الحلول المبتورة

Tuesday, 4 April 2023, 16:24
1.8K views

كتب: عماد جانبيه
لايمكن للمرء في الوطن الصغير لبنان، أن يتحمّل الذلّ الناتج عن تهميش دوره واستغيابه من دوزنة الفعل الإقتصادي العام. فقد تم تجريده من كامل الدور المرسوم له وتقبّل هو هذا الواقع صاغراً، وصار يساق إلى صناديق الإقتراع قطعاناً ليكتشف، في هدأة الحال، ان لا الإنتخابات البلدية تطعمه خبزاً ولا الإنتخابات النيابية تؤسس له حكماً يحفظ له كرامته.
لم تعد فسحة المناورة التي تضيق أمام اشتداد الجوع والفقر وإيلام الكرامة والإستهتار بالإباء، تغري. إذا بقي شيء من عزة النفس، ومما لا شك فيه، ان النفوس احتقنت ضنى وتراكمت حقداً وكراهية وتحولت إلى بركان إجتماعي عام.
ويزيد من شدة الضيم، أن يتسبب غياب الحوار الإقتصادي – الإجتماعي، بالمفاجأة، كأنما بقي في مدارج السلطة من يقرأ ومن ينشغل بهموم الناس، طالما أن الجرّافات المحلية والإقليمية تودي إلى صناديق الإقتراع من دون أن يعرفوا كيف يستغلون المناسبة للمحاسبة والمساءلة في غياب الثقافة المدنية ومفهوم الديمقراطية الحق. ولعلّ ما يوجع أكثر أن يكتشف رئيس الحكومة أن المشكلة الأساسية تكمن في الضائقة المعيشية عموماً، وهي متأتية من الجمود الإقتصادي والشلل الذي يحوط الدورة الإقتصادية. نعم لأن الكثير من اللبنانيين يشعرون بأعباء مالية. فمع انهيار الليرة اللبنانية لمستوى قياسي مقابل الدولار الأميركي، وارتفاع اسعار الضروريات، من المحروقات والغاز والمواد الغذائية أدى الى تآكل القدرة الشرائية. مما أجبر المتسوقين على تقليل مشترياتهم. ويأتي إكتشافه ليظلل ومضات برّاقة كانت تتقدّم أحاديث رسمية وغير رسمية في المجلس النيابي والمحافل المحلية والدولية، خلافاً للواقع المرير. والأدهى من ذلك كله يتناوب الأفرقاء في تحميل بعضهم وزر الحالة المتردية كأنما القوانين والمراسيم والقرارات تتخذ إفرادياً ولا تحمل تواقيع الجميع!. ولا يختلف الإقرار بالجمود والعجز والشلل عن الإستغراب بحصول الإضراب قبل معالجة المطالب بالحوار.
فالحوار مطلب الجميع، غير أن الشركاء المطلوب التحاور معهم هم الغائبون. ولا يمكن أن يغفل التاريخ، أنه على امتداد العقد الأخير، انبرت أقلام وعلّت أصوات إعلامية، وحذّرت شخصيات سياسية أو غيرهم متعددة الإتجاهات من مغبة هذا التدهور الإقتصادي الذي نحن فيه، وازدياد الشلل وتمدد بساط الفقر، ما يشير إلى تمحور تركيز الثروات لدى القلّة مستبعداً التوازن في الدخل بين الناس.
فقد استبعد الحوار السياسي أولاً ممن هم في سدّة المسؤولية واستبعدت الحكومة ثانياً الحوار الإقتصادي والإجتماعي. كما ولا يمكن دائماً اتهام من أنذر وينذر لافتاً إلى تفاقم الأوضاع في غياب إيجاد الحلول لها. فالهدف هو للفت الإنتباه والتحذير من الإنهيار العام الذي وقعنا فيه، ونكافح من أجل الصعود منه. والحث على تصويب مسار السياسات الذي انتجته القيادات السياسية في هذا الوطن الصغير لبنان، على اختلاف مراتبها وتوجهاتها. وكان في الدعوات المتكررة والملحّة ما يستوجب المباشرة بالحوار، وأكيداً الحوار الوطني الشامل بإتجاهاته السياسية والإقتصادية، وليس الحوار الجزئي الذي يتمحور حول زيادة الأجور وخفض سعر المحروقات، بل الحوار الجدّي الذي يرسم السياسة العامة، بغض النظر مزاجية الأقطاب الذين يدورون في فلك التجاذب والإستقواء للحصول على النصيب الأكبر من المنافع والأموال، بمستوى شبق شهوة العلق لإمتصاص دماء الناس.
وسط هذا الإهمال المتمادي، والتغييب الحاسم لدور الناس يفاجأ الحاكم، كمن غفل في نومه، ويتأخر في ربط سبب التقاعس الإجتماعي والإقتصادي بالخلافات السياسية المستحكمة بين أقطاب الحكم. التي تؤدي إلى حلول مبتورة لا تنهض بالإقتصاد وتحل المعصيات الإجتماعية بل تخلق معضلات وتتسبب بمشكلات جديدة يعصى حلّها على المنجّمين والعرّافين والمستبصرين.
فالحلّ المطلوب يجب أن يكون في مستوى الرؤية الشاملة والسامية التي تتطلّع فعلاً إلى النهوض بالوطن بجميع فرقائه وفسيفساته الإجتماعية على تلوّنها وتباينها وتنوّع سلوكياتها. انطلاقاً من الحاجات الفعلية لكل الفئات والقطاعات الإقتصادية المختلفة.
لقد دكّت الحكومة حصن الحماية الجمركية وهتكت بذلك ستر ورقة التين التي كانت تغطي عورة الإنتاج وتؤمن الحصة الكبرى من موارد الخزينة، فلجأت إلى رسوم الإستهلاك التي رفعتها عالياً وجعلت المحروقات والسيارات محورها الأساسي، فأحدثت خلالاً في التوازن الذي يحقق العدالة الإجتماعية ويحصّن قطاع الإنتاج، ولا بد ان تعيد الحكومة توزيع رسم الإستهلاك ليطال معظم السلع التي ينتج منها محلياً وبجودة عالية.
إن تنفيذ المشاريع التي تقترحها الحكومة، والتي توقف تنفيذها لعدم التوافق عليها، لا توفر فرص العمل الدائمة، بل هي على غرار المشاريع السابقة التي أفلست الخزينة وزادت حجم الدين العام، توفرها فرص العمل لغير اللبنانيين ولليد العاملة غير الماهرة في معظمها وكان تنفيذها سبباً من أسباب الجمود الإقتصادي المشكو منه.
ختاماً، والسؤأل الذي يسأل، هل يتناسى السياسيون خلافاتهم ويهندسون الأمن الإجتماعي انتظاراً لتجاوز قطاع الإستحقاقات؟
وللبقية تتمة…

Leave a Reply

إضغط هنا

Latest from Blog

OMG!OMG!:Проблемы с доступом к OMG! Маркетплейс

Ищете рабочую ссылку на OMG! Маркетплейс? В последнее время это стало сложной задачей из-за частых атак на платформу, особенно в выходные дни. Пользователи сталкиваются с трудностями при попытке получить доступ к сайту

КРАКЕН DARKNET/ KRAKEN ССЫЛКА/ KRAKEN ОНИОН

KRAKEN DARKNET| KRAKEN ONION| KRAKEN ССЫЛКА| KRAKEN ССЫЛКА ONION| KRAKEN ДАРКНЕТ Как найти оригинальный сайт Кракен onion и не попасть на поддельный: Полное руководство https://kra-31.cc Что такое ссылка kraken darknet В современном

КРАКЕН ДАРКНЕТ/КРАКЕН ОНИОН/ КРАКЕН ССЫЛКА

KRAKEN DARKNET ОНИОН ССЫЛКА | КРАКЕН DARKNET ОНИОН ССЫЛКА НА САЙТ | KRAKEN САЙТ ДАРКНЕТ Модерация КРАКЕН ССЫЛКА ДАРКНЕТ ОНИОН: Баланс между анонимностью и безопасностью https://kra-31.cc Что такое ссылка КРАКЕН онион даркнет

КРАКЕН ДАРКНЕТ/КРАКЕН ОНИОН/ КРАКЕН ССЫЛКА

KRAKEN DARKNET ONION| KRAKEN ССЫЛКА ДАРКНЕТ ONION| KRAKEN ОНИОН ССЫЛКА DARKNET Как Стать Анонимным НА КРАКЕН ДАРКНЕТ ССЫЛКА: Руководство для Новичков? https://kra-31.cc Как Стать Анонимным в КРАКЕН ССЫЛКА: Руководство для Новичков kraken

КРАКЕН DARKNET/ KRAKEN ССЫЛКА/ KRAKEN ОНИОН

KRAKEN DARKNET| KRAKEN ONION| KRAKEN ССЫЛКА| KRAKEN ССЫЛКА ONION| KRAKEN ДАРКНЕТ Как найти оригинальный сайт Кракен onion и не попасть на поддельный: Полное руководство https://kra-31.cc Что такое ссылка kraken darknet В современном
Go toTop