أول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال. كان قد شغل مرتين منصب رئيس الوزراء أثناء الانتداب الفرنسي (الأولى كانت من 5 مايو 1927 – 10 أغسطس 1928 / الثانية من 9 مايو 1929 – 11 أكتوبر 1929).
أسس سنة 1932 الكتلة الدستورية التي تحولت إلى حزب سياسي سنة 1955.
في 21 سبتمبر 1943 إنتخب رئيساً للبنان وظل بالمنصب لغاية 11 نوفمبر 1943 عندما اعتقله الفرنسيون مع الرئيس رياض الصلح وعدد من أعضاء حكومتهم في قلعة راشيا وذلك بسبب طلبهم الاستقلال عن فرنسا وعينو بدلاً منه إميل إده فثارت البلاد على ذلك مما أكره الفرنسيين آخر الأمر على الافراج عنهما والاعتراف باستقلال لبنان في 22 نوفمبر 1943، إنتخب بعدها رئيساً للجمهورية وكان بذلك أول رئيس للبنان بعد الاستقلال.
أحدث مع رياض الصلح الميثاق الوطني الذي نظم أسس الحكم في لبنان. شهد عهده الذي إستمر مدة 9 سنوات 15 حكومة و9 رؤساء حكومات. كما إن عهده شهد حرب فلسطين. في عام 1952 أجبر على الاستقالة بعد مظاهرات ضخمة على خلفية اتهامه بالفساد. وخوفاً منه على تفاقم الأمور استدعى قائد الجيش فؤاد شهاب وقدم إليه إستقالته بعد أن كلفة بتشكيل حكومة عسكرية تتولى إجراء انتخابات رئاسية. خلفه كميل شمعون.
متزوج من لور شيحا، وأنجبا ثلاثه أبناء هم:
خليل الخوري.
ميشال الخوري.
أوغيت الخوري.
سيرته الكاملة:
محام وسياسي محترف ورئيس حزب الكتلة الدستورية وأبو الميثاق الوطني.
كانت ولادته في بيروت، في 10 آب عام ,1890 ويقول عن ذلك «ولدت جسماً في أرض الولاية وروحاً في متصرفية جبل لبنان. ومنذ أن تفتحت عيناي على هذه الدنيا وأنا أجد نفسي في محيط الموظفين اللبنانيين وفي جو السياسة اللبنانية، وما بلغت سن الرشد حتى كانت أخبار حكومة لبنان تملأ أذني، فحفظت الكثير مما قص علي منها، ووقفت بنفسي على الشؤون الأخرى، وليس في نيتي تأريخ عهد المتصرفية بل الدلالة على الأمثولات التي تلقنتها والتي حفظتها من مشاهداتي في هذا العالم القائم بذاته، أي لبنان في عهد نظامه الأساسي. كان والدي آنذاك رئيساً للقسم العربي في المتصرفية في عهد واصا باشا ومصطافاً في بيت الدين بحكم الوظيفة، فخف عند تلقيه خبر ولادتي إلى المدينة ليطمئن إلى صحة زوجته وشاهد ابنه البكر الذي أعطي، على مجرى العادة، اسم الجد تيمناً». (حقائق لبنانية، ص20)
سافر في مطلع شبابه إلى باريس لدراسة الحقوق، بعد أن درس المرحلة الثانية في كلية القديس يوسف. هناك دعاه الأمير أمين مجيد أرسلان إلى المشاركة مع ندوة مطران بإصدار جريدة فرنسية عربية للدفاع عن قضية العرب، فنزل عند رغبته، لكن الجريدة لم تصدر لموانع قاهرة. وكانت علاقته بأصدقائه اللبنانيين والعرب جيدة ومنهم محمد المحمصاني وتوفيق الناطور.
بعد نيله شهادة الحقوق عاد بشارة الخوري إلى لبنان وتدرج بالمحاماة في مكتب اميل اده. مع اندلاع الحرب العالمية الأولى هاجر إلى مصر خوفاً من الاضطهاد العثماني بسبب انتمائه إلى جمعية بيروت اللبنانية، وتوقيعه مذكرة بطلب استقلال لبنان وتوسيع حدوده.
انصرف في القاهرة إلى ممارسة المحاماة في مكتب المحامي خليل بولاد، ثم في مكتب المحامي جول كاتسفليس في الإسكندرية، وكلاهما، كما يقول «على جانب عظيم من المقدرة والنزاهة»، وقدم لهما خدمات عدة في المرافعات وتنظيم اللوائح مقابل عنايتهما من الوجهتين الأدبية والمادية. «وكانت فائدتي العلمية والعملية وافرة جداً». انضم في مصر إلى جمعية الاتحاد اللبناني التي أسسها الشيخ انطون الجميل، وكانت لجنتها التنفيذية مؤلفة من: اسكندر عمون رئيساً، انطوان الجميل سكرتيراً، وحيدر معلوف أميناً للصندوق، وداوود بركات وحبيب يزبك عضوين عاملين. وساندت الجمعية «المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس في السعي وراء الإصلاح المنشود من قبل السوريين، ولا سيما أن ذلك الإصلاح لا يمس امتيازات لبنان». (حقائق لبنانية الجزء الأول والثاني ص 83).
في نيسان 1918 عاد بشارة الخوري إلى بيروت ليزاول المحاماة والسياسة بعد غياب أربع سنوات وقد جرى تعيينه، لاحقاً (1920) أميناً عاماً لحكومة لبنان. ولكنه سرعان ما قدم استقالته وعاد إلى ممارسة المهنة. وقد أسس مع أصدقاء له حزباً سياسياً دعوه «حزب الترقي»، واختاروا رئيساً له المركيز دي فريج، ومن أعضائه اميل اده والشيخ يوسف الجميل واميل خاشو وميشال شيحا وسواهم.
في العام 1922 عين بشارة الخوري رئيساً لمحكمة الاستئناف الحقوقية. يقول عن تلك الفترة من حياته «إن الفرنسيين كانوا يتدخلون في شؤون حكومة لبنان بكل شارة وواردة، حتى أن شارل الدباس المعروف بصداقته لهم صار يشكو من ذلك التدخل شكوى مرة» (حقائق لبنانية ص 126).
في عهد رئاسة شارل دباس (1926) عين بشارة الخوري وزيراً للداخلية ثم وكيلاً للوزارة. وعندما قدم الشيخ محمد الجسر اعتذاره عن تشكيل الوزارة (1927) طلب الرئيس الدباس من الخوري أن يشكلها هو. وقد شكلها سباعية بزيادة ماروني على الأولى هو النائب جورج فيليب ثابت، وأدخل أيضاً عنصرين جديدين هما النائبان الأمير خالد شهاب والسيد أحمد الحسيني. عندما عدّل الدستور عيّن الخوري شيخاً في مجلس الشيوخ.
خاض بشارة الخوري وهو رئيس جمهورية معركة الاستقلال عن الفرنسيين، وذلك في تشرين الثاني من العام .1943 خوفاً من وصوله إلى الرئاسة عام ,1932 زمن الانتداب الفرنسي، رشح المفوض السامي الشيخ محمد الجسر ضده. وكان الجسر رئيساً للمجلس وبعد إعلان ترشيح الجسر استدعى المفوض السامي الشيخ بشارة وصارحه بتخوفه من إمكان وصول الشيخ محمد إلى الرئاسة وقال له إن هذا الأمر يثير قلقه، لأنه يسلب الرئاسة من المسيحيين… فطمأنه الشيخ بشارة إلى أنه هو الذي سيفوز في الانتخاب، ولو اقترع بعض المسلمين إلى جانب الشيخ محمد، وإن تخوف المفوضية في غير موضعه.
إلا أن المناورة الفرنسية كانت بلغت مراميها باستثارة الشارع المسيحي. وبعد يومين، أي في 9 أيار ,1932 حل المفوض السامي المجلس وعلق الدستور وجدد ولاية شارل دباس إلى أجل غير مسمى. في كانون الثاني 1936 حدد موعد انتخاب رئيس للجمهورية الثالثة. وكانت المعركة محصورة بين اميل اده وبشارة الخوري. وكان النجاح من نصيب اده وذلك بأكثرية 3 أصوات بعد بالوتاج في الدورة الأولى وبفارق صوت واحد لمصلحة اده. سنة 1943 كانت سنة الثأر بين بشارة الخوري واميل اده. وكانت أيضاً معركة الثأر بين الإنكليز والفرنسيين. الإنكليز يدعمون الشيخ بشارة بكل قواهم، والفرنسيون ينشطون من أجل إيصال اميل اده. وكان الصراع محتدماً بين الكتلة الدستورية (الخوري) والكتلة الوطنية (اده).
تخللت تلك المعركة سلسلة طويلة من المناورات. وقد وضع العرب في العراق ومصر وسوريا ثقلهم في كفة بشارة الخوري. وكانت الرئاسة من نصيبه. عن هذه المعركة يتحدث بشارة الخوري فيقول: «في 21 من أيلول 1943 صباحاً عقد المجلس النيابي الجديد جلسته الأولى وترأسها جورج زوين رئيس السن، وانتخب صبري حمادة رئيساً للمجلس، فصعد إلى المنصة يرافقه تصفيق النواب والجمهور، وابتدأ الاقتراع لرئاسة الجمهورية وفرزت الأصوات برقابة نائبين أحدهما رياض الصلح، وكان النتيجة كما يأتي: المقترعون ,47 انتخبني منهم أربعة وأربعون نائباً، وظهرت ثلاث ورقات بيض. وغاب عن الجلسة النواب اميل اده وكمال جنبلاط وأسعد البستاني وجورج عقل وأحمد الحسيني وعبد الغني الخطيب وجميل تلحوق (كتلة وطنية) وأيوب ثابت (مستقل). أما جورج زوين وأمين السعد (من الكتلة الوطنية) فحضرا الجلسة وانتخباني.
وعندما بلغ الفرز أكثر من الثلثين ضجت القاعة بالتصفيق الحاد والهتافات المتوالية وأطلقت في القاعة حمامات بيض، وأخذ الشعب يمهرج في الساحة والطرقات العامة، وأزيز الرصاص لا ينقطع. وأعلنت النتيجة النهائية فاعتليت المنبر ولفظت خطابي، وكدت لا أسمع صوتي بسبب الضجيج الخارجي والطلقات النارية، إنما سمعت وأسمعت كلمات التعاون مع البلدان العربية وخروج لبنان من عزلته وإعلان الميثاق الوطني بأجلى بيان. فقوبلت عباراتي هذه بالتأييد التام ورفعت الجلسة في جو بالغ من الحماسة». (حقائق لبنانية، ص 15).
في عهده جرت معركة الاستقلال وتم اعتقاله مع رئيس وزرائه رياض الصلح وبعض الوزراء لفترة وجيزة في قلعة راشيا إلى أن أفرج عنهم الفرنسيون، لاحقاً، وعادوا إلى مواقعهم الاستقلالية.
في عهده أيضاً جرت انتخابات عام 1947 التي قيل إنها زورّت. وقد استشرى الفساد بسبب نفوذ أخيه «السلطان سليم» ـ كما لقب ـ فبدأت المعارضة تشتد ضده. ولما جدد لنفسه بتعديل للدستور أتاح له ذلك، تعاظمت تلك المعارضة التي قادتها الجبهة الاشتراكية المؤلفة من كمال جنبلاط وكميل شمعون وغسان تويني وعبد الله اليافي وغيرهم والتي دعت إلى إضراب عام في البلاد ما اضطر بشارة الخوري (1952) إلى الاستقالة. ويقال يومها أن مارون عرب، الذي كان المستشار الشرقي في السفارة البريطانية، قابل الرئيس المستقيل ليوضح له موقف الإنكليز مما جرى، فقال له: «نحن إلى جانبك يا فخامة الرئيس ولا تتصور أن لنا علاقة بكل ما حدث. أنا بعدني لحد هلق مش عارف كيف انقلبت هالدني فوقاني تحتاني».
أجابه الشيخ بشارة: «يا ابني يا مارون لا تعذب حالك وتحلف… أنا بعرف إنو الحق عالطليان» …. وذهبت هذه الإشارة من الرئيس المستقيل كمثل للتندر وتحميل المسؤولية لما حدث للآخرين.
إتهم الرئيس بشارة الخوري في كتابه (ص 458 ـ 459) رئيس وزرائه سامي الصلح بأنه تواطأ مع المعارضين أثناء الإضراب العام لإسقاطه وهو يقول بهذا الشأن «وأكبر دليل على تواطؤ سامي الصلح مع المعارضين أنه اجتمع بأعضاء الهيئة الوطنية وحزب الاتحاد اللبناني، وبدلاً من أن يثنيهم عن تقديم «المذكرة الإنذارية» شجعهم عليها… وبعد تقديمها طلب إلي أن استقبل وفدهم الذي حملها إلي فاستقبلتهم، وحضر الحديث وقد انحصر طلبهم بأن تستقيل الوزارة القائمة وتخلفها وزارة أخرى بالاتفاق معهم على أن يرئسها سامي بعينه! وكان من الطبيعي أن أرد هذا الطلب المستكبر وأن لا أقبل التنازل عن صلاحيات الرئاسة لأي كان من الناس.
وكان سامي الصلح يحضر مجلس الوزراء في عاليه ويخرج منه بعد انتهاء أبحاثه ليوافي النواب المعارضين وسواهم في دار نقولا بسترس، حيث كانوا يضعون خطط الهجوم على الرئاسة. وقد شاهد مراراً رجال الأمن، وسواهم كثيرون، سامي الصلح رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية يتسلق جدار الحديقة ليصل إلى المعارضين خشية أعين الرقباء! وفي أحد الاجتماعات وافقهم رئيس الوزراء على الترخيص لهم بإقامة مهرجان في دير القمر. وما أن تقدموا بطلبه حتى أجازه لهم، وذهب إلى بيت الدين يوم الاجتماع ليقف بنفسه على الترتيبات والتسهيلات اللازمة لنجاح المهرجان».