رادار نيوز – 16/5/2012 شهدت قاعة المؤتمرات في بيت المحامي في بيروت محاضرة حول قانون تخفيض العقوبات رقم 463/2002 المعدل بموجب القانون رقم 183/2011، ألقاها القاضي الرئيس ياسر مصطفى وفي حضور عدد كبير من القضاة والمحامين المتدرجين.
بعد النشيد الوطني، ألقى عضو مجلس النقابة رئيس محاضرات التدرج المحامي ناضر كسبار كلمة شدد فيها على أن “قانون تنفيذ العقوبات الصادر في العام 2002 قد نص على تخفيض عقوبات المحكومين الحسني السيرة والسلوك ضمن شروط معينة، وبعد ثلاث سنوات، أي في العام 2011 صدر قانون جديد يؤكد على الإهتمام بالسجين وبإعادة تأهيله”.
ثم عرف كسبار بالمحاضر فعدد إجازاته وتحضيره لدكتوراه في الحقوق بموضوع تملك الأجانب في لبنان تحت إشراف النائب العام المالي القاضي الدكتور علي ابراهيم.
مصطفى
وشرح القاضي مصطفى أحكام قانون تخفيض العقوبات بصيغته الأصلية والمعدلة؛ وآليات تطبيقه على مستوى لجان تخفيض العقوبات ومحاكم الإستئناف المختصة، والدور الذي يمكن أن يقوم به المحامون على هذا الصعيد.
وشدد على أنه “إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مانعة للحرية يستحق حرمانه حريته من أجل ضرورات الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته، إلا أنه تبقى للمحكوم عليه حقوق ملتصقة بشخصه كإنسان، من هنا كان لا بد من تدخل المشترع لحماية تلك الحقوق ولتبيان كيفية تنفيذ العقوبات المانعة للحرية”.
وقال: “أبعد من ذلك، ومع تطور المجتمعات وبروز مفاهيم حديثة للسياسة العقابية، يأتي في مقدمها أن الغرض الأساسي من العقوبة هو علاج المحكوم عليه وإصلاحه، أصبح من الطبيعي أن ينال السجين تخفيفا أو تخفيضا للعقوبة المحكوم بها مقابل حسن سلوكه في السجن، أي ما يسمى “منحة السلوك”. فالإمتثال المثالي للقواعد الإصلاحية يؤدي إلى تخفيض العقوبة بتقليص مدة المكوث خلف قضبان السجن.غير أنه يقتضي الإشارة إلى أن تخفيض العقوبة لعلة حسن السلوك يعد منحة وليس حقا مكتسبا للسجين أو عفوا عن جريمة أو عفوا عن عقوبة، وأن الهدف الأساسي لتخفيض العقوبة ليس الحد منه اكتظاظ السجون – وهي مشكلة تستلزم مقاربات وحلولا أخرى – إنما الغاية منه تكمن في المساهمة في حسن إدارة السجون، كون أن منحة التخفيض تشكل حافزا للسجناء للمحافظة على سلوك جيد داخل السجن، الأمر الذي يعتبر شرطا أساسيا للاستفادة من منحة تخفيض العقوبة”.
وتابع: “كذلك تلعب منحة التخفيض دورا في تطبيق مبدأ تفريد العقوبة وفي الحد من آثارها الضارة، إذ أنها قد تجعل في بعض الأحيان من المجرم خلف قضبان السجن مجنيا عليه جراء عزله عن المجتمع الخارجي، كما تشكل عاملا أساسيا على مستوى إعادة بناء جزء من الثقة المفقودة بين المحكوم عليه والسلطة والمجتمع بشكل عام وحافزا لإعادة اندماج السجين مع عائلته ومجتمعه.
في هذا السياق، أصدر المشترع اللبناني في تاريخ 17/9/2002 قانون تنفيذ العقوبات تحت الرقم 463/2002 لتنص مادته الأولى على أنه خلافا لأي نص آخر يمكن تخفيض عقوبات الحسني السيرة والسلوك من المحكوم جزائيا بعقوبات مانعة للحرية بمنحهم تخفيض عقوباتهم وفق الأحكام الواردة في هذا القانون”.
وختم مصطفى: “أما وبعد مرور حوالي الثلاث سنوات على البدء بتطبيق ذلك القانون اعتبارا من تاريخ 26/3/2009، أظهرت التجربة الحاجة المساسة إلى وجوب تعديله مع مرسومه التطبيقي رقم 16910/2006، بهدف معالجة سوء الصياغة ولسد النواقص وتلافي الثغرات وإيجاد حل التناقض في النصوص وتوضيحها، وصولا ألى تسهيل عمل لجان تخفيض العقوبات والحد من الجرائم المستثناة من منحة التخفيض.وبالفعل فقد أصدر المشرع اللبناني القانون رقم 183/2011 تاريخ 5/10/2011 للتأكيد على أن الإهتمام بالسجين وبإعادة تأهيله هو في نهاية المطاف السبيل الأمثل لحماية المجتمع، وعلى أنه لا مجال أمام المحكوم عليه إلا محاولة الإنخراط في المجتمع منذ لحظة إطلاق سراحه، وهي لحظة آتية لا محالة”.