ثمة كلمات وجمل أتوقف امامها طويلاً… تصرخ في الروح مثل طيف يصر على الحضور. اقرؤها بهدوء وتمعّن واهتمام، اجدها كما هي لم تتغير بالحس، واللمس، والذوق. طعمها على شفتي مذاق الشهد. ساخنة كرغيف خبز تنّور. شفافة كجدول ماء، تحرّض الذكريات على اليقظة، والقلب على المحبة، والروح على الشفافية. كلمات تكون وليدة اللحظة ذاتها، تأتي دون تحضير او تجهيز مسبق، عفوية صادقة…
لقد دعي نابوليون بونابرت ذات يوم الى حفل عشاء، وقد حضر متأخراً عن الموعد المقرر، حتى جلس على اول مقعد وجده، فقال له صاحب الدعوة: يا سيدي هذا ليس بمكانك، بل في المنصة الرئيسية. فرد عليه نابليون قائلاً: اين ما يجلس نابوليون هي المنصة. هذا دليل على ان حيثما يرى المرء ذاته يراه الآخرون، فلا المكان، ولا الزمان يحققان لنا شيئاً ما لم نسعى نحن اليه، ونحرص عليه، فهذه الجملة البليغة، القوية لم تأتي من فراغ. وحينما سئل نابوليون كيف استطعت ان تمنح الثقة في افراد جيشك؟ اجاب بقوله: كنت اردّ ثلاثاً: من قال: لا اقدر، قلت له: حاول، ومن قال: لا اعرف، قلت له: تعلًّم، ومن قال مستحيل، قلت له: جرّب.
اما الأديب الايرلندي اوسكار وايلد فقد اوقفته الجمارك في نيويورك وسألوه: هل معك شيء ممنوع؟ رد عليهم قائلاً: نعم، (عبقريتي)، وله رواية بعنوان: “امرأة لا أهمية لها”، ويتخلل هذه الرواية موقف انساني، ان فتاة ثرية قد احبت شاباً فقيراً. فحينما سألت ام الشاب، الفتاة. هل تحبينه، رغم فقره؟ اجابت الفتاة وبنبل: كيف يكون الانسان فقيراً وهناك من يحبه… فالانسان حقا لا يكون فقيرا وهناك من يحبه باخلاص، ويحرص عليه مهما كانت ظروفه المادية.
وللأديب ذاته مسرحية بعنوان ” مروحة الليدي وندمير” عبّرت فيها البطلة عن المنطق الاخلاقي والنبيل الملييء بالثقة العالية، والامانة الغالية. حينما اراد اللورد اغواءها بأن زوجها يخونها… اجابته وبسؤال استنكاري: اذا كان الزوج سافلاً… هل يصح ان تكون الزوجة مثله؟؟ فلقد اختصرت الدرب على ممارسة الكلام بأقل عدد من الحروف والمعاني، فهي كانت تريد ان تقول وبصيغة اخرى ان الخطيئة من الزوجين مرفوضة شكلاً ومضموناً. لقد ذكرت احدى المجلات الاجنبية قصة طريفة عن الرئيس الاميركي كلينتون مع زوجته هيلاري. حيث توقفا امام محطة للوقود، واذا بهيلاري تفاجأ بأن صاحب المحطة ليس سوى رفيق قديم اثناء الدراسة الجامعية، وفي اثناء ذلك الزمن البعيد كان يعرض عليها الزواج منه. وعندما قالت هذا لزوجها، اجاب كلينتون وبسخرية: تصوري لو قبلت به لكنت اليوم زوجة صاحب محطة الوقود. حتى بادرته هيلاري واثقة متمكنة مما تقول: بل لكنت صنعت منه رئيساً للولايات المتحدة. اجابة تشاكس الريح، لتصنع من العاصفة جهة جديدة… لطرد برود النفس، وعتمة الروح اشبه لحضور كل الفصول.