//

ندوة حوارية مع نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة العامة غسان حاصباني حول “لبنان والشرق الأوسط 2030” في جامعة الروح القدس

184 views

رادار نيوز – نظم المعهد العالي للعلوم السياسية والإدارية في كلية الحقوق في جامعة الروح القدس – الكسليك ندوة حوارية مع نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة العامة غسان حاصباني، حول “لبنان والشرق الأوسط 2030″، أدارها السفير الدكتور ناصيف حتي، في حضور نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال هاشم والدكتور نيكولا بدوي وشخصيات سياسية وديبلوماسية وإعلامية وتربوية، إضافة إلى عمداء الكليات والأساتذة والطلاب، في قاعة جان الهوا، في حرم الجامعة الرئيسي في الكسليك.

الأب هاشم

النشيد الوطني بداية، ثم كلمة للدكتور قدّم فيها المتحدثون، ثم ألقى نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال هاشم كلمة أكد فيها أن “كلّنا يدرك أنّه من أهمّ عناصر القوّة في وطننا في مناخ الحرية الذي نعيش فيه والذي هو أكثر منْ أساسيّ لأي تقدّم للمجتمع، هو التنّوّع الثقافي. هذا التنّوّع الذي يعزّز الانْفتاح والتفاعل الخلّاق والبنّاء مع الخارج. فقوّة لبنان تكمن في التنّوّع الثقافي الذي هو مصدر غنى لجودة التعليم ونوعيّته. وهذه منْ أهم سمات وطننا الكبير في موْقعه واشعاعه في العالم”.

وأضاف: “نحن في هذا الصّرح العلمي والفكري والثّقافي نعمل لهذه الأهداف السامية من أجل تنميةٍ إنسانية، وذلك من خلال توفير البيئة المحفّزة والمشجّعة والدافعة لاكتساب العلم في كافّة مجالات الاختصاص لطلابنا وهم قيادات الغد في مختلف ميادين الحياة. إنّ التعليم النّوعي هو إحدى الروافد الاساسية لتحصين الوطن مجتمعًا ودولةً للتعامل بنجاحٍ مع التحديات المحيطة بنا”.

وختم: “أجدّد شكري لكم دولة الرئيس، نتطلّع للاسْتماع إلى أفكاركم ومقترحاتكم وأنتم المسلحون بالعلم والخبرة والتجربة وأنتم الآن في موقع المسؤولية الرسمية، حول التحديات التي تواجه لبنان وحول أفضل السبل وأنجح الوسائل للتعامل معًا بنجاح”.

الرئيس حاصباني

ثم ألقى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة غسان حاصباني محاضرة تمحورت حول ثلاثة محاور. فتطرّق في المحور الأول إلى مسألة “القرية الكونية” بدءاً من “اندلاع الحربين العالميتين مروراً بالحرب الباردة وما رافقها من تنافس اقتصادي وسياسي وعسكري بين الاتحاد السوفياتي وحلف شمال الأطلسي. فبعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، عرف العالم نهضة اقتصادية كبيرة جداً حصلت نتيجة إعادة إعمار أوروبا التي تدمرّت كلياً خلال الحرب. وكان النمو الاقتصادي آنذاك بنسبة 5% سنوياً على مستوى الاقتصاد العالمي، وهي أعلى نسبة شهدها التاريخ. بعد ذلك، جاءت الحرب الباردة التي شهدت تحديات اقتصادية واجتماعية. ثم عرفت مرحلة الثمانينيات انفجاراً عسكرياً كبيراً وحروباً وتشنجات حول العالم أنهت الحرب الباردة. بعد ذلك، برزت ثورة اقتصادية خلال التسعينيات وبداية الألفية، تمثلت بانتشار التكنولوجيا والإنترنت وأجهزة الاتصالات المتنقلة التي خلقت نوعاً جديداً من العالم. وبالعودة إلى مرحلة الحربين العالميتين فقد تحوّل الاستعمار إلى العولمة من خلال نشوء منظمات دولية تتعاون فيما بينها لتخلق لنفسها حضوراً دولياً مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي… كما حوّلت الإيديولوجيات والمدارس الفكرية المختلفة السائدة عندها إلى اتجاهين إثنين هما الرأسمالية التي ركّزت على الإنتاجية والحرية في الاقتصاد، والإشتراكية التي ركّزت على الإنتاجية والمساواة في الدخل. ولكن بسبب السياسات المحيطة، إنهار النظام الاشتراكي مع انهيار الاتحاد السوفياتي بشكل مفاجئ. وفي العام 2008، إنهار النظام الرأسمالي بسبب فقدانه للضوابط فهو نظام حر مطلق تحوّلت فيه أزمة القطاع المصرفي إلى أزمة اقتصادية حول العالم ولاتزال مستمرة حتى اليوم وهي التي تسبّبت بمرحلة التحول التي نعيشها حالياً. وستنتهي هذه المرحلة في العام 2030، والتحولات التي نشهدها هي بحجم التحولات التي حصلت بعد الحرب الباردة”.

وتابع: “تنتقل القرية الكونية والعولمة أكثر فأكثر إلى المحلية. فعندما أدت العولمة إلى نشوء اتحادات كبيرة، هناك توجّه اليوم إلى نشوء المناطق الصغرى والمدن مقابل الدول الكبرى التي نشأت في السابق بعد الحروب بهدف خلق قوة اقتصادية كبرى. فبسبب وسائل التواصل والاتصال وقدرة الشعوب على التعامل مع بعضها جراء العولمة، لم يعد هناك حاجة للمرور بالدول الكبرى للتوقيع على معاهدات التعاون الاقتصادية والعلمية والثقافية… ويتميّز هذا التوجّه بإعطاء حجم أكبر إلى اللامركزية والاستقلالية لمكونات المجتمع. وهناك اتجاه حالي لاستبدال الحرية والفعالية أو المساواة والفعالية بخطة لوضع ضوابط لموضوع الحرية المطلقة في الاقتصاد ليكون بذلك اقتصاداً حراً ومنظماً وليس مطلقاً، حدوده المسؤولية الاجتماعية ومساواة في الفرص، وإعطاء أهمية لمكونات المجتمع لتأمين مساحات من التنافسية الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على نمط حياتها ونوعيتها وبيئتها من دون أن تشعر أنها مهمشة أو مهددة، و70% من شعوب العالم تعيش في إطار هذا النوع من الاقتصاد.

وتابع بالقول: “بدأنا نشهد نوعاً جديداً من الثورة الصناعية المتمثلة بالمكننة وBiotechnology و Nanotechnology  التي ستلغي وظائف تشغيلية كثيرة موجودة وتنقل البشر إلى وظائف متقدمة أكثر مبنية على التحليل، وبناء العلاقات، وتطوير مستوى الذهن البشري. حيال ذلك، تكثر التحديات العالمية وتتمثل بالفرق في الدخل الفردي، التغير المناخي، عدم وجود فرص عمل، التطور التكنولوجي، وهذه التحديات من شأنها أن تتسبّب بأزمات مياه وغذاء، حروب وصراعات، حركات نزوح كبيرة، عنف وإرهاب وحروب الكترونية إجتماعية وأمنية”.

وفي موضوع الشرق الأوسط الذي شكّل المحور الثاني من المداخلة، اعتبر الوزير حاصباني أنّ “الشرق الأوسط هو عين العاصفة. فهو يعاني من غياب في فرص العمل ومن أكبر نسبة نزوح ووفيات. هناك تحوّل كبير وخطير لجهة الحروب والعنف والإرهاب التي يشهدها. هذه التحولات موجودة في مناطق أخرى ولكنها تملك وجهاً آخر، فهي تظهر في صناديق الاقتراع كما في أوروبا وأميركا، أما في الشرق الأوسط فتأخذ شكل الصراعات الدموية والحروب. نتجّه، اليوم، إلى نزوح باتجاه المدن والتجمعات الكبرى. فتنشأ مدن ومقاطعات ومناطق يكون لها لامركزية في إدارة قراراتها المحلية فقط وليس في القرارات الكبرى مثل التشريع، وستتبلور هذه الصورة أكثر بحلول العام 2030. ولن تنشأ دول جديدة لأن ليس من مصلحة أحد أن يخلق حدود وعملات وعلاقات جديدة لأن ذلك يتعارض مع الاتجاه العالمي. وما نراه اليوم هو لامركزية في الدول التي تعاني من صراعات سياسية واقتصادية واجتماعية”.

وفي إطار المحور الثالث، تحدّث الوزير حاصباني عن لبنان الذي “قد مرّ، سابقاً، بالمشاكل التي يمرّ بها، حالياً الشرق الأوسط ونجح بفضل تعدديته بأن يظهر نوعاً من التعايش الناجح بالرغم من التحديات التي واجهها”. ودعا إلى “تطبيق اللامركزية الإدارية الجغرافية في لبنان بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني لتؤمن مرونة أكثر في الإدارة المحلية بطريقة لا تتعارض والعمل المركزي للدولة الذي يشرّع وينظّم ويدير العلاقات الخارجية والأمنية”.

ثم عدّد “المقومات التي تمتاز بها الدولة اللبنانية، وهي “مجتمع واقتصاد المعرفة يختزن قدرات شبابية مهمة، لها قدرة تجارية عالية من خلال الخدمات التجارية التي تقدمها، القطاع الاستشفائي إذ يحتل لبنان المرتبة الأولى عربياً والـ 32 عالمياً ما يخوّله أن يكون المركز الطبي في الشرق الأوسط، تصدير التكنولوجيا، قطاع الخدمات المالية والمصرفية المتميّز، القطاع الصحي والقطاع السياحي فلبنان معلم حضاري قائم بحد ذاته. ولنجاح هذه الأدوار، ينبغي فصل العمل الإنمائي والإداري عن العمل السياسي، استعادة المؤسسات واستئناف عملها، واستئناف الحضارة التي خلقت أصلاً في لبنان. وبذلك نكون قد حرّكنا العجلة في لبنان من خلال تشجيع الشفافية وتطبيق القانون وتكافؤ الفرص واعتماد الاقتصاد الحر المسؤول اجتماعياً الذي يرعاه الدستور بهدف الوصول إلى انتاجية عالية ورفاهية عالية في المجتمع عبر الاهتمام بالبيئة والثقافة والحفاط على الجذور والتقاليد وتطويرها وتحديثها. ومن واجبنا العمل لنستأنف الدور الفاعل والمؤثّر الذي لطالما قام به لبنان على المستوى الإقليمي والدولي”.

نقاش

ثم دار نقاش مع الحضور، وردًّا على سؤال حول إذا كان من الممكن أن يتطور دور الصين الاقتصادي والديبلوماسي والسياسي المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط إلى دور عسكري مباشر، خصوصًا وأن بعض التقارير الروسية وغيرها تشير إلى ذلك، قال حاصباني: “صحيح أن الصراع الدولي يتبلور اليوم في هذه المنطقة، لكنه برأيي لقد اقتربت نهاية حدود المعارك التي قد تحصل على مستوى الدول، فالجبهة المستقبلية بعد 2030 ستكون في وسط آسيا نحو الصين، وذلك لأن حجم الاقتصاد الصيني أصبح اليوم يوازي حجم الاقتصاد الأميركي لناحية الدخل القومي، في حين أن حجم الاقتصاد الروسي يأتي بعد الاقتصاد البريطاني مرتبة، وبالتالي لا خوف من عودة روسيا إلى الساحة وتهديدها للكيان الأميركي العالمي، فيما الصين قد تكون قادرة على ذلك. ففي السياسة والعلاقات الدولية يجب العودة إلى الاقتصاد وإلى المصالح المالية للدول ومن سيملك أسواقًا أكثر وقيمة اقتصادية أعلى. فأساس أسباب الحروب هي اقتصادية… إن توجه الأنظار سيكون نحو الصين التي تعمل اقتصاديًا على احتلال الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا، لدرجة أن الولايات المتحدة الأميركية قد منعت التكنولوجيا الصينية من الدخول إليها في قطاع الاتصالات لسبب أمني. إن الصراع سيدوم لكنه سيتأزم أكثر بعد 2030 في تلك الجبهة عندما يصبح النمو عاليًا جدًّا والحجم كبيرًا جدًّا”.

وأضاف: “صحيح أن الاقتصادين الأميركي يتساويان في الحجم لكنهما يختلفان في القيمة، حيث أن الغرب يتجه أكثر إلى الاقتصاد المبني على المعرفة وعلى النوعية وعلى الفكر… وأنا أرى أنه بعد 2030 إن الشرق الأوسط قادم على مرحلة استقرار، تبدأ بوادرها في العام 2020 وما بعد”.

1KM_1316 1KM_1378 1KM_1389

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

Previous Story

الإجتماع الثلاثي: مناقشات حول الخروقات البرية والبحرية والجوية التي يقوم بها العدو الإسرائيلي على لبنان

Next Story

عناوين الصحف اللبنانية ليوم الخميس 22/6/2017

Latest from Blog