبَّ شَاكِ شَكُورُ وَفِي الهَوَاءِ حَنِينٌ مِنَ الهَوَى وَزَفِيرُ
من قصائده
اقرأ نصاً ذا علاقة في
خليل مطران
المساء
موت عزيز
الأسد الباكي
وفاء
الجنين الشهيد
المنتحر
الطفل الظاهر
نيرون
فتاة الجبل الأسود
شيخ أثينة
بين القلب والدمع
الزنبقة
فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا بَعْدَ قُرْبٍ
دَعَوْتُمُونِي وَبِي مَا بِي مِنَ الْوَصَبِ
ألقى الدجى الستر فقم طائفا
هذه الروض التي تبدي حلاها
دُرْ فِي سَمَائِكَ يَا قَضَاءُ فَإِنْ يَثُرْ
هَانَتْ مَعَالِمُ مَاتَ سَيِّدُهَا
جَمَعَ الصِّحَابَ علَى هَوىً وَإِخَاءِ
ظَنَنْتُ أَنَّ النَّوَى تُخَفِّفُ مِنْ
تِلْكَ الدُّجُنَّةُ آذَنَتْ بِجَلاَءِ
عَاجَتْ أَصِيلاً بِالرِّيَاضِ تَطُوفُهَا
أَلنِّيلُ عَبْدُكَ وَالمِيَاهُ جَوَارِي
أَبْلِغْ بِمَا أَفْرَغْتَ فِي تِمْثَالِ
وقدم للمكتبة العربية كتب من ينابيع الحكمة والأمثال، ديوان الخليل، إلى الشباب والعديد من المترجمات لكل من شكسبير (ومنها عطيل)، وفيكتور هوجو.
تعد قصيدة “المساء” من أشهر قصائد مطران والتي قال فيها:
داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي يَا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وَمَا فِي الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِiالضُّعَفَاءِ قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالْجَوَى وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْوَاءِ وَالرُّوْحُ بيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ فِي حَالَيَ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ كَدَرِي وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائِي هَذَا الَّذِي أَبْقَيْتِهِ يَا مُنْيَتِي مِنْ أَضْلُعِي وَحَشَاشَتِي وَذَكَائِ عُمْرَيْنِ فِيكِ أَضَعْتُ لَوْ أَنْصَفْتِنِي لَمْ يَجْدُرَا بِتَأَسُّفِي وَبُكَائِي عُمْرَ الْفَتَى الْفَانِي وَعُمْرَ مُخَلَّدٍ بِبيَانِهِ لَوْلاَكِ في الأَحْيَاءِ
ويسترسل في نفس القصيدة مدمجاً عواطفه في الطبيعة فيقول:
إِنِّي أَقَمْتُ عَلى التَّعِلَّةِ بِالمُنَى فِي غُرْبَةٍ قَالوا تَكُونُ دَوَائِي إِنْ يَشْفِ هَذَا الْجِسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا أَيُلَطَّف النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ أَوْ يُمْسِكِ الْحَوْبَاءَ حُسْنُiمُقَامَهَا هَلْ مَسْكَةٌ فِي البُعْدِ للْحَوْبَاءِ عَبَثٌ طَوَافِي فِي الْبِلاَدِ وَعِلَّةٌ فِي عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاِسْتشْفَاءِ مُتَفَرِّدٌ بِصَبَابَتِي مُتَفَرِّد بِكَآبَتِي مُتَفَرِّدٌ بَعَنَائِي شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي فَيُجِيبُنِي بِرِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ ثاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لِي قَلْباً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ يَنْتَابُهَا مَوْجٌ كَمَوْجِ مَكَارِهِي وَيَفُتُّهَا كَالسُّقْمِ فِي أَعْضَائِي وَالبَحْرُ خَفَّاقُ الْجَوَانِبِ ضَائِقٌ كَمَداً كصَدْرِي سَاعَةَ الإِمْسَاءِ تَغْشَى الْبَريَّةَ كُدْرَةٌ وَكَأَنَّهَا صَعِدَتْ إِلى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَائي وَالأُفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ يُغْضِي عَلَى الْغَمَرَاتِ وَالأَقْذَاءِ يا لَلْغُرُوبِ وَمَا بِهِ مِنْ عِبْرَةٍ للِمْسْتَهَامِ وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي أَوَلَيْسَ نَزْعاً لِلنَّهَارِ وَصَرْعَةً لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِمِ الأَضْوَاءِ أَوَلَيْسَ طَمْساً لِلْيَقِينِ وَمَبْعَثاً للِشَّكِّ بَيْنَ غَلاَئِلِ الظَّلْمَاءِ أَوَلَيْسَ مَحْواً لِلْوُجُودِ إِلى مَدىً وَإبَادَةً لِمَعَالِمِ الأَشْيَاءِ..
وفاته
جاءت وفاة مطران بالقاهرة في الأول من يونيو العام 1949م بعد أن اشتد عليه المرض، لتشهد مصر وفاته كما شهدت انطلاقته الأدبية.