رقى البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي المونسنيور حنا علوان، من جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، الى الدرجة الاسقفية. واقيم حفل الترقية خلال قداس إلهي في الكرسي البطريركي في الديمان، في حضور محافظ الشمال ناصيف قالوش ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، المونسنيور باولو بورجيا ممثلا السفير البابوي في لبنان المونسنيور غابريالي كاتشا، ممثل بطريرك الروم الكاثوليك، النائب اسطفان الدويهي، المحامي شادي سعد ممثلا النائب سليمان فرنجية، الوزير السابق يوسف سلامة، النائبين السابقين نايلة معوض وجبران طوق، الرائد جميل طعمة ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، الملازم الاول دوري شعنين ممثلا مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، قائمقام بشري رولا البايع وحشد من المطارنة والكهنة والرهبان والراهبات وعائلة المطران الجديد.
عاون الراعي في حفل الترقية، المطرانان يوسف حتي وجورج أبو جودة ورئيس جمعية المرسلين الأب إيلي ماضي والأبوان مالك بو طانيوس ومروان تابت.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة روحية بعنوان “يا سمعان بن يونا، اتحبني؟ ارع خرافي! (يو 15:21)”، وقال فيها: “من بعد ان ادى سمعان بطرس شهادة ايمانه بيسوع ابن الله الحي في قيصرية فيليبس (متى 16:16) اراد الرب يسوع ان يأخذ شهادة حبه له، على شاطىء بحيرة طبرية، لكي يسلمه ملء الكهنوت ورعاية الكنيسة التي تنال خصوبتها من ايمان الاسقف ومحبته، فسأله ثلاثا: يا سمعان بن يونا، اتحبني؟ واجابه سمعان- بطرس بتأكيد وحرارة “يا رب انت تعلم كل شيء وانت تعرف اني احبك، فقال له يسوع: ارع خرافي! يسعدنا ان نحتفل اليوم بالرسامة الاسقفية للمطران حنا علوان، سليل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، مطران صرفت صيدا شرفا، معاونا بطريركيا لنا في الكرسي البطريركي. هو المسيح الرب يختاره ويجعله بحلول روحه القدوس عليه، في هذه الساعة المقدسة، راعيا صالحا ومدبرا حكيما، يكون اساسا للبيعة كبطرس وبولس، ويدوي صوته في اعلان الانجيل كصوتهما وكشهادة الانبياء، سائرا في خط الرسل القديسيين، وقد اصبح من مصافهم، بعفة يوحنا وغيرة ايليا. وها الكنيسة تفرح باستقباله وتهتف “هلم بسلام ايها الراعي الصالح”.
وتابع: “هو المسيح الرب يسألك اليوم، ايها الاخ الجليل، مثل سمعان بطرس: يا حنا بن جرجس اتحبني؟ من بعد ان تأكد من ايمانك الصافي به والمخلص، وقد تربيت عليه في البيت الوالدي في ايطو، بيت جرجس وسيدة علوان الى جانب ثلاثة اخوة وخمس اخوات، ولذلك اختارك مع شقيقك التوأم خليل لاتباعه على طريق المحبة الكاملة في جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، وانتما بعمر 14 سنة. ونميت في هذا الايمان، مع شقيقك، بفضائل التكريس الثلاث، الطاعة والعفة والفقر، وبالعلوم اللاهوتية والقانونية، فنلتما ثقة الجمعية والكنيسة، واسندت اليكما وظائف ومهام متنوعة، حتى انتخب اخوك الاب خليل رئيسا عاما للجمعية، وامينا عاما لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، ثم امينا عاما لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، وعينك انت البابا الطوباوي يوحنا بولس الثاني محاميا عن العدل والوثاق في محكمة الروتا الرومانية الرسولية، ثم قاضيا فيها”.
أضاف: “بفضل ايمانك وعلمك وغيرتك دعيت لتكون قاضيا ومحققا في مجمع العبادة الالهية وتنظيم الاسرار في الكرسي الرسولي، ومستشارا قانونيا لمجمع الكنائس الشرقية، ومدرسا مادة الاجتهاد الروتالي في معهد القضاء التابع لمحكمة الروتا الرومانية، واستاذا جامعيا في ثلاث من الجامعات الحبرية في روما. وكتبت والفت ونشرت العديد من الكتب والمقالات والمحاضرات، فأغنيت العلوم القانونية والقضائية، الكنسية منها والروحية، وعينك لمدة عشر سنوات حضرة ابينا البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير رئيسا لمدرستنا المارونية في روما، بعد اعادة فتحها في سنة يوبيل الالفين.
وبفضل ما تميزت به من فضائل كهونتية ومزايا رهبانية وعلوم رفيعة وخبرة كنسية وراعوية وروحية، انتخبك سينودس اساقفتنا المقدس مطرانا معاونا بطريركيا في دائرة الكرسي البطريركي، وقبلك قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في الشركة الكنسية، ومنحك لقب مطران صرفت صيدا شرفا. انني باسم صاحب الغبطة والنيافة واخواني السادة المطارنة وهذه الجماعة الحاضرة، اقدم لك ولاهلك ولجمعية المرسلين اللبنانيين بل ولكنيستنا بأسرها اخلص التهاني، مقرونة بالتمنيات والصلاة الى الله لكي يعضدك في الدعوة التي خصك بها وفي الرسالة التي يكلها اليك”.
واردف: “يسألك الرب يسوع اليوم رسميا اذا كنت تحبه حقا فوق كل شيء: “اتحبني اكثر من هؤلاء؟” لكي يأتمنك على نقل محبته الى النفوس التي اقتناها بدمه الثمين. يسألك هل بالحقيقة هو بالذات موضوع حبك؟ اي هل انت زاهد بنفسك حتى التفاني وبذل الذات في سبيل الكنيسة ورسالتها، وفي سبيل النفوس وخلاصها، بهذا السؤال سيتذكر بطرس، ويتذكر كل اسقف قول الرب الذي دعاه: “ما من حب اعظم من ان يبذل الانسان نفسه عن احبائه.. ومن اراد ان يكون الاول بينكم فليكن خادما للجميع، لأن ابن الانسان لم يأت ليخدم، بل ليخدم ويبذل نفسه فدى عن الكثيرين”(يو 13:15 مر 10:45). ان جوابك الوجداني سيكون، بدون شك، جواب سمعان- بطرس: نعم يا رب، انت تعلم اني أحبك. والرب يعرف نواياك وإخلاصك له، من خلال حياتك السابقة. ولكن عليك أن تغرف كل يوم محبتك ليسوع، من قلبه، بتعميق معرفتك له، من خلال لقائك الشخصي معه، كمخلص لك وفاد ومعلم ومرب وهاد وصديق، ومن خلال نعمة الأسرار، ولا سيما سري التوبة والقربان. إنك، ككل أسقف، تحتاج كل يوم الى أن تمتلىء من محبة يسوع بمعرفة سر الكلمة المتجسد والموحي ذاته في الكتب المقدسة، بالتأمل فيها وبالصلاة. أنت تحتاج، ككل أسقف، الى التعبير عن محبتك ليسوع بإعلان كلامه لحياة البشر، وبتوزيع نعمة أسراره لتقديس النفوس وحياة العالم، وبخدمة محبته في إدارة الشؤون، وبالمسلك الصالح المفعم بالفضيلة والجودة والغيرة المتفانية في التعاطي والتدبير”.
وقال: “والرب يسوع الذي يعرف مدى إيمانك به الصافي والثابت، ومدى حبك له المتفاني، يأتمنك بالأسقفية على النفوس التي افتداها بموته على الصليب، واقتناها له بدمه، لتنقل محبته هو، عبر محبتك المتماهية بمحبته، الى جميع الناس “إرع خرافي”. إن خصوبة رسالتك الأسقفية مرتبطة بمحبتك المخلصة والمتفانية ليسوع المسيح، وبإيمانك به العميق والملتزم. إنك بالسؤال والجواب والتكليف تصبح في علاقة حب مع المسيح راعي الرعاة، ومع الكنيسة عروسته التي بذل نفسه من أجلها لتظل نقية، بهية، مقدسة، لا عيب فيها (أف4:25-27). هذا معنى الخاتم في يدك. إنك تتكرس بكليتك لمحبة المسيح والكنيسة، على مثال أمنا مريم العذراء، أيقونة الكنيسة، وقد وقفت ذاتها بكليتها للكلمة المتجسد، ولتصميم الله الخلاصي، بحب راح يتزايد يوما بعد يوم حتى بلغ ذروته تحت الصليب، حيث شاركت إبنها في آلام الفداء، وأضحت أم الكنيسة.
فلأمنا مريم العذراء الكلية القداسة، سلطانة الرسل، ولشفيعك مار يوحنا الرسول، نكل أسقفيتك، ملتمسين من المسيح الرب، راعي الرعاة، أن يزيدك إيمانا به وحبا له، وأن يبقى لك النور الهادي في حياتك ورسالتك، في كل أعمالك ونشاطاتك، تلتمسه بصلاتك كل يوم وفقا لشعارك في أسقفيتك “بنورك نرى النور”(مز 36:10) فله وللآب والروح القدس كل مجد وإكرام الآن والى الأبد”.
وفي نهاية الاحتفال، ألقى علوان كلمة قال فيها: “اما انت يا رجل الله، فاهرب من ذلك، واسع في طلب البر والاستقامة، وفي طلب الايمان والمحبة، وفي طلب الصبر والتواضع وجاهد في الايمان الجهاد الحسن، وادرك الحياة الابدية التي اليها دعيت، وبها اعترفت اعترافا صالحا امام الشهود الكثيرين (اولى تيمو 6,11,12)”.
في اوج هذه اللحظات المقدسة من حياتي الكهنوتية، اشعر اكثر من اية لحظة اخرى خلت، ان ما اسدى به القديس بولس من ارشاد ونصائح لتلميذه تيموتاوس يعنيني مباشرة، وقد عاهدت ربي واعاهده بنوع خاص اليوم، على اعتناقها بكاملها بقدر ما يمن علي من قوة وعزم ومقدرة، فهو الذي دعاني من الحشى وبنوره ارشد طريقي، وبنعمه وعطاياه ومواهبه اغنى حياتي وجعلني في عائلة طبيعية، اولا ثم عائلة رهبانية سهرتا على تنشئتي وتربيتي واسهمتا بتحقيق إرادته القدوسة في حياتي وبتتميم الرسالة التي خصني بها ودعاني اليها، في حضنيهما عرفت الرب عن كثب وخبرت عنايته اللالهية، ومنهما اخذت المبادىء الروحية والاخلاقية التي وجهت حياتي وقادت مسيرتي، والتي من دونها تضل الطريق ويفقد الهدف”.
أضاف: “اذ اشكر الرب اليوم على الدعوة الرهبانية والكهنوتية المقدسة التي خصني بها عن غير استحقاق مني، اشكره اولا على عائلتي الطبيعية التي ولدت ونشأت في احضانها، وفيها ابتدأت شفتاي بتمجيد اسمه القدوس ومنها تعلمت السير والعمل والتصرف بحسب ارادة الرب بالمثل الصالح والقدوة الحسنة، فكما كانت عائلتنا، والدين واخوة واخوات تلتف حولي وحول اخي الاب خليل في كل مناسبة من مناسبات حياتنا الرهبانية والكهنوتية، وفي كل مهمة كنسية اسندت الينا، لنلتقي على قلب واحد ونية واحدة وفكر واحد، في الصلاة الى الرب على نياتنا لكي نحسن القيام بما دعينا اليه في سبيل مجده فها هي اليوم ايضا تجتمع من جديد، وقد تلاقت آتية من بعيد، من الولايات المتحدة الاميركية، لتقف مرة اخرى بجانبي رافعة الصلاة والدعاء، ليكون الرب معي في مهمتي هذه e,rwaniajouالجديدة وتتحقق ارادته القدوسة علي، وان كان رب هذه العائلة قد غاب عنها وسبقنا الى احضان العزة الالهية”.
