سفينة تائهة… للشاعرة د. وفاء خنكار

من ديوان حدائق لوركا

في عينيك ابحث عن سفينة تائهة ..

تاهت بين موانئ البشر ..

تبحث عن مرفأ آمن ..

عن جزيرة خضراء ..

فيها النخيل أطفالا ..

وفيها القمر كعكة محشوة بمربى التفاح ..

فيها العشاق يلتحفون أوراق الليمون ..

لا يخشون شيئا سوى الفراش  الملون ..

الأشجار تتعرى ليلا لترتدي قميص القمر..

وتكتسي نهارا بخيوط الشمس ..

والنهر يغازل العشب بلا وجل ..

الأمهات يرتدين ثياب الحقل المزركشة ..

يقصصن الأشجار ..

يقطفن الثمار ..

يسخن الحليب للصغار ..

ويصنعن القهوة ..

لأزواجهن العائدين بسلال القش ..

المليئة بفاكهة الحب وملح الصبر ..

المعطرين برائحة الطين ..

المعجون بالعشب الأخضر..

فيها الفتيات ألذ من ثمار الأجاص ..

وألين من عجينة الحنطة السمراء ..

جزيرة نائية ..

لم يكتشفها ماجلان ولا كولومبس ..

لم تصورها أقمارهم الصناعية ..

ولم توثقها قواميسهم الجغرافية ..

جزيرة تربعت فوق الرمال القمحية ..

ضفافها فيروزية كحلمي الفيروزي ..

ومراكبها أسطورية ..

كعلاء الدين بطل الشرق ..

منجروفها ينمو بين أخاديد كفي ..

يغازل كل حين سواحل قلبي ..

حجارتها بيضاء نقية ..

كثغر وليد جائع يمص ثدي أمه ..

أسماكها بلورية

تتواعد سرا كل ليلة ..

لتفشو أحاديث العشاق

للنخل والنجوم والقمر..

طحالبها قرمزية من نبيذ الحب

المسكوب على ضفافها ..

أجنحتها الحريرية ..

تصفق ليلا لظلال

الراقصين والراقصات ..

وتغفو نهارا كالعروس المدللة..

فهل رأيت تلك السفينة التائهة أيها القرصان ؟