رادار نيوز – كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : مشروع وعد جديد بتشكيل الحكومة قبل آخر السنة، وإذا أُمكن قبل عيد الميلاد، يجري طبخه على حلبة التأليف. وأما مكونات هذه الطبخة، فكناية عن مجموعة من الافكار التي يقول معدّوها، بأنّها قابلة لأن تشكّل السنّارة السحرية لاصطياد الحكومة من بحر التعقيدات والتعطيل، الذي غرقت فيه لما يزيد عن ستة اشهر. لكن ما رشح عن هذه الأفكار لا يؤشر الى أنها من النوع الذي يمكن ان يعجّل بولادة الحكومة.
قرّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما هو واضح، ان يُمسك بطرف هذه السنّارة، معوّلا على مشاورات أطلقها في الساعات الماضية، لعلّه يجد من يشاركه من المعنيين بعقدة تمثيل سنّة 8 آذار، في محاولة صياغة تفاهم وبلورة مخرج يؤدي الى بلوغ الصيد الحكومي الثمين في اقرب وقت ممكن، فيكون بمثابة عيدية تُقدّم الى اللبنانيين في فترة الاعياد. فعقد لهذه الغاية لقاءين وصفا بالايجابيين مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلّف سعد الحريري، على ان يستكمل مشاوراته اليوم بلقاء وفد من “حزب الله”.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” أن مبادرة رئيس الجمهورية التي بدأها مع كل من بري والحريري هي مبادرة جدية ومسؤولة وأنه سيواصلها اليوم.
وذكرت المعلومات ان عون سيلتقي قيادات من “حزب الله” ومختلف الكتل والقوى السياسية ساعياً الى تقريب وجهات النظر وبلورة الحلّ ما يسهم في توليد تشكيلة حكومية مقبولة يلتفّ حولها الجميع. ويظهر حتى الان، وفق المعلومات، أن لا مؤشرات لصيغة محدّدة بل مجموعة طروحات يفترض أن تأخذ طريقها الى النقاش بين المعنيين.
وفيما لم تستبعد مصادر معنية بالملف الحكومي إمكان ان تشمل مشاورات رئيس الجمهورية نواب “اللقاء التشاوري” وشخصيات اخرى، لوحظ انه حتى يوم امس ، لم يكن ملحوظاً في هذه المشاورات اي لقاء لرئيس الجمهورية مع النواب الستة ، الذين اكّدت اوساطهم لـ”الجمهورية”: “انّ زيارة اي منهم الى عين التينة واردة في اي وقت بعد زيارة بري الى بعبدا”.
تكتم
وعلى ما يبدو، انّ تفاهماً رئاسياً واضحاً قد تمّ حول إبقاء الافكار المطروحة على مائدة المشاورات الرئاسية طي الكتمان. وكان لافتاً في هذا السياق مغادرة بري اللقاء مع رئيس الجمهورية من دون الإدلاء بتصريح، مكتفياً برفع يديه الى الاعلى بالدعاء.
فيما ردّ الحريري على اسئلة الصحافيين، وقال: “لندع فخامة الرئيس يقوم بمشاوراته وعند عودتي من السفر سنكمل ما بدأناه”.
بري
وأبلغت دوائر قصر بعبدا “الجمهورية” ، انّ عون وبري تشاورا في موضوع التأليف، واستعرضا العِقد التي استُجدت بالتفصيل، وكيفية فكفكتها بعدما تعثرت المبادرة التي قادها وزير الخارجية جبران باسيل في الأسبوعين الماضيين، والتي لم تنته الى النتائج التي ارادها.
وآثر الرئيس بري عدم الدخول في التفاصيل، مكتفياً بالقول لـ”الجمهورية” انّ “البحث تناول ما يقوم به رئيس الجمهورية للتسريع في ملف الحكومة، عرضنا مجموعة من الافكار، وانا من جهتي تقدّمت بمجموعة افكار، نأمل في نهاية المطاف ان نصل الى تحقيق الغاية المرجوة، وهي تأليف الحكومة في اسرع وقت”. كما ان الرئيس المكلّف حرص على عدم الخوض في تفاصيل الافكار، الا انه اشار الى انّ الوصول الى تشكيل الحكومة امر ممكن.
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ الرسالة الرئاسية الى مجلس النواب، ما زالت خياراً قائماً، ربطاً بالحق الدستوري لرئيس الجمهورية في توجيهها الى المجلس، الّا انّها وُضعت على الرفّ ، وصُرف النظر عنها في هذه المرحلة، في انتظار ما ستؤدي اليه المشاورات التي بدأها الرئيس عون. وتمّ البحث في هذه الرسالة، في لقاء النصف ساعة بين عون وبري، ولقاء الساعة والدقائق العشر مع الرئيس المكلّف، وتكوّن ما يشبه القناعة بأنّ مثل هذه الرسالة لن تكون لها اي مفاعيل ايجابية على خط التأليف، بل على العكس يمكن ان تتأتى منها نتائج سلبية، ومن شأنها ان تفتح نقاشاً سياسياً وغير سياسي يبدأ ولا ينتهي.
وكان واضحاً انّ بري يعتبر انّ لا لزوم لهذه الرسالة في الظروف الراهنة، في ضوء التشدّد الذي عبّرت عنه المواقف المتناقضة من العقدة السنّية المتناقضة على اكثر من خلفية سياسية وغير سياسية.
عون والحريري
وتضيف المعلومات، بأنّ مواقف عون وبري حول مكامن العِقد الماثلة في طريق الحكومة، تقاطعت عند اهمية الاستعجال في تشكيلها، وانّ رئيس الجمهورية عبّر عن ضيق من الوقت الذي ضاع حتى الآن على طريق التأليف، من دون الوصول الى توافق على حكومة. فيما اعتبر رئيس المجلس، انّ من الضروري التوقف عن نزيف الوقت وكذلك وقف النزيف الاقتصادي الذي يتفاقم ويستنزف كل فئات الشعب اللبناني، وتشكيل الحكومة هو العامل الاساس في وقف هذا النزيف.
وتشير المعلومات، الى انّ اللقاء بين عون والحريري، سادته بعض التوضيحات التي صدرت في الآونة الاخيرة عن رئيس الجمهورية، وجرى تضخيمها وأُخذت على غير مقصدها من قبل البعض، وعبّر الرئيسان عن حرص مشترك على التعاون معاً، وعلى اهمية بلوغ حكومة في اقرب وقت.
وبحسب المعلومات، قدّم الرئيس عون افكاره الى الرئيس المكلّف، وجرى نقاش في بعضها، على ان يتم درسها في الايام المقبلة، ما يعني انّ الرئيس المكّلف لم يقدّم اجوبة فورية على افكار عون، تاركاً الامور الى ما بعد عودته من السفر نهاية الاسبوع الجاري.
كما تشير المعلومات، الى انّ رئيس الجمهورية كان صريحاً للغاية، عندما عبّر عن ضرورة القيام بأي خطوة من الرئيس المكلّف للخروج من المأزق، مع تشديده على اهمية حماية التكليف الذي ما زال في حوزته، رافضاً التفسيرات التي أُدخلت على موقفه من باب الإستيلاء او الإعتداء على صلاحيات الرئيس المكّلف، وهو كان قد احترمها من قبل وما زال عند موقفه الذي يشاطره فيه حتى المختلفون مع الرئيس الحريري، في إشارة الى موقف “حزب الله” بطريقة غير مباشرة.
رفض التوزير
وفي اللقاء، جدّد الحريري موقفه من رفضه توزير احد اعضاء مجموعة النواب الستة، وعلّل رفضه لفكرة توسيع الحكومة بالشكل المطروح، للأسباب المعروفة والتي ابلغها سابقاً الى باسيل وما زال مصرّاً عليها، وهو لن يقبل بتوليد اعراف لم تشهدها اي عملية تأليف من قبل.
وفي السياق، قالت مصادر مطلعة على افكار عون لـ”الجمهورية”: “واضح انّ رئيس الجمهورية يحاول كسر الجمود في التأليف المعطل، وربما ينجح وربما لا ينجح، ذلك انّ العقدة المستحكمة في طريق الحكومة صعبة جداً، ولا تتطلب افكاراً عادية سبق ان تمّ طرحها ورُفضت، بل تحتاج الى افكار نوعية تعجّل في ابصار الحكومة النور”.
واذ اوحت المصادر الى انّها لم تلحظ وجود الافكار النوعية، اشارت الى انّ طرح توسيع الحكومة الى 32 وزيراً ما زال قائماً، ورئيس الجمهورية ما زال يتساءل حتى الآن لماذا لا يقبل الرئيس المُكلّف به.
ورفضت المصادر تأكيد او نفي ما اذا كان طُرح ان يتخلى رئيس الجمهورية عن وزير سنّي من الحصّة الرئاسية لصالح توزير احد نواب سنّة 8 آذار، من ضمن الافكار الرئاسية المطروحة في مشاورات رئيس الجمهورية، الا انّها لفتت الانتباه في الوقت نفسه الى انّ هذا الطرح يُعتبر نوعياً.
باسيل
الى ذلك، قالت مصادر الوزير جبران باسيل لـ”الجمهورية”، انّه يؤيّد كل خطوة يتخذها رئيس الجمهورية. رافضةً استباق الأمور والتحدث عن رسالة “لا نعرف مضمونها، وما إذا كان الرئيس قد اتخذ قراره بتوجيهها”. ومُستغربة التسوية بين الطرفين المتنازعين على حساب رئيس الجمهورية، ومتسائلة عن الاصرار في كل مرة على أن تكون التسوية بين هذين الطرفين على حساب رئيس الجمهورية ووفق أي منطق؟ مطالِبة الحريري بالقبول بتمثيل السنّة المستقلّين في الحكومة، عملاً بالقاعدة التي وضعها بنفسه وأصرّ على أن يكون معيارها وعنوانها “الوحدة الوطنية”.
وفي سياق آخر، لفتت مصادر الوزير باسيل، انّ ما يشغله حاليّاً “هو الوثيقة الخطيرة التي تناقشها الامم المتحدة، ولبنان هو المعني الاكبر بها، لأنّ المسألة أخطر ممّا يتصوّر البعض”.
وكشفت المصادر، أن خلاصة مَساعي باسيل لتشكيل الحكومة استندت على قاعدة أنّ رئيس الحكومة هو أوّل مَن طالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد هدف مسعى باسيل الى تلبية رغبة الحريري في هذا الصدد، وبالتالي وضع المعايير التي تُحققها. وتلفت، الى انّه عملاً بهذا المنطق تصبح الكتلة السنّية الناشئة حديثاً كتلة صاحبة حق في التمثيل، موضحة ًانّ المشكلة هي انّ الرئيس الحريري يكسر القاعدة التي وضعها هو، عندما يقول إنّه يريد حكومة وحدة وطنية يُمثّل فيها الجميع بحسب أحجامهم السياسية، ولكن باستثناء النواب السنّة الستة. كما تعتبر تلك المصادر أنّ الفشل في تشكيل الحكومة هو فشل للجميع، وليس للحريري فقط”
”الكتائب” والحريري
على صعيد آخر، لوحظت امس زيارة قام بها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى بيت الوسط والتقى الرئيس الحريري.
وعكست مصادر بيت الوسط لـ “الجمهورية” الأجواء الإيجابية التي شهدها اللقاء بين الحريري والوفد الكتائبي، ولفتت الى انّ الحريري رحّب بالوفد وشكره على موقفه المتضامن معه، رغم دعوته الى حكومة من الإختصاصيين لقطع الطريق وانهاء ازمة الحصص الحكومية. واصرّ الحريري على توديع الجميل والوفد الى الباب الخارجي.
وفي الوقت الذي اكّدت فيه مصادر بيت الوسط على القول، انّ تصريح الجميل عكس بأمانة ما شهده اللقاء في جانب كبير منه، علمت “الجمهورية” انّ الجميل اكّد خلال اللقاء على دعم الحزب للحريري في مهمته، متمنياً عليه الإسراع بتشكيل حكومة الاختصاصيين بالسرعة التي تقتضيها المخاوف من الأزمات المنتظرة ولا سيما على المستوى الإقتصادي، والتي تهدّد بتقويض ما أُنجز الى اليوم من استقرار نقدي ومالي وتفاقم الأزمة الإقتصادية التي بدأت تنعكس كلفة عالية لحماية سعر الليرة وعدم توفر العملات الصعبة في الأسواق بالشكل الذي كان قائماً من قبل.
ماي
على صعيد آخر، سيكون في جدول اعمال زيارة الرئيس سعد الحريري الى بريطانيا لقاء مع رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي.
يُذكر انّ زيارة الحريري تتزامن مع نقاشات مجلس العموم البريطاني حول اتفاق “بريكست”. وقد اعلنت ماي امام مجلس العموم أمس تأجيل التصويت على الاتفاق الذي كان مقرراً امس، بسبب الانقسامات العميقة في صفوف النواب الذين هدّدوا برفضه.
وقالت ماي: “سنؤجّل التصويت”، مشيرة إلى معارضة النواب بشكل خاص، للحل الذي تمّ التوصل إليه لمنع عودة الحدود فعلياً بين إقليم ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا، المعروف باسم “شبكة الامان”.