إن الهدف من الحرية والنفور من السيطرة والفساد، أمران طبيعيان لدى الجميع، يدفعان إلى التصرف ضد الظلم ومختلف أنواع وأشكال السيطرة والهيمنة. ففي سبيل الحرية يناضل الإنسان، وقامت الإنقلابات وثارت الشعوب الضعيفة المغلوب على أمرها ضد الرجعية والإضطهاد، وسقط الآلاف من البشر على مذبح التغيير والحرية وفي ساحات الشرف من ميادين التحرير، والكرامة والفداء.
إن الحرية هي أعز ما تصبوا إليه النفس البشرية، وفي سبيلها تهون النكبات والمصائب وترخص الارواح، وبدونها لا قيمة للحياة والإنسان، لأنه لاشيء أغلى من الحرية والإنفتاح.
لذلك يعيش العالم اليوم في فترة عظيمة الأثر في كيان الشعوب، تكاد تكون فريدة ونوعية في تاريخ البشر، فترة تحرر الشعوب المضطهدة من أنظمة بغيضة نشرت مفاسدها وشرها على شعوبنا العربية أحقاباً طويلة، ذاقت فيها الشعوب ألواناً من المذّلة والمهانة والقهر، والعبودية، وقاست فيها مختلف صنوف الإرهاب والتدخل والسيطرة، ما دفعها إلى أن تهب في قوة ومضاء لتدفع عنها نير السيطرة والتعسف في حركات مقاومة تحريرية بناءة انتشرت في كل سبيل لتحقق للشعوب حريتها واسقاط الأنظمة الفاسدة، ولتقضي على سيطرة الطغاة الذين عبثوا وهدموا صروح الدول.
قوة شعوب وجدت على رد تراكمي للأنظمة الفاسدة وللظلم، والفقر، والبطالة، وسؤ الأحوال المعيشية، وإنتهاك حقوق الإنسان، وسيطرة العقلية الأمنية عليهم من قبل حكامهم، اخرج مخزون الغضب من صدور الآف الشباب الذين ضاقت بهم سبل العيش بدءاً من (تونس، مروراً بمصر، ثم ليبيا، ثم اليمن)، لتعم العالم كله كأنها على موعد لتندمج ركب التحرر المنطلق الى واحة السلام والأمان.
ان المعارك والحروب التي تخوضها الشعوب العربية؛ هي معارك حياة أو موت من أجل تقرير المصير، معارك يجمعون لها كل ما عندهم ومجهوداتهم لتعزيز دولهم ضد الإضطهاد، وتعطشهم إلى نظم ديمقراطية تتيح لهم في يقظتهم، وتحررهم من كل القيود، تحية أينما كانوا، في ميادين التحرير، في مصر واليمن، وفي المواقع الدفاعية في ليبيا، تحية إجلال وإكبار لشهدائهم الأبطال ضحايا الغدر والعدوان.