رادار نيوز – خرّجت جامعة الروح القدس – الكسليك حوالي 1200 طالبًا وطالبة، حاملي شهادات الإجازة والماستر والدكتوراه من جميع الاختصاصات في فروعها كافة، وذلك في حفل دعا إليه رئيسها الأب البروفسور جورج حبيقة، الذي أطلق على المتخرجين اسم “فوج روي حاموش”.
وقد جرى خلال الحفل منح دكتوراه فخرية في إدارة الأعمال والعلوم التجارية إلى المتحدث الرئيسي السفير جيلبير شاغوري الذي يشغل منصب سفير دولة سانت لوسيا لدى الفاتيكان، واليونيسكو والأمم المتحدة في جنيف، في حضور قدس الأب العام نعمة الله الهاشم الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية، النائب البطريركي على أبرشية صربا المارونية المطران بولس روحانا وحشد من الأساقفة والآباء المدبرين في الرهبانية والوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وأعضاء مجلس أمناء الجامعة والآباء وأعضاء مجلس الجامعة، وجمع من المقامات الروحية والقضائية والحزبية والعسكرية والأمنية والسياسية والجامعية والتربوية والبلدية والاختيارية والمدنية وعائلة وأصدقاء السفير جيلبير شاغوري وأهالي المتخرجين.
بدأ الحفل بدخول موكب الأساتذة والمتخرجين، فالنشيد الوطني اللبناني، ثم كانت وقفة صلاة ترأسها قدس الأب العام الأباتي نعمة الله الهاشم لمباركة الاحتفال.
فرح
وقدّمت الحفل الإعلامية إليز فرح التي قالت في كلمتها: “سنة جديدة فوج جديد وها هو الروح القدس حاضر دومًا أبدًا ليشهد على دمعة أمّ وفخر أب بابن وبابنة وطئا مركبا يبحر منذ العام ألف وتسعمئة وثمان وثلاثين في عالم المعرفة وبناء الذات، مركبا أشرعته منسوجة من خيوط نور ومجاذيفه مصنوعة من خشب خلاص. إنه مركب جامعة الروح القدس إحدى ركائز الرهبانية اللبنانية المارونية العريقة في خدمة الإنسان وإعلاء شأنه في وطن الرسالة والعيش المشترك. الليلة الكلمة المفتاح هي شكرًا…”
كلمة المتخرجين
أما كلمة المتخرجين فألقتها الطالبة كريستال رعيدي من كلية الهندسة قالت فيها: “نهلنا إكسير المعرفة والعلم، سعينا ولقينا كل التشجيع والدعم والتصويب. جامعتُنا، تلك العين الساهرة والثاقبة والصائبة، وضعت في متناولنا جميع المراجع والمناهج والتجهيزات الكفيلة بالتجاوب مع تطلعاتنا وطموحاتنا بالإضافة إلى سعيها لاستجلاب كل ما هو جديد ومفيد من ندوات ومحاضرات تُغني الفكر لنستشرق طريق الغد برؤى نيّرة، فننهض وينهض وطننا معنا. على بيدر المعرفة هذا، نجتمع. وبعد جهدٍ جهيد وسعي عنيد، ها نحن، وبعد سنوات من الكدّ والسهر والمثابرة، نجتمع لنقطف ما زرعناه”.
الأب حبيقة
وبعد فقرة موسيقية قدمتها الأستاذة كارلا رميا، ألقى رئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة كلمة، وجاء فيها: “في هذه المناسبة السعيدة والعزيزة عليكم، وقد بلغتموها عن جدارة واستحقاق، أرغب باسمي، وباسم مجلس الأمناء، وباسم مجلس الجامعة، وباسم أساتذتكم، أن أعبّر لكم عن فرحي العميق، لأني أعرف تمام المعرفة كم يحمل هذا التخرّج الذي يعني في اللغة الإنكليزية Commencement day، أي يوم الانطلاقة في معترك الحياة، من دلالاتٍ ومضامين لوطنكم لبنان العصيّ على الموت والمدمن على الحياة؛ كم يحمل من دلالات ومضامين لجامعة الروح القدس الكسليك التي تلدكم مجددا من رحم القيم والمعرفة والمهارات؛ كم يحمل من دلالات ومضامين لأهلكم الأبطال الذين طوعوا ضيق العيش ومحدودية الموارد إلى بحبوحة الحب والتفاني من أجل إيصالكم إلى أرقى درجات التحصيل الجامعي والتخصصي؛ كم يحمل من دلالات ومضامين لكل واحد منكم، كابد وكافح وساهر الليالي وتألم وصبر لكي يحجم مساحات الجهل ويستحصل على إجازة العبور إلى أفق المعرفة المستدامة”.
وتابع بالقول: “إن الجامعة التي تفخر بكم وتفخرون بها، كانت على الدوام وستبقى مصدر المعرفة المحرّرة والمؤنسنة المقرونة بتنشئة مبنية على الإرث المناقبي والأكاديمي، الذي تركه الآباء المؤسّسون والآباء المتعاقبون على إدارتها، جيلاً بعد جيل، إلى جانب كوكبة من العمداء والأساتذة الكبار والإداريين، الذين جعلوا من جامعة الروح حاضنةً لإخصاب العلم وإنمائه، ومدرجا للإقلاع نحو التفوّق والامتياز، ومساحة مميزة للحرية الفكرية والبحثية، وميدانا للتثاقف والانثقاف. إن الشهادة التي تحملونها اليوم إنما هي على مستوىً رفيعٍ من الجودة، معترفٍ بها دولياً، خاصة بعد أن أجري على برامجها كافة، في كلّ كلية وفي كلّ معهد، التقويم الأوروبي والأميركي، الذي عزّز الجامعة بدفع غير مسبوق، ورفعها إلى مرتبة مرموقة ومميّزة بين الجامعات الكبرى في العالم. تحوّلت جامعتكم، وأنتم شهودٌ على ذلك، إلى ملتقى الثقافات المشرقية والأوربية والأميركية، وإلى رائدة التنوّع والحقّ الطبيعي في الاختلاف، وإلى صاحبة الوليمة الفكرية تدعو عشاق المعرفة إلى قوت الكلمة التي هي وحدها قادرة على مدّ البشرية بالطاقة الضرورية للعبور من التاريخ المأساوي إلى زمن التلاقي والمحبة والسلام”.
وأردف قائلاً: “من واجبكم أن تعلموا أنّ الجامعة، مهما بذلت من غالٍ ونفيس في خدمة تنشئتكم، يبقى عملها ناقصاً بدون الشركاء الأصيلين في هذا المشروع التربوي الكبير، ألا وهم آباؤكم وأمهاتكم. إن حياتكم، أيها الخريجون، متصلة بحياة أهلكم بفضل حرفين “الحبّ”، الذي يغيّر وجه العالم، ويصنع العجائب… هذا الحبّ رافق خطواتكم من عمر الطفولة إلى عمر الجامعة، ولن ينتهي لا في هذا العالم ولا في العالم الآتي، لأنه قبس من جوهر اللّه المحبة المطلقة”.
وختم بالقول: “أنتم في قلب عصرٍ، الثابت فيه هو التغيير الدائم. فالتكيف الطوعي والتأقلم التلقائي هما صفة الانسان الذكي. لا تهابوا أيّ تحدّ في الحياة، فالنجاح للمغامرين العاقلين. ألقوا بأنفسكم في حضن المغامرات المنطقية. أنتم لستم أبناء فجرٍ عابرٍ بل أبناء ظهيرةٍ آتية. أنتم “ربيع لبنان”؛ أنتم موجة الحياة التي ستجدّد هامة هذا الشرق المتجعّدة بالبلايا والمآسي، لا تخافوا من الغد بل اصنعوه؛ ابتعدوا عن سبل الفساد والظلم؛ انزلوا سوق العمل مزوّدين بكفاياتكم ومهاراتكم ومناقبيتكم، فالنجاح يكون قدركم! لا تسجنوا حياتكم في العقائديات المكلّسة، بل جدّدوا الحياة بفلسفة الحبّ والعمل والعطاء؛ إنها رسالة أهل الريادة في لبنان والشرق”.
السفير شاغوري
ثم ألقى المتحدث الرئيسي في الحفل سفير دولة سانت لوسيا لدى الفاتيكان، واليونسكو والأمم المتحدة في جنيف جيلبير شاغوري كلمة قدّم فيها كلمات تشجيعية إلى الطلاب مستنداً إلى تاريخه الشخصي وخبرته في الحياة. فاعتبر أنّ “النجاح الفعلي لا يُقاس بامتلاك الأشياء المادية. فالرجل الثري ليس بالضرورة رجلاً غنياً. صحيحٌ أنّ تخرّجكم كان هدفاً أساسياً ولكنّه مجرد بداية الطريق، فهناك أميال كثيرة عليكم أن تقطعوها. ولا تنسوا أبداً أنّ الأهم هو مَن أنتم وليس ماذا تملكون، واتركوا، دائماً، مكاناً في قلبكم للقيم والمبادئ. وإنّ كثرة الشهادات لا تولّد كاتب أو محامٍ عظيم ولا حتى عالم أو رجل أعمال ناجح. إذ تتألف وصفة النجاح من مزيج من المعرفة والحكمة والتضحية والحب والرؤية والعمل الدؤوب. بالنسبة إليّ، أن تكون غنياً يعني أن تكون عارفاً وحكيماً وأن تتمتّع بالتفكير السليم وأن تملك الوحي لتصبح زعيماً سياسياً، وأن تتحلّى بالرسالة لتكون زعيماً دينياً، وأن تملك التزام العالِم وابتكار ومخيلة الكاتب والشاعر وفطنة رائد الأعمال…”
وأردف بالقول: “بدأتُ العمل وأنا في الخامسة عشرة من عمري. كنت أملك رغبة كبيرة للنجاح، ولكن، كأي إنسان، راودني شعور بالخوف بعدم قدرتي على الاهتمام بعائلتي. ولكن هذا الخوف لم يزعزع ثقتي بالقدرة الموجودة في داخلي على تحقيق أهدافي. عندما تدخلون الحياة المهنية افتخروا بنجاحكم وتعلّموا من حالات الفشل التي مررتم بها وتابعوا مسيرتكم متسلحين بطموحكم”.
ثم سلّط الضوء على “أهمية التعليم، لاسيما في ظل تطوّر العالم واختفاء عدد من المهن التقليدية. فكما يقول نيلسون مانديلا “التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم”. وكما تعلمون، فإنّ المضي قدماً في هذه الأيام من دون تعليم بات صعباً جداً. لذلك، قدّروا شهادتكم لأنّها تعكس قدراتكم الفكرية واجتهادكم وعملكم الدؤوب”.
وختاماً، شدّد على “واجب الطلاب تجاه وطنهم الأم. نحن نفتخر بلبنان. أنتم أعظم موارده، أنتم هديته ومستقبله وطاقته. وقد أظهرنا كلبنانيين، على مدى عدة أجيال، أنّ العالم مسطّح. فمؤخراً، نشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يؤكد وجود رابط بين الفينيقيين وبعض المواقع البعيدة في نيوهامشر في الولايات المتحدة الأميركية. سرقوا منّا ماضينا، تأكدوا أنّهم لن يسرقوا منّا مستقبلنا. كتعريف، اللبناني هو مواطن من العالم، هكذا شعرت عندما كنت شاباً أكبرُ في نيجيريا ولبنان وثم سافرت إلى جميع أنحاء العالم… وطننا يحتاج إليكم. تملكون القدرة والموارد وقوة الإرادة والتحفيز السياسي. ننتظر منكم التزاماً كاملاً لجعل لبنان بلد الديمقراطية المزدهرة لأنّه يستحق ذلك”.
جوائز تقديرية
ثم جرى توزيع جوائز تقديرية على الطلاب المتفوقين، فتخليدًا لذكرى الدكتور إيلي شلالا، قدمت الدكتورة أمل شلالا جائزته إلى الطالبتين المتفوّقتين في كليّة الطبّ والعلوم الطبيّة في شهادة “دكتور في الطبّ العام” ماريا خويري وسينتيا كسّاب. فيما قدّم الدكتور أنطوان بو فرح، رئيس جمعية موسى بو فرح للوقاية من الموت المفاجئ جائزة الدكتور موسى بو فرح للمتفوّقة في كليّة العلوم في شهادة “ماستر في البيوكيمياء” ميلسيا ميشال روفايل. أما جائزة نقابة المحامين في باريس، فقدمها المحامي كاربون دي سيز القادم خصيصاً من باريس للمتفوّقتين في كليّة الحقوق سيبال فواز فخري وجوان جورج سماحة، فيما قدّمت جائزة نقابة المحامين في كان CAENللطالبتين المتفوقتين آيا حسين عبد الله وشارين فهد سكر.
وفي الختام وزّع الأب حبيقة وعمداء الكليات الشهادات على المتخرجين. ثم أقيم حفل كوكتيل بالمناسبة.