البلد بحاجة الى ان يقوم من تعطيل مؤسساته وفي مقدمتها تأليف الحكومة
لبنان بقيامته يستعيد دوره كعنصر استقرار وسلام في محيطه العربي
سليمان: عثرات تشكيل الحكومة ليست خارجية بل في مطالب الكتل النيابية
أنا على تواصل دائم مع الاسد ولبنان بجانب الاستقرار في سوريا والمنطقة
ترأس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد الفصح في كابيلا القيامة في بكركي بمشاركة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير والمطران رولان ابو جودة والمطران شكرالله حرب وأمين سر البطريركية المونسينيور يوسف طوق وأمين سر البطريرك الخوري نبيه الترس والقيم البطريركي الخوري جوزف البواري وأمين سر البطريرك السابق الخوري ميشال عويط، في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء، وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود، النائبين وليد خوري ونعمة الله ابي نصر، النائبين السابقين إميل نوفل وفريد هيكل الخازن، المستشار السياسي لرئيس الجمهورية ناظم الخوري، رئيس الرابطة المارونية الدكتور جوزيف طربيه، رئيس جمعية الصناعيين في لبنان المهندس نعمت افرام، رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان، نقيب الاطباء شرف ابو شرف، الدكتور أنطوان صفير وفاعليات سياسية وحزبية ونقابية وديبلوماسية وقنصلية وحشد من المؤمنين. خدمت القداس جوقة سيدة اللويزة بقيادة الاب خليل رحمه.
وكان سليمان وصل الى الصرح البطريركي عند العاشرة الا خمس دقائق وكان في استقباله عند المدخل الخارجي للصرح النائب البطريركي المطران رولان ابو جودة ومدير التشريفات في القصر الجمهوري السفير مارون حيري ومدير مكتب الاعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض والقيم البطريركي العام الخوري جوزيف البواري ورئيس فرع مخابرات جبل لبنان العميد الركن ريشار حلو، وتوجه الجميع الى الصالون الكبير للصرح حيث كان في استقباله عند مدخل الصالون الكبير البطريرك الراعي والمطران شكرالله حرب.
وبعد الصورة التذكارية، عقدت خلوة في مكتب الراعي استمرت حوالى 25 دقيقة خرج بعدها سليمان الى الصالون الكبير حيث انضم اليهم الكاردينال صفير، ثم توجه الجميع الى كابيلا القيامة.
سليمان
وخلال توجهه الى الكابيلا تحدث الرئيس سليمان الى الصحافيين فعايدهم وتمنى لهم اعيادا مباركة ورد على اسئلتهم قائلا: “عندما نجتمع مع غبطة البطريرك نتناول مختلف المواضيع التي تهم لبنان وتناولنا ايضا اللقاء الرباعي الذي عقد في بكركي، والاجواء طبعا ايجابية من كل النواحي”.
سئل: تحدث الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي عن مهلة محددة للتشكيل؟ أجاب: “هو لم يتحدث ولم يعط مهلة، لقد قال سنبحث في الموضوع بعد الاعياد ونأمل ان يكون العيد عيد خير على الجميع وعلى المسيحيين بصورة خاصة. وهذا العيد عيد التضحية وعيد القيامة وهو يتطلب ان نستفيد من المعاني التي ينص عليها هذا العيد. التضحية من كل الاطراف اللبنانيين للمحافظة على هذا الوطن المميز وان شاء الله نبشر بعد الاعياد بولادة الحكومة من خلال المشاورات التي سيجريها رئيس الحكومة”.
سئل: هل انتم مطمئنون الى الوضع الامني في ظل ما يحصل؟ أجاب: “اعتقد ان لبنان اظهر ان لديه مميزات كثيرة اثناء الاضطرابات التي تجري من حولنا اولاها الديموقراطية وثانيتها الشعب اللبناني والوحدة الوطنية الموجودة بين اللبنانيين وايضا الشباب اللبناني والجيش اللبناني من خلال تصرفاته منذ عام 2005 حتى الان دلت على انها تصرفات جيش يظهر الوحدة الوطنية وهو راق في تصرفاته مع المجتمع والناس. وكذلك آلام الشباب اللبناني قاوم الارهاب وقاوم العدو الاسرائيلي وهذه معاني يجدر بنا المحافظة عليها وتحصينها واذا كان ثمة ثغرات علينا ان نسدها”.
سئل: اين تكمن العثرات في عملية التأليف؟ هل هي داخلية ام خارجية؟ اجاب: “لا شيء خارجيا، العثرات اذا اردنا ان نسميها كذلك تكمن في المطالب التي تطلبها الكتل النيابية، والمهم ان تناقش هذه المطالب بروح الحوار والمصلحة الوطنية وتحت سقف الدستور. فالدستور اللبناني ينص على آليات للتأليف ويحمل رئيس الجمهورية مسؤولية احترامه للدستور، اي البنود كافة التي ينص عليها الدستور، من هنا على الرئيس ان يسعى لذلك، وهو يعطي رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية بعض الواجبات في العمل الحكومي منها ان رئيس الجمهورية هو قائد القوى المسلحة، ومنها ايضا ان رئيس الجمهورية هو الذي يفاوض بالاتفاق مع رئيس الحكومة في المعاهدات ويبرمها”.
سئل: يقال ان العقدة تكمن في وزارة الداخلية، وانت تشدد على إعادة توزير الوزير بارود؟ أجاب: “علينا ألا نسميها عقدة، بل كما قلت هي مطالب من الكتل السياسية تناقش من خلال مزيد من المشاورات كما ينص الدستور”.
سئل: البعض يقول انه لا يحق للرئيس ان يكون لديه حصة وزارية؟ أجاب: “من البعض؟ هل الدستور يقول ذلك؟ الدستور لا يعطي حصصا لاحد، إنما ينظم آليات التشكيل ويلقي المسؤولية على رؤساء السلطات”.
سئل: ما هو انطباعكم عن اللقاء الرباعي الذي عقد في بكركي؟ أجاب: “انطباع جيد جدا لكل اللبنانيين وليس لي فقط، وهو ترجمة للشعار الذي أطلقه غبطة البطريرك اي “شركة ومحبة”. المهم متابعة هذا المناخ وترجمة اللقاء عبر العمل لتعزيز المصلحة الوطنية وأولاها الخطاب السياسي. المسؤولون الذين اجتمعوا هنا هم مسؤولون تجاه الشعب وتجاه الوطن وخطابهم السياسي يجب ان يتمتع بدرجة عالية من المسؤولية لان الناس تسمعهم”.
سئل: هل لديكم خشية من ان ينتقل ما يجري في الدول العربية المجاورة الى لبنان؟ أجاب: “ابدا، لقد مر لبنان بتجارب كبيرة وبات محصنا من هذه الناحية، إنما علينا جميعا العمل لتلافي الانزلاق الى أوضاع اخرى”.
سئل: هل انتم على تواصل مع الرئيس السوري بشار الاسد لمعرفة تطورات الوضع في سوريا؟ أجاب:”انا على تواصل دائم مع الرئيس السوري بشار الاسد ولبنان في هذا الموضوع يقف الى جانب الاستقرار في سوريا وفي العالم العربي وخصوصا في سوريا لان الامن في البلدين مترابط. ونحن نعرف هذا الامر. ولبنان يقف ايضا بجانب القيادة السورية في الاصلاحات التي أقرت من رفع قانون الطوارىء الى قانون الاحزاب وقانون الاعلام، وايضا لبنان يعترف بأحقية المطالب الاصلاحية والتي هي من اجل الاصلاح وليس الفتنة والنعرات الطائفية”.
القداس الاحتفالي
بعد ذلك بدأ القداس الاحتفالي، وبعد الانجيل ألقى الراعي عظة بعنوان “احد القيامة” وقال فيها: “بشرى قيامة المسيح هي لنا وللعالم أجمع بشرى ببدء حالة جديدة في حياة الانسان، فالمسيح الرب افتدانا بموته وغسل خطايانا بدمه، وأقامنا لحياة جديدة بالروح القدس، وجعلنا في حالة سلام داخلي ومكننا من تحقيق قيامة القلب وجعل كل شيء جديدا”.
أضاف: “يسعدني ان ارحب بكم، فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المحترم، وبالسيدة وفاء اللبنانية الاولى عقيلتكم، وانتم تواصلون تقليد الاحتفال بعيد قيامة الرب يسوع من بين الاموات في الكرسي البطريركي، وحولكم اصحاب المعالي الوزراء والسادة النواب ومسؤولون في مختلف قطاعات الدولة وعدد من الشخصيات والمؤمنين والمؤمنات. هذه هي صورة عن العائلة اللبنانية التي تتطلع اليكم والى معاونيكم في الحكم والادارة، راجية ان تنهضوا بالمجتمع والوطن الى حياة جديدة، وتدحرج عنهما حجر الازمات السياسية والاقتصادية والمعيشية والانمائية. هذه الازمات يعرفها الجميع بتفاصيلها وهي مرسومة امام اعينكم وتشكل همكم الدائم”.
وتابع: “تذكرنا اول من امس، يوم الجمعة العظيمة، آلام وموت الرب يسوع، الذي ارتضى بفيض من حبه ان يقدم ذاته ذبيحة للاب ليفتدينا ويغسل خطايانا بدمه المراق على الصليب، محتملا الميتة الاقسى والاذل من اجل ان يعيد الانسان، كل انسان بهاء صورة الله فيه، وبالتالي كرامته الانسانية ومعنى وجوده وعبوره في التاريخ. وكحمل فصحي للعهد الجديد قدم لنا جسده ودمه، غذاء سماويا روحيا لنفوسنا، فيبعث فينا الحياة الالهية. وتذكرنا ايضا في يوم خميس الاسرار تأسيس سر القربان والكهنوت لكي تستمر مدى الدهور، على مذابح الكنيسة ذبيحة الفداء ووليمة الحياة الجديدة. لقد علمنا الرب يسوع كيف نحول مثله حياتنا الى عطاء ذاتي. وكيف نجيب على العنف بفعل حب، وعلى الاساءة بالغفران”.
وقال: “أحييكم فخامة الرئيس وكل الذين يعملون معكم ويتفانون بروح الاقدام والحس بالمسؤولية في سبيل الخير العام بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والادارية. ان الكنيسة تقدر انكبابكم على تسيير الحياة العامة بروح التجرد من المصالح الذاتية والفئوية، ومن المكاسب المادية على حساب المال العام. كما انها تقدر الذين يقاومون الظلم والاستبداد والفساد. لكن الطريق طويل في هذا المضمار، ويقتضي اختيار مثل هؤلاء الاشخاص المميزين بروح الخدمة المقرونة بالمناقبية والكفاءة والفعالية، الذين يؤدون الواجب بمقدرة كبيرة وخلقية رفيعة، ويمارسون السلطة والوظيفة بتجرد وشفافية”.
أضاف الراعي: “اليوم نحتفل بقيامة المسيح الرب، وننشد: قام المسيح، هللويا!! بقيامته أبهج القلوب وأشع نور سلامه على جميع الامم. انتصر على الخطيئة والموت ليحرر كل انسان من خطاياه ونواحي ضعفه، ويملأه من روح القيامة، فينهض لحياة جديدة وفقا لملء قامة المسيح، قام ليحرر الانسان من عبودياته ويفتح امامه آفاق حرية ابناء الله وكرامة الانسانية، ويمنحه القوة ليؤدي عمله ومسؤوليته بصفاء ونبل، ويتصدى للاغراءات المادية والغرائز المنحطة. قام ليزرع السلام في القلوب وبين الشعوب والامم، وليجمعهم في وحدة من التآخي والتحاب والتضامن، “في شركة ومحبة”. وها نحن نحتفل اليوم برتبة السلام الفصحي. لقد تجلى المسيح الرب والفادي والمخلص في وجه “امير السلام” كما يصفه آشعيا النبي، “وسلام الشعوب” كما يسميه بولس الرسول. هذا المسيح سلامنا يدعونا لنكون “صانعي السلام” في العائلة والكنيسة، في المجتمع والوطن، بل بين الشعوب والامم. ويبين لنا ان الطريق الى السلام هو المحبة المسكوبة في القلوب بالروح القدس التي تغفر وتصالح فتزيل الخلافات وتهدم العداوات، وتبدل الذهنيات، وتنهي حروب المصالح الشخصية والفئوية، وان الطريق الى السلام هو العدالة التي تثمر السلام، والحقيقة التي تثبت أسسه، والحرية التي يمكن ان تتوفر وتعاش من دونه”.
أضاف: “يا فخامة الرئيس ويا ايها المسؤولون السياسيون، ان لبنان بحاجة الى ان “يقوم” من تعطيل مؤسساته الدستورية، وفي مقدمتها تأليف حكومة تكون على مستوى التحديات الحاضرة داخليا واقليميا ودوليا، ومن شلل حياته العامة واداراته وشواغره، من خلافات اهل السياسة التي يدفع ثمنها الشعب والمواطن في معيشته المتردية، وفي هموم عائلته التي تتآكله، ويقع ضحيتها شبابنا الطالع الذي يعاني من انسداد أفق المستقبل امامه في وطنه، وتدفعه قسرا الى هجرة ارضه وجذوره، وتوقع في حالة اليأس الفقير والمريض والمعوق والسجين. اجل لبنان بحاجة الى ان ينهض بمؤسساته الدستورية الكفيلة وحدها بتوطيد الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي، بحاجة الى ان ينهض من تجربة الانجرار في محاور اقليمية ودولية، والتمحور في احلاف خارجية تخوض صراع مصالح ونفوذ على ارض لبنان وعلى حسابه”.
وتابع: “لبنان بنهوضه، بل قل بقيامته، يستعيد دوره كعنصر استقرار وسلام في محيطه العربي الذي يعيش أدق المراحل في سلامه ووحدته ومصيره، ويحتاج الى مزيد من ثقافة العيش معا، والى ديموقراطية تعترف بحقوق الانسان الاساسية والى المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، والى المشاركة بالمسؤولية في الحكم والادارة، والى مناخ الحريات العامة. ان شعب لبنان المنتشر، لكي لا نقول المشتت، في كل بقاع الارض، يتطلع الى وطنه وينتظر منه المحافظة على قيمته الحضارية التي بناها الاجداد بالتضحية والدم، وينتظر من دولته الاعتراف بحقوقه الوطنية وإعادة الجنسية لمن تحق له، وتستعين بقدراته وتوظفها بإعادة إعماره، وتفعيل حضوره في المنطقة والعالم، ودعم قضاياه”.
وختم الراعي: “هذه هي امنياتنا، وحجر القيامة يدرح عن باب القبر. وعلى اساسها نقدم أخلص التهاني وأطيب التمنيات لكم، فخامة الرئيس، واللبنانية الاولى عقيلتكم، ولكل السادة الحاضرين ولجميع الاخوة والاخوات وسائر المواطنين. وليشع علينا نور القيامة في لبنان وبلداننا المشرقية وفي عالم الانتشار”.