رادار نيوز – الحكومة في واد والناس في وادٍ آخر… إن الوطن هو الملاذ الوحيد للخلاص من تلك الشراكة… وأي شراكة عقدٌ لُفَ على رِقابِ العباد منذ نصف قرن ونيف، سُمي شراكة ، تحالف وحدة وطنية (عذرا ايها الوطن استعاروا كلمة وطنية ووظفوها في الشراكة..) شراكة عمادها الاحزاب والتنظيمات والحركات السياسية التي تتلقى اشارتها من كائنات فضائية من كواكبٍ خارجية… انها شراكة تتآمر على الواقع الشعبي؛ فهي لا تُحِس باوجاعه والآمه وايضا لا تشعر بمعاناة المواطنين.. انها شراكة تُمعن إصراراً بالسيطرة على أرزاق الدولة وتقسيمها حصصاً حزبية وطائفية بشكل غير انساني وغير عادل.. ان القسم الاكبر من الدَين العام هو في جيوب قادة الشراكة الحزبية الحكومية منذ نصف قرن ، مع ان تراكم الفساد والنهب والسرقات سببت ركوداً إقتصادياً وضائقة مالية كبيرة في لبنان لم يمر مثلها على لبنان من قبل… ولم يصار الى معالجة الموضوع بشكل مناسب لا بل استشرى الفساد المالي والاداري فلن ننسى الجمارك وفساده.. وضبط التهريب.. والتهرب الضريبي، أمعنوا في إهانة الشعب من خلال الرشوة، والفساد، والهندسات المالية، والهدر، والبذخ، والمحاصصة، والتوريث، فضلا عن الكسارات وعدم احترام الشروط البيئية ( النفايات)… ناهيك عن البطالة التي تخطت ال50% من الشعب… وثم الان: الشعب يريد اسقاط النظام.. تجمع الناس وتراكمت أعدادهم وأعترتهم الجرأة بالتهجم على كل المَحَرمات السابقة واصبح الشعب قادر على اعلاء صوته في كل المناطق… وهكذا نزل الشعب الى الشوارع.. وهنا تتحكم بنا أسئلة كثيرة؟؟ هل ان نزول الناس الى الشارع هو بدافع الوجع؟ هل معاناتهم هي من دفعتهم الى التظاهر؟؟؟
ان الاعداد في هذه التظاهرة كبيرة … والتنوع الطائفي والمذهبي فيها ملفت… لكن هل ستستمر الاعتراضات ويبقى الشعب حتى تحقيق المطالب…؟ ما هي استراتيجية التظاهر؟ (هل هي الثورة)..؟
إن الثورات تولد من رحم المعاناة.. والمعاناة هي مرض أصاب شعبنا منذ نصف قرن، أخالُ ان قلمي عاجزٌ عن وصف عوارض هذا المرض كون ان مدة الاصابة به تخلق مناعةمميزة وفعالة عند المريض… فالخوف أشد الخوف..
ان تدخل امورا متشعبة لتحيي تقاطعات مفخخة بذكاء من أمراء السياسة في لبنان والمرتبطة بتجاذبات أقليمية ودولية وهي كثيرة ومنها: الانسحاب الاميركي من سوريا.. الصراع الايراني _ السعودي.. القصف الذي اصاب منشآت ارامكو في السعودية… الحرب اليمنية… التدخل التركي في شمال سوريا.. ناهيك عن مو اقف روسيا واميركا والصين تجاه المنطقة.. مشكلة اللاجئين… إن الثورة هي امرٌ يحتاج الى بحوث علمية، سياسية، إقتصادية، اجتماعية.. -للتفرس بالاسباب المباشرة لنشوب الثورات… -للتطلع الى النتائج المحققة منها ايضا.. ولننجز بحثنا العلمي لتحديد مقاصد الثورة يجب ان نخوض في علم نفس الجماهير وكل اتجاهاته ولسوء الحظ ان أمرائنا السياسين خبراء في هذا العلم حيث انهم يتقنون كيفية استخدام الجموع الشعبية لتأمين إستقرار حكمهم..
لا اعتقد ان الكثير من الشعب المتظاهر يعلم ان تعقيدات الوضع اللبناني التي تؤثر بنجاح او فشل التظاهر.. حيث يتداخل العامل الاجتماعي مع العامل السياسي والاقتصادي، والمذهبي، والطائفي، والمحلي والاقليمي لتدخل نتائج الثورة في هذا الخميس المضيء في محاور الصراع المتجاذبة… فمن المنطق التفكير ان هكذا ثورة غير مسبوقة (لناحية كثرة العدد والتوقيت الاقليمي الحساس..) هي ثورة قاصمة لظهر اي سلطة في العالم الا في لبنان!!! فمع ان مطالب المتظاهرين لم تكن موحدة الا من ناحية المطالبة باستقالة الجميع، الا ان التشرذم الطائفي والمذهبي.. ونوع المطالب غير المحضرة.. وانحراف هدف التظاهر السلمي في بعض الاحيان عن الهدف السامي المحدد له حيث حل الشغب والاعتداء بالحرق على الاملاك العامة والخاصة والذي اذا دلَّ ذلك على شيء انما يدل على ان التظاهر كان من دون توجه… وبالعودة الى تحليل دقيق لما يمكن ان يحدث على ارض المناورة…!!
اذا استمرت المظاهرات وارتقت الى مستوى الثورة واسقطت الحكومة سيتفلت سعر الدولار الاميركي قافزاً فوق 2000 ليرة وان أُسقطت الحكومة في الشارع سيذهب الوضع الى الفلتان الامني من شباب محروم وهو من كل الفئات اللبنانية ويعاني من البطالة ولن يفرق برأيي ما بين الفاسد او المطالب بمحاربة الفساد.. إن اسقطت الحكومة في الشارع سينكشف البلد… والملاحظ ان النائب السابق وليد جنبلاط سارع الى تلقف كرة التظاهر حيث المح الى امكانية استقالة وزرائه من الحكومة.. للحظةٍ تظن نفسك أمام ربيع مزعوم!!!!! وتعصف التساؤلات في رأسي.. ما هدف المظاهرات؟ من هو المحرك؟ من هو المحرض؟ من هو المستفيد؟ هل هي ثورة؟؟ اسئلة لا جواب لها في هذا الواقع الشائك لكن كلنا نعلم ان هدف العقوبات الاميركية كان ولا زال عزل حزب الله عن بيئته.. فهل هذه التظاهرة تُدرج في هذا الاطار؟ ونعود للتساؤل… اين ايران ودورها هنا؟ اين روسيا وهل موافقة بما يحدث؟.
اسئلة مهما بحثنا فيها ستبقى اجوبتها رهن بما سيحدث لاحقا مع ان المؤتمرات الصحفية والوعود هادنت ووعدت الا انها لن تغير بالهدف المحدد… ولا اقصد هنا ان هدف التظاهرة هو الحل المنشود لانها وعلى كُبر حجمها لا تملك هدف موحد.. الا اني استدرك لاقول رغم ان الوضع قاتم وضبابي..نرى ان الوجع كبير… ألسنة الخلق.. سيوف الحق..
واخيرا وليس آخراً: أذا الشعب اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر..