“انتفاضة” السائقين أول الغيث في موجة اجتماعية .. تحرّك عسكري ليلاً على الحدود الشمالية مع سوريا
لم تكن تظاهرة السيارات العمومية التي نظمتها أمس في شوارع بيروت اتحادات قطاع النقل البري ونقاباته، سوى مؤشر إضافي للاختناقات الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها البلاد والتي تنذر بالتفاقم في مرحلة الفراغ الحكومي وتراكم الأزمات القديمة والطارئة.
واذا كان ملف البناء غير الشرعي على الأملاك العامة والمشاعات لا يزال يهدد بمضاعفات أمنية وقانونية وانمائية بفعل الاستباحة المتمادية للقوانين والازدواجية السياسية التي تتحكم بهذه الظاهرة على أيدي الأطراف النافذين، فان اشتعال سعر البنزين وأسعار المحروقات عموماً أسبوعاً تلو أسبوع عاد يهدد بتوترات اجتماعية واقتصادية بدأت ملامحها مع تظاهرة السيارات العمومية أمس، فيما يستعد القطاع العمالي لتحرك احتجاجي واسع في 19 أيار المقبل، الأمر الذي يضع البلاد على مشارف مقلب جديد من مضاعفات الأزمة السياسية والحكومية المستمرة دونما أفق واضح لانهائها. ويذكر أن “الجرعة” الأخيرة من زيادة سعر البنزين أمس 500 ليرة استنفدت قيمة خفض الرسوم على صفيحة البنزين التي حددت بـ 5000 ليرة، مما يعني العودة الى الارتفاعات المتدرجة أسبوعياً لأسعار المادة وسط معطيات تؤكد أن أسعار النفط والمحروقات ماضية في منحى تصاعدي. واستبعدت مصادر معنية بهذا الشأن التوصل الى اي توافق جديد داخل حكومة تصريف الأعمال على غرار ما حصل سابقاً يعيد تجربة خفض الرسوم أو إزالتها، خصوصاً أن خسائر الدولة قدرت بنحو نصف مليار دولار. وهو أمر يرشح هذا الملف لمزيد من السخونة، وخصوصاً مع تصاعد الخلافات السياسية واستحكام العقد التي تعترض أي انفراج قريب في عملية تأليف الحكومة الجديدة.
وتطورت حركة الاحتجاج على زيادة أسعار البنزين مساء، إذ أقدمت مجموعات من شبان منطقة جرد عاليه على قطع أوتوستراد صوفر – ضهر البيدر باطارات مشتعلة أكثر من ساعة، فأعادت قوى الأمن فتحها لاحقاً.
وبعيد العاشرة ليلاً تجددت الاحتجاجات وأقفلت مجموعات مدخل مدينة عاليه بإطارات مشتعلة، وأعيد فتحها لاحقاً.
وعلمت “النهار” أنه خلافاً لكل المواقف المعلنة للقوى الحزبية المعنية بملف المخالفات على أملاك الدولة والمشاعات، رصدت في الأيام الأخيرة معالم خطوات إضافية لترسيخ الأمر الواقع والحؤول دون انجاح حملة قوى الأمن لازالة المخالفات. فالى استمرار ظاهرة التعديات على قوى الأمن واعتراضها في مناطق من الجنوب والضاحية الجنوبية،
رصدت عمليات استعجال لانجاز المباني المخالفة وخصوصا في الاوزاعي وفي المناطق المتاخمة لمطار رفيق الحريري الدولي. كما رصدت اعمال انجاز لـ”الديكور” في الكثير من المباني. وذكر ان ثمة عمليات عرض وطلب لشراء هذه المباني بطرق مخالفة تماماً للقانون. ولفتت المعلومات الى انه يسري بين الاهالي على نطاق واسع كلام عن “مهلة ضمنية” حددتها “قوى الامر الواقع” لانجاز هذه الموجة من المخالفات.
تحرك حدودي
وبعيداً من هذه الاجواء، سجل تطور امني لافت عند الحدود الشمالية مع سوريا بدا على صلة بمجريات التطورات السورية. فقد نقل مراسل “النهار” في عكار ليلا عن شهود عيان في منطقة وادي خالد انهم سمعوا اطلاق نار كثيفا عند الضفة السورية من النهر الكبير في منطقة البقيعة الحدودية من دون التمكن من معرفة تفاصيل ما جرى. وتزامن ذلك مع تدابير امنية مشددة اتخذت في الجانب اللبناني من الحدود، اذ عزز الجيش والقوة الامنية المشتركة انتشارهما على امتداد مجرى النهر الكبير من العريضة حتى منطقة وادي خالد. وشوهدت ملالات وآليات عسكرية للجيش تتجه من مراكزها في عكار في اتجاه الحدود الشمالية مع سوريا. وافاد الاهالي في قرى وبلدات حدودية ان الجيش والقوة الامنية المشتركة يسيران دوريات راجلة ومؤللة في اطار عملية ضبط الحدود ومكافحة التهريب.
بحث عن مخرج
اما على الصعيد الحكومي، فلم تبرز امس اي تطورات جديدة تتصل بمأزق تأليف الحكومة. فيما افادت المعلومات المتوافرة ان الاتصالات مستمرة ولم يحصل اي تعديل في موقف كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والعماد ميشال عون من عقدة وزارة الداخلية على رغم طرح بدائل عدة لاسناد هذه الحقيبة الى وزير محايد أو يحظى بموافقة مختلف الاطراف.
على ان الاوساط القريبة من رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي اشارت الى انه مرتاح الى المشاورات الجارية وهو ليس في وارد الاعتذار اطلاقاً. وقالت ان ميقاتي يعطي نفسه مهلة ايام بالتشاور مع الرئيس سليمان بعدما استمع الى كل المواقف وتجمعت لديه كل المعطيات التي باتت واضحة للجميع. واضافت ان البحث جار لتحديد المخرج الملائم للمرحلة الراهنة، فاما تكون حكومة برلمانية أو حكومة تكنوقراط اذا تعذر التوصل الى حكومة سياسية. واكدت ان الاتفاق لا يزال قائماً حتى الآن على التوزيع الحكومي على القاعدة التي انتهت اليها مفاوضات الاسبوع الماضي.