//

التداعيات الدستورية لإستقالة الرئيس سعد الحريري؟ – د. خضر ياسين

179 views

رادار نيوز – قبل أيام قليلة صرّح وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان بعيد لقائه مع الرئيس سعد الحريري بما يلي(إجتماع مطوّل ومثمر مع أخي دولة الرئيس سعد الحريري، واتفاق على كثير من الأمور التي تهم الشعب اللبناني الصالح، وبإذن الله القادم أفضل).
سريعة هي نتائج هذا الإجتماع، واستقالة الحريري هي أولى ثمراته، فما هي تداعيات هذه الإستقالة على الحياة الدستورية في لبنان؟
هل يحق للمجلس النيابي ان يشرّع في ظل حكومة مستقيلة؟
وهل يحق للحكومة الحالية إجراء الانتخابات النيابية المتوقعة في أيار 2018؟
تنص المادة(64) من الدستور على أنه لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها او اعتبارها مستقيلة إلاّ بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال، فمتى تكون الحكومة مستقيلة ومتى تكون معتبرة مستقيلة وماذا نعني بحكومة تصريف أعمال؟
وفقآ للمادة 69 من الدستور تكون الحكومة مستقيلة عندما يتقدم رئيسها بالاستقالة كما حدث حاليآ مع الرئيس سعد الحريري.وتكون الحكومة معتبرة مستقيلة في الحالات التالية:
_اذا فقدت أكثر من ثلث عدد اعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها.
_عند بدء ولاية رئيس جمهورية جديد
_عند بدء ولاية مجلس نيابي جديد
_بوفاة رئيسها
_عند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي بمبادرة منه او بناء على طرحها الثقة بنفسها.
ففي هذه الحالات تسمى الحكومة(حكومة تصريف أعمال) حيث أنها لا تمارس عملها وصلاحياتها الاّ بالمفهوم الضيق لتصريف الأعمال.
وفي هذا السياق نبدي ما يلي:
_أولآ: لم يحدد الدستور طريقة معينة لتقديم رئيس الحكومة الاستقالة حيث تتخذ هذه الاستقالة شكلا شفهيا كالإعلان عن طريق وسائل الاعلام او خطيا بموجب كتاب يقدم الى رئيس الجمهورية.
_ثانيآ: إن الذي ينهي الوجود القانوني والمادي للحكومة الحالية هو صدور مرسوم قبول استقالتها عن رئيس الجمهورية.ويوقع عليه منفردآ.فالعبرة ليست لتاريخ اعلان الاستقالة او تقديم كتاب الاستقالة، فالتعامل الدستوري استقر على ان يكلف رئيس الجمهورية الحكومة المستقيلة بالبقاء في عملها والقيام بتصريف الاعمال الى حين صدور مرسوم قبول الاستقالة.
ثالثآ: ان استقالة الحكومة الحالية تستتبع القيام بإجراءات تشكيل حكومة جديدة وهي:اجراء رئيس الجمهورية للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد مكلف بتشكيل حكومة جديدة_قيام رئيس الحكومة المكلف باجراء استشارات نيابية وغير نيابية لتشكيل الحكومة الجديدة_اعداد البيان الوزاري للحكومة وعرضه امام المجلس خلال 30 يوما من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها لنيل الثقة من قبل المجلس.
_رابعآ: أن صدور مرسوم قبول استقالة الحكومة الحالية وصدور مرسوم تسمية رئيس الحكومة الجديد يوقع عليهما فقط رئيس الجمهورية،أما مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة يوقع عليه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الجديد.وعادة تصدر هذه المراسيم دفعة واحدة ومع بعضها البعض.
_خامسآ: يحق للمجلس النيابي الحالي ان يشرّع ويقر القوانين ويمارس صلاحياته التشريعية حتى ولو كانت الحكومة مستقيلة.فقد جاء في المادة(69) من الدستور ما يلي: عند استقالة الحكومة او اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكما في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة.وطالما ان المجلس منعقدا في هذه الحالة فإنه يحق له ان يشرع.لأنه لا يوجد في هذا النص ما يشير الى خلاف ذلك.والاّ لو اراد الدستور منع المجلس من ممارسة التشريع اثناء وجود الحكومة مستقيلة لكان نص بشكل صريح على هذا الأمر كما فعل في المادة (75) من الدستور التي نصت على ما يلي: ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية.ويترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أي عمل آخر.
_سادسآ: اعتبر الدستور الحكومة المستقيلة بأنها حكومة تصريف أعمال.لكنه لم يتضمن تحديدآ لمفهوم تصريف الأعمال.
ولذلك يجب التمييز بين الاعمال العادية والاعمال التصرفية.فالاعمال التصرفية لا يجوز للحكومة المستقيلة القيام بها.وهي الاعمال التي ترتبط بسياسة الدولة العليا والمواضيع المصيرية الحساسة،كعقد الاتفاقيات الدولية وعقد القروض وصرف اعتمادات هامة واقرار خطط انمائية شاملة وطويلة الامد وغيرها….
أما الاعمال الادارية العادية تعني تسيير الامور اليومية والروتينية التي لا يمكن تجميدها طيلة فترة استقالة الحكومة.والتي لا تقيد الحكومة الجديدة اللاحقة.
_سابعأ: ان حالة تصريف الاعمال ترتبط اساسا بفكرة ومبدأ عدم جواز حصول فراغ في المؤسسات الدستورية وفي العمل المؤسساتي، ولذلك يحق للحكومة الحالية المستقيلة ان تجتمع كلما دعت الحاجة الى ذلك، فاستقالة الحكومة لا يعني ابدا استقالة الادارة عن متابعة اعمالها ومهامها التي لا بد منها لاستمرارية المرفق العام، من هنا يحق للحكومة المستقيلة اجراء الانتخابات النيابية المتوقعة في ايار من العام 2018، لأن اجراء هذه الانتخابات هو ضروري لاستمرارية عمل المؤسسات الذي لا يحتمل التأجيل، وكي لا نصبح في فراغ على مستوى السلطة التشريعية اضافة الى الفراغ الحالي الحاصل على مستوى العمل الحكومي.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

Previous Story

سرقة سيارة من نوع شيروكي لون شمباني تحمل رقم 184 عائدة لمصلحة كهرباء لبنان وهناك تخوف من استعمالها في عمل ارهابي. الرجاء توقيفها فور مشاهدتها والتواصل معنا او اي مركز امني

Next Story

حِلف الدف – شعر أنطوان الأسمر

Latest from Blog