ندوة بعنوان ان تكون سفيراً للمملكة العربية السعودية في لبنان، الدور والتحديات

171 views
80 mins read

نظم مركز “عصام فارس للشؤون اللبنانية” ندوة بعنوان “أن تكون سفيرا للمملكة العربية السعودية في لبنان: الدور والتحديات”، في حضور النائب نهاد المشنوق، الوزيرين السابقين بهيج طبارة وصائب جارودي، وحشد من الدبلوماسيين والإعلاميين ورجال الفكر.
استهلت الندوة بكلمة ترحيبية لمستشار المركز الدكتور رغيد الصلح قال فيها: “إن الرد السعودي على الحملات المتجنية على المملكة العربية السعودية اتصف بالحكمة لأنه لم يرد على الحملات بحملات مضادة تذكي الكراهية بين أبناء الأديان. كما أن الرد السعودي ذهب في مسار مختلف عندما وضع مسألة الإرهاب في إطار صراع بين مدرستين: واحدة تبشر بالحرب بين الأديان، وأخرى تؤكد التحاور والتسامح بينها”.
وألقى سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري كلمة قال فيها: “يسعدني أن أتوجه بالشكر الجزيل لسعادة السفير الدكتور عبد الله بو حبيب على دعوته الكريمة لي الى هذا المركز المحترم وإعطائي هذه الفرصة للقاء إخوة أعزاء. كما يسعدني أن أكون على هذا المنبر اليوم في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية الذي يتيح المجال أمام السفراء للتواصل مع النخب اللبنانية والنقاش في مواضيع دبلوماسية وسياسية واجتماعية وثقافية. إن لقاءات كهذه تؤدي خدمة فكرية كبرى للضيف وللمشاركين لأنها تندرج في إطار الحوار المباشر والتفكير الجماعي والمشاركة في البحث والتحليل، وهي أمور لطالما نحتاج إليها في عالمنا العربي لأنها تعزز العمل المشترك وتسهم في إنتاج أفكار جديدة ومتقدمة تخدم المجتمع”.
أضاف: “أن تكون سفيرا للمملكة العربية السعودية في لبنان، أي أن تكون ساهرا على علاقات تتميز بالأخوة والعمق وتتجاوز الأعراف الدبلوماسية العادية لكونها علاقات انسانية بامتياز بنتها القيادتان السعودية واللبنانية، والشعبان السعودي واللبناني خلال عقود من الزمن عبر التواصل السياسي والمؤسسات والزيارات المتبادلة والسياحة والاصطياف والاستثمار والزيجات المختلطة وسوق العمل والطلبة والمقيمين في كلا البلدين الشقيقين، وهذا الأمر بقدر ما يسهل عمل السفير بقدر ما يزيد من مسؤوليته وحرصه على رعاية هذه العلاقات وتطويرها وتعميقها وحمايتها من أي شائبة، انطلاقا من ان ما يفيد المملكة يفيد لبنان، وما يضر بلبنان يضر بالمملكة. ولا يسعنا أن نتحدث عن العلاقات السعودية – اللبنانية، من دون أن نتطرق الى الدور السياسي والاقتصادي الذي قامت به المملكة ولا تزال تجاه لبنان”.
وتابع: “في الجانب السياسي يعتبر الوقوف بجانب لبنان ثابتة من ثوابت السياسة السعودية حيث تدعم المملكة وتحتضن كل ما من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية وانهاء الخلافات الداخلية والدعوة الى الحوار البناء، وهذا ما قامت به خصوصا مع اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب وتابعته في مختلف المراحل، وصولا الى المرحلة الحالية وما سبقها من اتصالات عربية وبشكل خاص مع سوريا من اجل مساعدة الاشقاء اللبنانيين على التوصل الى ايجاد حلول للمواضيع الخلافية، اضافة الى انفتاحها على مختلف الاطراف ودعوتهم جميعا الى دعم الدولة والمؤسسات وتفعيل الحوار الوطني لأنه السبيل الوحيد الى اجتياز المرحلة والتوصل الى اتفاقات شاملة”.
وأردف: “أما في الجانب الاقتصادي فلم توفر المملكة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومن الملوك الذين سبقوه، أي جهد في سبيل الوقوف بجانب لبنان ليستعيد دوره وموقعه الإقتصادي. وفي هذا المجال، هناك موقفان أساسيان من بين مواقف كثيرة، هما المساعدة في اطلاق ورشة اعادة الاعمار بعد توقف الحرب، والمساعدات الكبيرة التي قدمتها المملكة إلى الأشقاء اللبنانيين اثر عدوان تموز 2006 حيث حلت في طليعة الدول التي قدمت المساعدات إلى لبنان. هذا مع الاشارة الى الأعداد الكبيرة من الاشقاء اللبنانيين الذين يعملون في المملكة منذ عشرات السنين ويصيبون نجاحات باهرة ويشعرون بأنهم بين اهلهم وفي وطنهم الثاني”.
وقال: “الدور الذي تقوم به المملكة تجاه لبنان هو الدور الأخوي الايجابي الذي تقوم به مع كل الدول العربية والاسلامية الشقيقة، وهو نابع من التزامها جميع القضايا العربية والاسلامية، ومن قناعتها بأن الشعوب العربية والإسلامية واحدة وقضاياها واحدة، وإن اختلفت وجهات النظر في ما بينها في بعض الاحيان. ولعل الدور الاساسي الذي تقوم به المملكة في هذا المجال هو دور الوسيط المعتدل الذي لا يسعى الى غاية خاصة، بل إلى أن تكون الدول العربية والاسلامية في افضل مستوى من الاخوة والتفاهم والتنسيق، وأن تنعم شعوبها بالأمن والرفاهية والرخاء. لقد التزمت المملكة العربية السعودية القضية الفلسطينية التزاما كاملا، وهي تواصل جهدها في سبيلها على محورين: محور اول يدعو الاشقاء الفلسطينيين الى المصالحة والوحدة وتوحيد الاهداف، ومحور ثان يحث المجتمع الدولي على دعم القضية الفلسطينية واستعادة الشعب الفلسطيني اراضيه التي تحتلها اسرائيل واقامة الدولة الفلسطينية، إضافة إلى استعادة الحقوق العربية كاملة كمرتفعات الجولان وما تبقى من الاراضي اللبنانية التي تحتلها اسرائيل في مزارع شبعا والغجر وكفرشوبا. وفي ما يتعلق بمنطقة الخليج، فالتزام المملكة تجاه دولها الشقيقة راسخ وعميق، فالحضارة واحدة والتقاليد واحدة والأسر واحدة، وما يصيب دولة منها يصيب كل الدول، إذ تسارع المملكة في كل مرة الى الوقوف بجانب هذه الدول ونصرتها لأن الواقع الخليجي واحد ومصير دول هذ المنطقة مشترك”.
أضاف: “الاستراتيجية التي اتبعتها المملكة العربية السعودية لمكافحة الإرهاب ترمي إلى هدفين، أولا الدفاع عن الدين الاسلامي وتوضيح المفاهيم الخاطئة التي الصقت به وترسخت في العقل الغربي. وثانيا، معالجة هذه الظاهرة مرحليا عبر الاستعلام عن الارهابيين وضرب المصادر التي تمدهم بالمال والوسائل اللوجستية، ثم استيعاب هؤلاء في لجان مناصحة وارشاد وتوعية يتولاها علماء نيرون يساعدونهم على التخلي عن هذه الافكار والانخراط مجددا في المجتمع كعناصر بناءة، وفي موازاة ذلك ضرب من لم يرتدع وصولا الى اجتثاث الارهاب وحماية المجتمع من هذه الآفة”.
وتابع عسيري: “انطلاقا من هذه المعطيات وخلال عملي كسفير للمملكة العربية السعوية في باكستان حيث عايشت أسباب نشوء الارهاب عن قرب، قررت تأليف كتابي “مكافحة الارهاب” باللغة الانكليزية الذي طبعته جامعة “أكسفورد” البريطانية الرائدة لأهميته البحثية ولكون الموضوع من مواضيع الساعة عالميا، والهدف من كتابتي باللغة الانكليزية هو توجيه مضمونه الى القارىء الغربي لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي أفرزتها احداث سبتمبر 2001. لقد أجريت أبحاثا معمقة في تاريخ الارهاب وأسبابه في عدد من الدول ولدى كثير من الديانات والثقافات والمجموعات، وصولا الى المرحلة الحاضرة، وتبين لي أن الدوافع الحقيقية للارهاب غالبا ما تكون دوافع سياسية يلبسها المستغلون لبوس الدين، ويستغلون الفقر والجهل والحال المعيشية المزرية التي يعيشها بعض الافراد او المجموعات فيدخلون عليهم من باب الدين ويوصلونهم في النهاية الى الضلال. ونتيجة التدقيق في العديد من حالات الارهابيين، نجد أن الفقر والجهل والبطالة هي الاسباب الرئيسية التي جعلتهم يستغلون وينساقون في هذا الطريق ولو تأمنت لهؤلاء حياة كريمة مثل أي مواطن عادي لقطعت الطريق على جزء كبير من العمل الارهابي في العالم”.
وأشار إلى أن “القوة ليست الوسيلة الوحيدة لمكافحة الارهاب، بل إحدى الوسائل الممكنة”، لافتا إلى أن “الوسائل الأنجح التي تساعد مسبقا على عدم نشوء الارهاب هي تحسين الاوضاع المعيشية للفقراء وعدم ايجاد المسببات السياسية التي قد تستعمل للتأثير على الجهلة واثارة عواطفهم”، وقال: “لذا، فإن مسؤولية مكافحة الارهاب هي مسؤولية جماعية، وعلى المجتمع الدولي التوصل الى وضع استراتيجية عملية وفعالة تزيل دوافع الارهاب وتحمي المجتمعات من هذه الظاهرة الشاذة”.
أضاف: “أردت من كتابي التوجه إلى الرأي العام الغربي بلغته وطريقة تفكيره وعرض مسألة الارهاب بموضوعية والتدليل بشكل مباشر الى اسبابه، ما ظهر منها وما خفي، والحمد لله انني وفقت الى توضيح عدد كبير من المفاهيم الخاطئة، والكتاب يلاقي رواجا كبيرا خصوصا لدى البعثات الدبلوماسية والمنتديات الدولية والجامعات”.
ودعا الكتاب العرب والمفكرين والصحافيين إلى “التوجه إلى الرأي العام الغربي والجامعات والصحافة الغربية والمنتديات الفكرية ومناقشتهم بمنطقهم ولغتهم واسلوبهم في البلدان الغربية أو عبر دعوتهم الى الدول العربية لتصحيح ما رسخ في أذهانهم من افكار خاطئة عن العرب والمسلمين”، وقال: “إني لعلى يقين بأن امورا كثيرة ستتبدل، وسيشكل هذا التواصل أرضية صالحة للحوار بين الشعوب والثقافات والديانات الذي دعا اليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من اجل فهم الآخر وصالح الانسانية وبناء عالم افضل”.
أضاف: “ان تجربتي في باكستان ليست محصورة في الموضوع الذي تطرقت اليه فقط، رغم ان احداث الحادي عشر من سبتمبر وقعت بعد وصولي الى هذا البلد ببضعة أشهر، وقيض لي ان اكون في قلب الحدث وأن أتواصل مع الصحافة العالمية. ان الدور السياسي الذي قمت به في باكستان شبيه الى حد كبير بما أقوم به في لبنان، وهو التواصل مع الاطراف السياسيين كافة وحثهم على المصالحات، وكان بيت السفير السعودي هو البيت الذي تلتقي فيه الموالاة والمعارضة. كذلك، تسنى لي في باكستان الاشراف على توزيع المساعدات التي قدمتها المملكة إلى هذا البلد الصديق بعد الزلزال الذي ضربه، والحمد لله ان الطريقة التي اتبعتها في عملي بتوجيهات من قيادتي جعلت الصحافة الباكستانية ـ وأقول هذا بكل تواضع واحتشام ـ تثني الثناء العطر على الدور الذي قامت به السفارة خلال تلك الفترة”.
وتابع عسيري: “بالعودة الى لبنان، فإن مهمتي هي السهر على العلاقات السعودية – اللبنانية والعمل الدائم لما هو أفضل للبلدين والشعبين الشقيقين. ومن خلال تجربتي ومتابعتي واتصالاتي بت أكثر اقتناعا بأن متانة العلاقات الأخوية بين المملكة ولبنان على مستوى القيادتين والشعبين وكل القطاعات تسهل القيام بخطوات الى الأمام. وفي هذا المجال، أود الاعلان من هذا المنبر إنني اشجع واؤكد خلال زياراتي واتصالاتي على تعزيز التواصل بين المؤسسات اللبنانية والسعودية، بين الوزارات ورجال الأعمال والجامعات والمستشفيات والمصارف وما الى ذلك من قطاعات بهدف ايجاد مشاريع وبرامج خلاقة تخدم البلدين وتستمر بين المؤسسات حتى ولو استبدل وزير هنا او وزير هناك او نقل سفير من هنا أو سفير من هناك. وأعتقد أن هذه الخطوة ـ أي نقل العلاقة من المستوى الشخصي والبروتوكولي المعتاد الى المستوى المؤسساتي ـ تضمن الاستمرارية للمشاريع والبرامج وتعود بالنفع على الطرفين ولا تتعطل بسبب أي تغيير اداري. ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة تحتاج إلى ضوابط تقنية وقانونية، لكن لي ملء الثقة بأنها ستلقى القبول لدى كل الاطراف وستحقق أهدافها الايجابية في حال تم اعتمادها”.
وجدد التأكيد أن “العلاقات بين المملكة العربية السعودية ولبنان كانت ولا تزال جيدة في مختلف المراحل”، وقال: “لنا علاقاتنا الأخوية مع كل مكونات المجتمع اللبناني. ويسعدني القول إنه لي علاقات بكل أطياف المجتمع اللبناني، وأبواب السفارة السعودية مفتوحة على مدار الاسبوع لخدمة هذا الشعب الشقيق، وأحرص دائما على التواصل مع كل الاخوة، حتى لو كانت لهم خيارات تتباين في تفاصيلها مع الخيارات السعودية، ومن حسن الحظ انني اسمع من الجميع اشادة بدور المملكة في لبنان، وتقديرا للمشاعر الفياضة التي يظهرها خادم الحرمين الشريفين لهذا البلد وابنائه. ومما يثلج الصدر ان هذه الإشادة تصدر من الجميع وألمس من كل الاطراف تقديرا لدور المملكة المتوازن والبناء”.
أضاف: “إني أنتهز هذه الفرصة لإبداء التقدير لكل المسؤولين في الدولة اللبنانية وزعامات القوى السياسية على ما اجده منهم من عون لأداء مهمتي، وما ألمسه من تقدير لبلدي وقيادتي. وإني لا أتردد في كل مناسبة من التأكيد على أن لبنان يمتلك من مقومات التطور والنهوض، ما تفتقده بلدان عدة، وان مستقبل هذا البلد مشرق بمشيئة الله بتكاتف ابنائه الذين لا اشك في اخلاص أي منهم لوطنه وامته، واني ادعوهم من هذا المنبر إلى استخلاص العبر من مسيرة بلدهم وتاريخه، فحين تسود روح الوفاق يجد الازدهار طريقه اليهم، ويحتجب عندما تحل الفرقة وتتنازع الأهواء”.
وختم: “أحدث نفسي دائما بأن الأخوة في لبنان ليسوا في حاجة الى ناصح يزجي لهم النصائح او واعظ يقوم فيهم خطيبا، فهم اهل معرفة ووعي وخبرة، ولكن ان صدرت أي نصيحة فهي من باب المحبة للبلد وأهله. وفي هذا المجال، أقول إن أمنيات قيادة المملكة وكل محب للبنان أن يعمل الاشقاء اللبنانيون من اجل تحقيق مصالحة وطنية وان يضعوا المصلحة الوطنية العليا فوق كل المصالح وان يتوصلوا بالتفاهم والمصارحة والمصالحة الى حلول لبنانية لأنها الأفضل لهم ولوطنهم، واذا لم يحزم الاشقاء اللبنانيون امرهم بأنفسهم فإن أي جهة ستبقى عاجزة عن مساعدتهم. وربما يخطر في بالي في هذا المقام الإشارة الى ميزة يتسم بها لبنان قل ان يحظى بها بلد آخر، ألا وهي الاهتمام العربي والدولي به. لذا، يجدر بالاخوة في لبنان ان يلتفتوا الى هذه الميزة ويسخروا هذا الاهتمام لما يجمعهم ويدفع بلدهم على مسار التقدم، والمملكة العربية السعودية حريصة ـ كما هو دأبها دائماـ على مساعدة لبنان والتعاون مع كل الأشقاء والأصدقاء لحفظ الإستقرار في هذا البلد وتنميته”.
وأكد عسيري ردا على سؤال “أن المملكة العربية السعودية أعلنت انها مع استقرار سوريا وتسعى إلى الحلول الإيجابية والمخارج للمشاكل في أي بلد عربي”.
وشدد على “أن مسؤولية مكافحة الإرهاب تقع على المجتمع الدولي في الدرجة الأولى عبر تمويل المشاريع التنموية ودعم الدول الفقيرة”، لافتا إلى أن “الوهابية فسرت في شكل خاطئ في حين أنها حركة إصلاحية دينية”.
وذكر ب”مطالبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بإنشاء مركز عالمي لمكافحة الإرهاب في الرياض”، مشيرا إلى أن “المملكة العربية السعودية تنتهج نهج التطوير الدائم”.
وعدد “الخطوات الإصلاحية التي قام بها ولا يزال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز”، لافتا إلى أن “المملكة العربية السعودية تشجع اي خطوة تحقق المصلحة الفلسطينية

Previous Story

أمسية عشق لـ هياف ياسين على مسرح مركز الصفدي الثقافي

Next Story

افتتاح حديقة العاب للأطفال تقدمة من الكتيبة الكورية العاملة في اطار اليونيفل

Latest from Blog