/

الجمهورية : الأزمة تتفاقم ولا مبادرات…… ودعوات تستعجل الحكومة وتحذيرات من المخاطر

97 views
61 mins read

رادار نيوز  – كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : بداية اسبوع مفتوحة على أكثر من سؤال برسم السلطة السياسية: ماذا بعد؟ والى أين يؤخذ البلد؟ على الرغم من الهدوء الذي ساد في أعقاب ‏الحوادث الاخيرة، فإنه يبقى هشاً ومشكوكاً برسوخه وبعدم تكراره في اي وقت، في صور مقيتة أخرى وفي مناطق أخرى، طالما انّ اسباب ‏مثل هذه الحوادث لم تنتفِ. وهذا يعني، انّ هيبة الدولة بقواها السياسية وسلطاتها الرسمية وأجهزتها القضائية والأمنية ستبقى مهدّدة في اي ‏وقت، بالكسر والاهانة والتطاول عليها، على نحو ما حصل في الأيام الاخيرة‎.‎
‎ ‎
تلك الحوادث هي النتاج الطبيعي للفلتان السياسي الذي تتفرّع عنه كل الموبقات والأزمات التي يعاني منها البلد. وهو الأمر الذي ضخّم ‏مخزون القلق لدى اللبنانيين، الى حدّ الشعور بانعدام الامان وفقدان الثقة بالمسؤولين، فيما السلطة السياسية غارقة في سباتها العميق، ‏تغمض عيونها على كل ما يهدّد استقرار البلد، وعلى كل المستويات، وإن فتحتها فلا ترى سوى مصالحها وحدها، دون اي اعتبار لما ‏لصراخ الناس وخوفهم على مصيرهم‎.‎
‎ ‎
اللافت للانتباه، انّ ما حصل قبل ايام، والتوترات المتنقلة بين منطقة واخرى، لم يحمّس أصحاب الشأن والقرار السياسي، على الشروع في ‏مبادرة احتوائية لما جرى، تتجّه نحو لملمة أجزاء البلد المشتتة، خصوصاً انّ ما جرى قرّب البلد من لحظة مصيرية ووضعه امام منعطف ‏خطير يؤدي في أحسن حالاته الى “خراب البصرة”، على حدّ ما انتهت اليه بعض القراءات السياسية لما حصل‎.‎
‎ ‎
واذا كان أهل السلطة، من رسميين وسياسيين وحزبيين، قد رفعوا الصوت في عزّ أزمة تعطيل الحكومة بالتحذير والنصح، بأنّ قيامة لبنان ‏مهدّدة، وانّ البلد لم يعد يملك ترف إهدار الوقت، فإنّ الاحداث الاخيرة، وإن كانت قد اكّدت خطر هذا المنحى، فإنّها في الوقت ذاته، وكما ‏يقول مرجع كبير، يجب ان تُعتبر جرس إنذار مما يمكن ان يصل إليه البلد في حال استمر الفلتان السياسي على ما هو قائم عليه في هذه ‏الايام. فالوضع الداخلي بكل مفاصله بات يتطلب مقاربات جذرية لإعادة بناء الهيكل، الذي يشكّل الملف الحكومي احد أعمدته الاساسية، ‏علماً انّ هذه المقاربات ينبغي ان تكون مختلفة عن السياق الذي جرى اتباعه خلال أشهر التعطيل الستة، بل ينبغي ان تكون قائمة على ‏مبادرات جدّية أساسها التنازلات المتبادلة‎.‎
‎ ‎
وقال المرجع لـ”الجمهورية”: “ينتابني القرف مما يجري، أردنا البقاع آمناً ومستقراً لفتح الباب امام إنماء هذه المنطقة، فإذا ببعض الحالات ‏الشاذة تُمعن في تصرفات وتحدّيات للجيش اللبناني ومحاولات إعاقة مهماته في المنطقة والاعتداء على عناصره، والغاية واضحة، إبقاء ‏هذه المنطقة في موقع المتّهمة والمشوّهة هي واهلها جرّاء ما يرتكبه بعض الخارجين على القانون فيها‎”.‎
‎ ‎
أضاف المرجع: “وينتابني القرف من الانحدار المريع في مستوى التخاطب بين القوى السياسية، لم يعد تخاطباً سياسياً، بل صار اهانات ‏وشتائم تنعدم فيها الاخلاق، ثمة انحدار واضح، والشعور بالمسؤولية منعدم وكل طرف يصيح ويتلطى براعيه السياسي والطائفي، ناهيك ‏عن الارتكابات المتمادية في كل مفاصل الدولة، وليس من يسأل وليس من يُحاسب، كيف يمكن ان تخرج من هذه الدوامة؟ لا اعرف. لقد ‏اوصلوا الدولة الى وضع معطّل الى حدّ التعفّن، ومع الأسف ما زالوا مستمرين في هذا المنحى‎”.‎
‎ ‎
وقال: “ما جرى يوجب اكثر من اي وقت مضى، ان يدرك اللبنانيون معنى الفوضى. السفارات الغربية بدأت تسألنا ما الذي يجري عندكم، ‏ويعبّرون عن قلق على بلدنا، ونحن من جهتنا نصاب بالخجل أمامهم، ولا نعرف ماذا نقول لهم ، ولا نستطيع ان نبرّر، فكيف لا ونحن نتلهى ‏بوزير بالزايد ووزير بالناقص، فيما الفتنة والفوضى كالماء، تجري من تحت أقدامنا ونحن لسنا عابئين بذلك‎”.‎
‎ ‎
وحذّر المرجع من أنّ “ما حصل، وإن لم يتم تداركه، سيتسبب حتماً بما هو اسوأ، وكل ذلك مؤشر خطير على عمق الأزمة السياسية في ‏البلد، والتي تتفرّع عنها كل الأزمات الاخرى، وخصوصاً الأزمة الاقتصادية، وكذلك غياب الدولة. في الدول المحترمة أدنى حادث يؤدي ‏الى سقوط حكومة وعهود، اما عندنا فلا سقوط الّا للدولة والوطن مع الاسف‎”.‎
‎ ‎
وبحسب المرجع، فإنّ “الفرصة متاحة اليوم لأن يعيد كل طرف حساباته، والدخول جدياً في مرحلة حسم تأليف الحكومة، واذا كانت الكرة ‏هنا في ملعب رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف وكذلك النواب السنّة الستة ومن خلفهم “حزب الله”، فأعتقد انّ مبادرة الحل الأولى ‏والاخيرة تبقى لدى رئيس الجمهورية. المسألة لم تعد تحتمل، صرنا في سباق خطير مع الأزمة، واقل الواجب والمسؤولية هو ان نسبقها ‏قبل ان تسبقنا وتُسقطنا جميعاً‎”.‎
‎ ‎
العقدة الحكومية
سياسياً، يُنتظر ان تشكّل التطورات الاخيرة محور الكلمة التي يلقيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال افتتاحه عصر اليوم، المبنى ‏الجديد للمكتبة الوطنية في الصنائع. وفيما لم يطرأ تبدّل في مواقف الأطراف المعنية بعقدة تمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة، بل ظلت خلف ‏التصلّب المُتبادل، استعجل “اللقاء الديمقراطي” تشكيل الحكومة. وفي الاطار، أكّدت اوساط الرئيس المكلّف سعد الحريري لـ”الجمهورية” ‏ثباته على موقفه في ما خصّ هذه العقدة، مقابل تأكيد اوساط سنّة 8 آذار بأنّهم غير معنيين بأي مخرج حل للحكومة خارج تمثيلهم وبحقيبة‎.‎
وفي السياق ذاته، شدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري على انّ الضرورات صارت تحتّم التعجيل بتشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وكلما ‏عجّلنا بذلك تمكنّا من المعالجة المبكرة للخطر الداهم‎.‎
ولا جزم في عين التينة ما اذا كانت الحكومة ستولد قبل عيد الميلاد، وإن كان الرئيس بري يتمنى ذلك، لكنه ما زال ينتظر ما ستؤول اليه ‏حركة وزير الخارجية جبران باسيل، حيث هناك افكار مطروحة للحل، والوزير نفسه ما زال يقول إنّ مبادرته لم تنتهِ بعد‎.‎
وأكمل وزير المال علي حسن خليل موقف الرئيس بري بقوله: “انّ الحوادث الأخيرة التي حصلت، تقتضي وتفرض منا أن نسارع إلى ‏إكمال عقدنا الدستوري، عبر تشكيل الحكومة، ووضع كل الملفات المرتبطة بالاستقرار الأمني والسياسي، ‏ومعالجة الشأن الاقتصادي ‏‏والمالي على الطاولة، حتى نتجاوز القطوع الكبير الذي يهدّد البلد واستقراره وحياة الناس فيه ومصالحها، لانها هي الأساس‎”.‎
‎ ‎
الجاهلية
سلكت أحداث الجاهلية مسارها القضائي، وفيما امتنع الوزير وهاب عن الحضور الى قصر العدل في بيروت للإدلاء بإفادته بشأن الدعوى ‏المقامة ضده بجرم القدح والذمّ بعد تعرّضه للرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس المكلّف سعد الحريري، حضر وكيله معن الأسعد، الذي ‏تقدّم بثلاثة طلبات أمام غرفة التفتيش، من ابرزها طلب تنحية مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود وتحويل القضية الى محكمة ‏المطبوعات‎.‎
‎ ‎
مجلس القضاء
وأكّد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد أنّ “القضاء الجزائي في لبنان بذل ويبذل الكثير من الجهد ليؤدي الدور المنوط به”، ‏مشيرًا إلى أنّ “المصلحة العليا تقتضي من كلّ حريص معاضدة القضاء في سعيه الى أداء دوره كسلطةٍ مولجةٍ دستورياً بأمر إحقاق الحق ‏وتثبيت حكم القانون وفي سعيه المنصبّ على الحفاظ على صورته الحيادية”. وقال إنّ “القضاء عموماً في لبنان، بدعمٍ من رئيس ‏الجمهورية، يؤدي دوره على أكمل وجه بكلّ حيادية ووفق الأحكام القانونية المرعية الإجراء عبر مسار قضائي صرف منزّه عن أيّ ‏خلفيات أخرى‎”.‎
‎ ‎
مسعى “التيار‎”‎
في هذا الوقت، تحرّك”التيار الوطني الحر” على خط التهدئة، فزار وفد منه برئاسة الوزير طارق الخطيب بلدة الجاهلية للتعزية. على ان ‏يزور اليوم الامين العام لتيار “المستقبل” احمد الحريري ثم النائب تيمور جنبلاط ، وعصر الخميس النائب طلال ارسلان‎.‎
وقال الخطيب لـ”الجمهورية”: “بتوجيه من رئيس “التيار”، نحمل رسائل الى الاطراف التي نزورها بالدعوة الى اعمال العقل والتهدئة ‏وتخفيف التشنج وخفض مستوى الخطاب الاعلامي الذي يزيد الوضع توتراً‎”.‎
وهل يستفز مسعى “التيار” الرئيس الحريري أجاب: “عند وقوع اي نزاع سياسي بين اطراف لبنانيين، نشعر انّ علينا واجب التحرّك لتهدئة ‏الخواطر منعاً لوقوع الاسوأ، فالجميع يدرك خطورة الوضع ودقته، ولا اعتقد انّ تحرّكنا يستفز الرئيس الحريري ولا يجب ان يستفزه ابداً، ‏فهو ايضاً خطابه هادىء ويدعو الى التهدئة‎”.‎
‎ ‎
وفود
الى ذلك، امّت وفود سياسية وحزبية بلدة الجاهلية معزية بمقتل محمد بوذياب. وبرزت في السياق تغريدة لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” ‏وليد جنبلاط تقدّم فيها بالتعازي “بالشهيد محمد بوذياب، وكلنا في خدمة أمن الجبل أيّاً كانت الخلافات”. وتوجّه فيها الى “الرفاق ‏والمناصرين” قائلاً: “هناك كالعادة سلسلة من الاخبار الغريبة والمحرّضة، وأوضح أنّ التنسيق مع “حزب الله” منتظم كالعادة بالرغم من ‏تفاوت في وجهات النظر في بعض الأمور‎”.‎ 

اشتباك
في غضون ذلك، إرتفعت وتيرة الاشتباك السياسي على خط احداث الجاهلية، بين الوزير السابق وئام وهاب وتيار “المستقبل”، الذي اكّد ‏عبر محطته التلفزيونية “انّ لا مفرّ من العدالة، ولن يعبر مرور الكرام خروج المطلوب من العدالة، وئام وهاب، عن منطق الدولة ‏وخروجه عن القانون عبر تحضير مجموعات مسلحة لمواجهة قوة أمنية رسمية مكلّفة تنفيذ قرار قضائي صادر عن سلطة رسمية”. وكذلك ‏بين تيار “المستقبل” و”حزب الله”، وشرارة الأمس تولّدت على خلفية ما قاله مصدر رفيع المستوى في “حزب الله” لإحدى القنوات المحلية ‏بأنّ “الحزب الذي رفض ما حصل في موضوع تدني الخطاب السياسي، بغض النظر عن مُطلِق هذا الخطاب، رفض إرسال القوة الأمنية ‏الكبيرة من قبل فرع المعلومات إلى الجاهلية، لاقتناعه بأنّ ما كان يُحضَّر هو أكبر بكثير من قضية اعتقال أو إحضار وئام وهاب‎”.‎ 

وبحسب المصدر، فإنّ “الوضع السياسي في لبنان كان سيؤدي، نتيجة الخطوة غير المدروسة في الجاهلية، الى فتنة في الجبل، وفتنة ‏طائفية في البلد، وصولًا حتى وضع لبنان على حافة الحرب الأهلية‎”.‎ 

وإذ حمَّل المصدر السلطة السياسية وتحديدًا الجهة المسؤولة عن إصدار الأوامر بعملية الجاهلية، اي رئيس الحكومة المكلّف سعد ‏الحريري، مسؤولية ما حصل، أكّد أنّ الحزب وحده ومن دون أي جهة أخرى، منع البلد من الإنزلاق إلى الحرب الأهلية عبر الضغط الذي ‏مارسه على الأطراف المعنية‎.‎ 

وردّ مصدر رفيع المستوى في تيار “المستقبل” على كلام المصدر الرفيع في “حزب الله” بقوله: “إنّ التهويل على اللبنانيين بممارسة ‏التدخّل لمنع وقوع حرب اهلية، هو تهويل في غير مكانه، هدفه التغطية على اساس الجرم الذي ارتكبه المدعو وئام وهاب بالتعدّي على ‏الكرامات، وكذلك التغطية على جرم العصيان وتصدّي السلاح غير الشرعي للقوى الامنية الشرعية، ما تسبب بمقتل الشاب المرحوم محمد بو ‏ذياب‎” .‎
واضاف المصدر: “إنّ المسؤولية اولاً واخيراً تقع على السلاح المتفلت والخارجين على القانون، وليس على القوى الامنية التي كانت على ‏اعلى درجات التحلّي بالمسؤولية وضبط النفس‎”.‎

Previous Story

النهار : أي “متراس” بعد الجاهلية ذريعة للتصعيد ؟‎

Next Story

الحياة : جنبلاط يعد بطرح جملة اقتراحات “اللقاء الديموقراطي”: لجلسة استثنائية للبرلمان

Latest from Blog

متعبةٌ صياغةُ الفكرة، لكنها مريحة في بوحِ أريجها     بين قيدٍ ودرب     تستوقفني