رادار نيوز – عماد جانبيه
إن الشعوب التي لا تتذكّر شهدائها وضحاياها وأهاليهم وأصدقائهم، هي شعوب لا تحسن التقدم في حركة التاريخ. كيف اذا كانت مؤسسة كـ قوى الأمن الداخلي بحجم وطن تحمل همومنا وتحمي شعبنا، بشعارها خدمة – ثقة – شراكة.
الموعد كان يوم 22/12/2020 قررته الحياة التي لا يقهرها الموت، حياة بفكرة خالفت المألوف، بمناسبة إضاءة شجرة الميلاد من أمام مبنى سرية بيروت الإقليمية الثالثة في الجميزة، الذي تزيّن بأسماء الـ 210، شهداء انفجار مرفاء بيروت. تكريماً لهم ولجمعيات المجتمع المدني المساهمة في إعادة الإعمار.
بداية، عرّف رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي العقيد جوزيف مسلّم، عن توقيت بدء المناسبة والتي هي في تمام الساعة السادسة وسبع دقائق من توقيت ساعة الإنفجار. قبل وصول عناصر موسيقى قوى الأمن عزفاً في شارع غورو – الجميزة إلى أمام مجمّع الملازم الشهيد زهير جودي،
وفي تمام التوقيت المذكور آنفاً، بدأ الاحتفال بالوقوف دقيقة صمت تخليداً لذكرى شهداء انفجار مرفأ بيروت. بعدها عزفت موسيقى قوى الامن نشيد الشهداء، ترافقت مع التحية العسكرية من العميد حسين خشفة وجميع الضباط المشاركين في تنظيم المناسبة وحفظ الأمن، للشهداء والمصابين والمتضررين.
وجرى اضاءة شجرة الميلاد، التي وضعت على ركام من موقع الإنفجار في مرفاء بيروت، ووضع على هذا الركام أيضاً، ساعة وضعت عقاربها في ذات التوقيت لساعة الإنفجار، ولوحة السيارة العسكرية خاصة العميد حسين خشفة الذي تعرّض لإصابات بليغة وهو بداخلها جراء الإنفجار عند باب المرفاء.
وكلمة المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان القاها العميد خشفة، بكلمات مقتضبة ومعبّرة للغاية، ورفض للنسيان.
هذا نصها:
حضرات رؤساء وممثلي الجمعيات والمنظمات والهيئات
أيها الحضور الكريم
يشرّفني اليوم أن أمّثل اللواء عماد عثمان الإنسان، قبل تمثيله مديرًا عامًّا لقوى الأمن الداخلي، أمثّل وجعه الذي يمثّل بدوره وجع أبناء هذه المؤسّسة، أمثّل هذه المؤسّسة التي وُجدت لتدافع عن الناس، وتساعدهم وتقف إلى جانبهم، واليوم نؤكّد هذه الرسالة بوقوفنا أمام أحبّائنا وأهلنا، لأنّنا نشعر مع ذوي الشهداء والضحايا وأهاليهم وأصدقائهم أنّنا عائلة واحدة، وكلّ ما يصيبهم يصيبنا.
نقفُ اليوم وسط حدثّ تاريخي في لبنان، مفصل ليس ككلّ المفاصل، نهاية مئويّة وبداية مئوية جديدة، وقد كُتب لنا أن تكون الذكرى أليمة. ولكنّ إباءَنا يرفض أن تكون ذكرانا خسارةً وألمًا، فهذه المأساة التي عاناها أهلنا جرّاء انفجار 4 آب لا تقلّ عن البطولة والشهادة. على هذا الركام الذي طال لبنان عمومًا وبيروت خصوصًا ولاسيما المرفأ والجمّيزة ومار مخايل والأشرفية، نقف اليوم، تظلّلنا شجرة الميلاد وهي لطالما جمعت اللبنانيين في رمز السلام والمحبّة، ففي كلّ سنة تُضاء فيها، تُضيء معها الأمل والوحدة، واليوم أُضيئت بصورة 210 شهداء يصرخون بصوت الروح أيّها اللبنانيون ابقوا صامدين أحرارًا، لا شيء يفرّقكم فالحياة خلقت لأجلكم. صحيح أنّ هذه الكارثة دمّرت جزءًا من حياتنا، وسلخت عنّا من نحبّهم، إلّا أنّنا نعد بأنّنا سنمضي قدمًا وسنكمل الطريق بالوقوف إلى جانب المتضرّرين، ومساعدتهم.
أيها الحضور الكريم.
لا يسعنا الّا أن نقدر، ونشكر، ونحيِّيَ الجهود الجبارة للجمعيّات والمنظمات والهيئات التي أثبتت أنّ لبنان ما زال بألف خير، فهي التي أنجزت ما يفوق طاقاتها، بقدراتها وإمكاناتها المحدودة والمتواضعة، بالنسبة إلى إعادة الإعمار، وبلسمة الجراح، وإعادة الحياة إلى طبيعتها، والوقوف مع المتضرّرين نفسيًّا واجتماعيًّا.
أيها الحضور الكريم.
من جهتها عمدت قوى الامن الداخلي، بعد الانفجار الرهيب في 4 آب، الى تعزيز فصيلتي الجميزة والنهر بأكثر من 400 ضابط وعنصر على اثر تفشي اعمال السرقة حيث تم ضبط الوضع وأوقفنا العشرات من المجرمين كما عملنا على حماية المواطنين من خطر الأبنية المهددة بالانهيار. وتم تنظيم أكثر من عشرين الف استمارة لهذه الاضرار هي بمثابة توثيق قانوني لها موضوعة بتصرف أصحاب العلاقة. وبعد استقرار الوضع بمساعدة من فريق الدعم البريطاني قمنا باجراء استطلاع لاراء المواطنين القاطنين في المنطقة والعاملين فيها والزائرين لتبيان مشاكلهم ومخاوفهم وعملنا على وضع الحلول لها ايماناً منا أن الامن هو مسؤولية الجميع ويتطلب عمل شراكة بين المواطن وعنصر الامن، وقد وضعنا رمز الاستجابة السريعة QR CODE ويتضمن في مرحلة التجربة نتائج الاستطلاع الذي أجريناه والاستجابة التي نفذناها تبعاً للمطالب في نطاق السرية الإقليمية الثالثة ويتضمن أيضًا إمكانية التواصل المباشر مع قوى الامن عبر الاتصال الهاتفي أو وسائل التواصل الاجتماعي، لابداء الاقتراحات او الشكاوى على ان يكون في المستقبل القريب متاحًا على مستوى شرطة بيروت وتاليًا قطعات قوى الامن الداخلي كافة على مساحة الوطن.
نحن معكم في كلّ اللحظات، نعزز الأمل بالبقاء والصمود، وهذا واجبنا حيث وجبت الخدمة، لأمن الناس، والسهر على راحتهم وسلامتهم، والتضحية لأجلهم.
لفتتنا اليوم يضيئها من استحقّوا الشرف والفخر، فلهُم ولكم نصرّ ونؤكّد على إرادة الحياة والأمل المتجدّد بأن يعمّ الأمن والسلام ربوع وطننا الحبيب لبنان.
رحم الله الشهداء وشفا الجرحى وكل عام وانتم بالف خير.
ختاماً، نستطيع أن نقول وفي كثير من الإعتزاز، بـ قوى الأمن وبجهودها المثابرة في خدمة الوطن والمواطن، أنها الدعامة الأساسية التي يقوم عليها مستقبلنا ودورنا الحضاري، خلقياً وانسانياً ووطنياً. كما ويضيق بنا المجال لو أردنا التحدّث في ما تتضمنه سيرتها من مكرمات وعبر، لأن سيرتها بحر واسع أنّى خضنا غمارها وألقينا الشباك حظينا بصيد وفير وإنجازات مميزة. فمن دون شك قوى الأمن هي مصدر إشعاع للطمأنينة والثقة بالمستقبل.
عاش لبنان وعاشت قوى الأمن منبت الرجال بناة الأجيال.
تستحق منا كل الشكر والتقدير.